استقالة

> شهاب الحامد

> أكثر اللحظات المحبطة والتي أحسست فيها بالانكسار والقهر، كانت في مساء 26 مارس 2015م، أي ليلة انطلاق عاصفة الحزم التي غيرت كل العناوين وجعلت من المستحيل ممكناً، وأخرى كانت في صباح يوم 6 مايو 2015م، أي يوم استشهاد شيخ المقاومين الجنوبيين اللواء علي ناصر هادي العلهي، وهو الذي لم يمنعه كِبر سِنّه وقلّة العدّة والعتاد والتدريب والاستعداد من قبول المهمة (قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة)؛ بل كان أيقونة الصمود ونبراس الفداء وملهم الثوار في عدن والجنوب.

تذكرت هذا بعد أن استمعت إلى مقطع فيدو يظهر الأخ العزيز طارق علي ناصر هادي يتحدث عما قال إنها (استقالته) من المجلس الانتقالي، وكيف أن الأمر لم يكن صادما ولا محبطا بالنسبة لي على الأقل لأنني كنت قد قرأت أكثر ردود الأفعال لها وعليها قبل أن يفتح الفيديو، وهي في الحقيقة تعليقات متشنجة من الطرفين، طرف يحتفي بالاستقالة ويرى فيها نهاية الانتقالي، ويسرف في تمجيد المستقيل بعد أن كان في نظرهم عبداً من عبيد الإمارات ومخالف لسيرة والده الشهيد، وطرف يندد بالاستقالة ويرى فيها خيانة للجنوب ويبخس المستقيل حقه في الاختيار بعد أن كان مناضلاً وطنياً وباراً بوالديه.

لو أن العزيز طارق أشار عليّ قبل تسجيل الاستقالة لأشرت عليه بالعدول عنها للأسباب التالية:

1 - لأن توقيت الاستقالة يأتي مواكباً ومتماهياً كلياً مع الحملة الإعلامية المناطقية التحريضية التي تستهدف الانتقالي بدءاً من فكرة النبش المجتزئ من دفاتر الزمرة، وحتى زوبعة الاستقالات الجماعية والفردية المزعومة من الانتقالي.

2 - لأن الحديث عن انحراف المجلس الانتقالي عن أهداف الحراك أو التخلي عنها أصبح حديثاً ممجوجاً؛ لأن من يروّج لهذا الحديث هم كل من يقف في طريق المشروع الجنوبي من حيث المبدأ، وإلا ما معنى أن يرى هؤلاء وحدهم من الانتقالي ما لا يراه غيرهم، وهم الأكثر قرباً والأكثر حرصاً على ثبات المسار والأهداف والمواقف؟.

3 - لأن الاستقالة تبدو استجابة لدعوات من يروجون لها من النباشين ومن يهتدون بهديهم ويقتفون آثارهم حتى آخر قبيلي.

4 - لو أن الانتقالي انحرفت بوصلته عن أهداف دولة الجنوب أو أنه باع القضية بالمناصب الحكومية، كما يُقال، لما ترددت الشرعية الإخونجبة ولا المستنفعون بها ومنها من المضي قدما إلى تنفيذ بنود اتفاق الرياض بلا تحفظ ودون شروط.

5 - لو أن الانتقالي باع الجنوب وخذل الشعب لمَا بقيت جبهات الضالع مشتعلة على مدى 5 سنوات، ولكانت الضالع نهم الثانية.

6 - لو أن أهداف الانتقالي شيء وأهداف الحراك شيء آخر لما استعان النباشون ودعاة الفتنة المناطقية بالقبائل المأربية والمليشيات التكفيرية لاجتياح الجنوب وسفك دماء إخوتهم في شبوة ونصف أبين.

7 - لو أن الانتقالي تخلى عن الجنوب وقضيته وأهداف الحراك، فمن الذي يدافع عن الجنوب اليوم غير قوات الانتقالي في حين يتمترس البعض في خندق الغزاة؟!.

ختاماً لا شيء يثنينا عن الاستقالة من الانتقالي حتى الآن إلا ثباته وصلابة مواقفه وإيمانه بحق شعب الجنوب في التحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية الجديدة، أو كما نصت عليه وثائق إعلان عدن التاريخي وخطاب رئيس المجلس، وما اقتضى التفويض الشعبي بموجبه، وهذا هو العهد الذي بيننا باختصار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى