الحديدة.. فتيات عُرضة لسلب الحقوق من الأهل

> تقرير/ خاص

> بين الأحياء الشعبية في محافظة الحديدة فتيات يتكبدن ظلم وتعسف الأهالي نتيجة لتهميش حقوقهن وتقيد حريتهن في التصرف بالمبالغ التي يتحصل عليها لقاء أعمالهن في المجال الخاص.

وبرغم كل ما يواجهنه من معوقات تسعى الكثيرات منهن لتحقيق ما يطمحن إليه لتحسين مستويات حياتهن ومعيشتهن اليومية، من خلال الالتحاق بأعمال ومهن مختلفة.

سامية واحدة من الفتيات اللاتي يتعرضن لمضايقات بعض الأهل على الرغم من أنها تُعيل من خلال مرتبها الذي تتقاضاه من العمل في ركز للنظارات في المدينة أسرتها المكونة من شقيقاتها الأربع ووالدتها واثنين من أخويها.
مضايقة
تقول سامية: "أتحصل على راتب لا يتجاوز الـ 40 ألف ريال، لقاء العمل في مركز خاص بالنظارات، ومن خلال هذا المبلغ استطعت مساعدة وتحسين الوضع المادي لأسرتي المكونة من 8 أفراد بعد وفاة والدي وإصابة شقيقي بمرض سرطان الدم والذي جعله عاجزاً عن العمل بعد أن كان هو من يتولى توفير احتياجات الأسرة".

وتشير في حديثها لـ«الأيام» إلى أن أخاها هلال، وهو شقيقها الأكبر، استطاع قبل مرضه أن يسد الفراغ الذي تركه والدها المتوفى، غير أن مرضه جعله قاعداً بلا عمل.

ونجحت سامية في إيجاد عمل؛ ولكنها في المقابل وجدت من استبداد والدتها مشكلة أخرى إلى جانب الوضع المزري التي تعيشه أسرتها.

تقول في قصتها التي تشبه قصص الكثير من الفتيات اللاتي يعملن بكل ما بوسعهن لإسعاد أهاليهم وتوفير حياة كريمة تليق بهم: "وجدت نفسي وأشقائي بعد وفاة والدي ومرض أخي الأكبر نعيش حالة من الحرمان والضياع، فسخرت كل جهدي وصحتي وعمري في سبيل توفير حياة لأفراد الأسرة".


باتت سامية والتي تخرجت عام 2011-2012م من إحدى الكليات التابعة لجامعة الحديدة، تحرم نفسها من أبسط الحقوق من أجل أشقائها وسعادتهم، كما تحرص على توفير كل احتياجاتهم وتعليمهم، ومع ذلك تجد مضايقة كبيرة من والدتها كما تقول، وتضيف: "والدتي تحاربني وتضيق عليّ وتجبرني على دفع مصاريف القات يومياً لها ولأخي الذي شجعته على تعاطي القات، مع أني قد ساعدته بشراء دراجة نارية بالتقسيط ليساعد الأسرة في توفير المصاريف، غير أن إدمانه للقات جعل أمي تجبرني أيضاً على توفير مصاريف له هو الآخر بهذا الخصوص وبشكل يومي".

وتتابع: "لم تكتفِ أمي بهذا الطلب؛ بل إنها تريد مني أن أسلمها الراتب كاملاً نهاية كل شهر، وترفض أن آخذ منه ولو جزءاً بسيطاً؛ لأتمكن من الذهاب للعمل من خلال وسائل المواصلات لبُعد مقر عملي عن المنزل بدلاً من السير على الأقدام الذي أجبرتني عليه يومياً"، مضيفة "حاولت مراراً إقناعها بأن المبلغ الذي تريده لشراء القات لها ولأخي قد يوفر ما ينقص من متطلبات البيت لكن دون جدوى، وكلما قررت طاعتها وإعطاءها الراتب، تنقص أشياء كثيرة من احتياجاتنا نتيجة لشرائها القات".
تعنت الأشقاء
الشابة ثراء، والتي تعمل في منظمة حقوقية هي الأخرى لا تفرق معاناتها كثيراً عن سامية، إذ تشكي تعنت أشقائها ومصادرتهم لحقوقها، الأمر الذي جعلها تخفي نصف راتبها.

تقول في حديثها لـ«الأيام»: "تُوفي والدي وأنا بعمر خمسة أعوام، ومن ثم تعرضت والدتي إلى إعاقة إثر صدمة، وحتى أتمكن من إعالتها ورعايتها اقترحت على أشقائي المتزوجين بأن تظل والدتي معي وسأتحمل كل ما تحتاجه بنفسي غير أنهم رفضوا طلبي بشدة وأصروا أن نظل بينهم مع إجباري على دفع تكاليف الاحتياجات الخاصة بأسرهم وأطفالهم أيضاً تحت مبرر (اتحملي أمك)، في الوقت الذي ترفض فيه زوجاتهم إعانة والدتي وقضاء احتياجاتها".

وتضيف ثراء (35 عاماً): "حتى الآن لم أجد الشخص المناسب، وتقدمي في العمري يوجب عليّ أن أؤمن نفسي للمستقبل والذي قد لا أجد فيه شقيقاً ولا ومعيناً، ولهذا اضطررت لإخفاء نصف راتبي، نتيجة لتعنت إخواني وإجباري على تحمل ما لا يطيق حمله من المسؤولية".
"حق القات"
"إما أعطيه فلوس أو ما فيش خروج من البيت".. هكذا بدأت فاطمة (اسم مستعار) حديثها عن معاناتها مع والدها.

وتضيف: "أبي يرفض أن أخرج من البيت إلا بعد ما أعطيه حق القات، وهكذا يتصرف معي كل يوم".

وبحسب فاطمة، فإن شقيقتها سمراء ترفض كثيراً تنفيذ طلب والدها، ولكنها تتعرض للضرب في حال خرجت خفية، موضحة أن والدتها تعاني في الوقت الحالي من انزلاق في عمودها الفقري بسبب الضرب التي تعرض لها من والدها أثناء محاولتها منعه من ضربهن.


علياء وهي صديقة فاطمة تعاني كذلك من نفس المشكلة، وعلياء تعمل معلمة في مدرسة خاصة، يجبرها والدها على إعطائه مرتبها كاملاً، وفي حال لم تلتزم يمنعها من الذهاب إلى دوامها.

تقول علياء إنها لا تستطيع إخفاء جزء من راتبها؛ لمعرفة والدها بالمبلغ التي تتقاضاه من قِبل إدارة مدرستها، مشيرة إلى أنها باتت حالياً تفكر بترك العمل لاسيما أنها أصبحت لا تتحصل على أي مبلغ من مرتبها، فضلاً عن إرغامها على الذهاب إلى مدرستها مشياً على الأقدام لمسافات طويلة.
لا مبالاة
قصة نبيلة تختلف كثيراً عن سامية والأخريات، حيث عجزت عن إكمال تعليمها بسبب الوضع المتردي لأسرتها، وأضحت تعيش مع والدتها بعد وفاة والدها وتزوج شقيقتيها بسمة وأمل.

تبلغ نبيلة (37 عاماً) وكلما تقدم لها شخص وجدت نفسها غير قادرة على ترك والدتها خصوصاً أن أشقاءها وزوجاتهم غير مبالين ولا مهتمين بها.

تقول لـ«الأيام»: "أعيش مع والدتي على راتب أبي الذي كان يعمل في أحد المصانع في الحديدة، أما إخواني فلا يسألون عنا، فكل واحد منهم همّه أطفاله وزوجته.. اتصالاتهم تردنا فقط في حال مرضت أمي ولا يسألوني من خلالها عن صحتها؛ بل إن كان لديها ذهب وأشياء أخرى".

ليس هذا ما تعانيه نبيلة وحسب؛ بل إنها كلما طالبت أخويها بالاهتمام بأمهم وإعطائها مصاريف، تجد زوجات إخوانها وأطفالهم يتهجمون عليها وينعتونها بـ "العانسة"، كما تقول.

الشابة خلود نزحت من تعز بسبب الحرب واستقرت في مدينة الحديدة وتحديداً في منطقة الإنشاءات تعيش في منزل شعبي فتح لهم بابه فاعل خير بعد أن عرف سكان الحي مرض شقيقتها بسرطان الدم.

تمر خلود أحياء وشوارع المدينة كل يوم تطلب المساعدة لعلاج أختها، تقول خلود لـ«الأيام»: "مات أبي وأمي ونحن صغار، لم نجد أحداً غير الله يساعدنا في الوقت الذي يوجد لدينا أربعة أشقاء ولكن دون أي فائدة منهم، فوجودهم وعدمهم سواء"، على حد تعبيرها.

وعلى الرغم من كثرة الندوات الدعاية لتحرير المرأة ولكن دون فائدة، فما زالت الفتاة في الحديدة تتعرض لشتى أنواع الانتهاكات من الأهل والمجتمع على حدٍ سواء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى