اتفاق الرياض.. هل سيكون استراحة محارب للإخوان

> جون كنيدي

> السؤال هو لماذا بعد توقيع اتفاق الرياض زادت وتيرة التصعيد في عدن؟ ومن المستفيد؟ وما هو الذي جد حتى ترفع اليمننة الإخوانجية وتيرة التصعيد؟
من خلال الطريقة التي يتعامل بها مشروع الإخوان اليمن في الشرعية - بصفته طرف لم يوقع وليس معنيا باتفاق الرياض - يتأكد أن الاتفاق لا يعني شيئاً لهم إلا استراحة محارب، فالإخوان منذ ما قبل الاتفاق أثبتوا أنهم الطرف الأقوى في الشرعية، فعملوا على محورين لإفشال أي اتفاق ترعاه السعودية:

الأول: نشاط سياسي شعبوي عنوانه جنوبي لإثارة الفوضى لإعطاء رسالة للجوار وللعالم أن الخلاف جنوبي/ جنوبي، وأيضاً لمحاولة تفكيك اللحمة الجنوبية الشعبية الملتفة بمشروع استقلال الجنوب العربي وخلخلتها عن الالتفاف حول المجلس الانتقالي الذي تعززت مصداقيته إقليمياً ودولياً، وتعمقت في الجنوب شعبياً وسياسياً وعسكرياً بمحاولات إخوانجية لدق أسافين لشرذمتها قرويا وجهويا لتثبت للعالم أن الجنوبيين غير جديرين ولا موثوقين بحكم الجنوب، وواقع حال هذا التيار الجنوبي أنه يمثل أقصى تطرف اليمننة في الشرعية للهيمنة على الجنوب وهو "ظاهرة صوتية" لأنه تيار أفلس حتى في مناطقه، فاستغل إخوان اليمن فشله وإفلاسه السياسي والجماهيري ورغبته الثأرية ليحمل أسفار مشروعهم وخطابهم وتهديداتهم بأسماء وشخوص جنوبية يحتاجها إخوان اليمن في هذه المرحلة، تركز على المناطقية فتحترقهم كعنوان محلياً حتى في حواضنهم ولا يثق العالم بهم كتيار لما يحمله من خطاب مناطقي ويكون مشروع الإخوان هو الوارث.

والثاني: عمل عسكري ونخبوي وإعلامي كبير من يمننة الإخوان اليمن في الشرعية، بمعزل عن نشاط وحركة الواجهة الجنوبية، فدفع بطريقة أو بأخرى لاجتماع مطعم الرومانسية ثم إقليم حضرموت ثم نغمة عدن للعدنيين والترويج للخطاب القروي الذي تطفح به مجاري كتاباتهم من الجنوبيين.

والواضح أن التسلسل في التصعيد لم ينطلق من تلقاء ذاته، كما أن اليمننة الإخوانجية في مأرب تحاول أن تنتهج أسلوب قدوتها "إني برئ.."، فجعلت بينها وبين "الظاهرة الصوتية الجنوبية" مسافة، وهو نوع من المناورة السياسية تريد أمارتهم في مأرب أن تبتعد هذه المرة، فإمارة الأعمال القذرة لأخوان اليمن هذه المرة ستكون إمارة شبوة الإخوانجية، فأدواتها وقيادة مشروعها ومراكز وجودها ممتدة من شبوة إلى شقرة، وستكتفي إمارة مأرب بالدعم والإسناد والدعم بالمقاتلين، وسيعمل مشروعهم جاهدا بتضخيم "الظاهرة الصوتية الجنوبية" تجعل الصراع وكأنه جنوبي/ جنوبي مثلما اجتهدت أن يكون توقيع الرياض جنوبي/ جنوبي.

إن تباطؤ الحكومة وعدم نزولها إلى عدن في وقتها المزمن للقيام بمهامها التي حددها الاتفاق لا يؤكد نية المماطلة من الحكومة؛ بل يؤكد نية إعداد إخوانج الشرعية لضربة عسكرية ماحقة - إن استطاعوا - وخلق ظروف وحقائق على الأرض وتحقق التواصل والربط مع مشروع الإخوانج في تعز - إن استطاعوا أيضا - السيطرة على عدن وتفرض أمراً واقعاً على جبهة الساحل الغربي، وتنهي أيضا اتفاق الرياض والطرف الجنوبي الذي وقعه، وتقدم "خيال مآته صوري" ممثلاً للجنوب كما في كل استحقاقاتهم، فالنغمة على عدن ومصالحها والنهب الذي تتعرض له وتشويه معالمها يبرز بأن عدن كانت مثل باريس لولا ظهور الانتقالي في الساحة الجنوبية؛ بل وصلت أبواقهم بالتهديد للجوء للأمم المتحدة للضغط على التحالف وبالذات المملكة بشأن عدن وهو نوع من التأليب الشعبوي داخل عدن لأمر ما! أما التهديد باللجوء للأمم المتحدة فإنها ليست مؤخرة ميليشياوية للإخوانج!

لكن ذات النغمة الآن هي التي سادت إعلامياً قبيل غزوة عدن في أغسطس الماضي، فكان التصعيد حينها في شبوة هو مبرر الغزو، والآن سيكون تاويل الاتفاق هو المدخل للمعركة القادمة.

إن الحركة على الأرض والاستعدادت العسكرية العالية وكثافة التجنيد والتسليح وتعدد المعسكرات التي تعتمل في شبوة بدرجة أساسية، وكذا الاتجاه إلى المهرة التي لن يكون أي عمل فيها الآن إلا لصرف الانتباه عن قوة الاستعداد والإعداد في شبوة ومناطق التماس في أبين كل ذلك مؤشرات إلى أن المسألة ليست زوبعة وزيرين مهددين بالاستبعاد في التشكيل القادم؛ بل تؤكد وجود مشروع لضرب الاتفاق بإحكام السيطرة على عدن ليتواصل المشروع الإخواني بكثافته الميليشياوية في تعز، وفرض أمر واقع يحاصر المملكة في عدن ثم ضربها في المهرة خاصة وأن ذات القوى التي شيطنت الإمارات خلال السنوات الماضية بدأت حملتها ضد المملكة.

لا تجهل المملكة ما يراد لها، فصنعاء إيرانية وإن حاورت أو فاوضت أو وقعت أية عهود، فقد ينحني الحوثيون لأجل تفكيك التحالف لينطلقوا بجولة أكثر شراسة أما قطع الولاء عن إيران فهو خارج الحسابات السياسية، فالحوثية ليست ظاهرة سياسية ميليشياوية؛ بل تتطلب معالجات غير سياسية! وأغبى المعالجات الاعتقاد بأن معالجتهم بالإخوان ناجعة فهم أيضا ليسوا ظاهرة سياسية ميليشياوية؛ بل هم أخبث لأنهم يؤخنون المؤسسة العسكرية بزرع ميليشياتهم فيها ضمن مخطط تحويل المؤسسة إلى ميليشيا إخوانية، لقد حاولوا أثناء حركة التغيير استمالة القوات المسلحة والسيطرة عليها، ففشلوا لكنهم استطاعوا باسم الشرعية أخونة الكثير من ألويتها التي صار ولاؤها إخواني أكثر منه شرعي، وعلاقة الإخوان بتركيا هي ذات علاقة الحوثي بإيران، ولو نجح المشروع الإخواني في الجنوب، فإن بقية الجغرافيا ستكون لصالح المشروع التركي وسيجد "العجم: الترك والفرس" صيغة لتنظيم مشروعيهما ضد السعودية بدرجة أساسية باعتبارها آخر حصن عربي يقدر على خلق فعل قادر أن يصد أطماعهم ومخططاتهم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى