طموحات من وفي الإمبراطوريات البائدة

> عبد القوي الأشول

> يقال إن الجغرافيا أو أهمية الموقع الجغرافي لبعض البلدان سبب مشكلاتها وحالة عدم الاستقرار الذي تعاني منه، فالتدخلات الدولية السافرة في شؤون تلك البلدان جعلتها تدفع أثمانا باهظة في حين لم تتمكن من تحديد نمط استقرارها السياسي بحكم تنامي الجماعات التابعة لكل طرف حالة عدم الاستقرار، أدت قطعاً إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية غاية في التعقيد ناهيك عن تردي حال التعليم الذي يشكل نواة التطور الاجتماعي لأي بلد.

في أفق الواقع العربي تبدو نذر التدخلات الإقليمية واضحة، وهي بطبيعة الحال ليست مفاجئة في ظل التقاء مصالح الدول الإقليمية الطامحة بأن يكون لها حضور في عدة بلدان مجاورة من منظور إحياء مشاريع قدرية لإمبراطوريات سادت ثم بادت إلى أن حلم العودة لديها يعكس خطاب قادتها السياسيين.

قبل أسابيع ولأول مرة سمعت، كما سمع غيري، خطيب الجمعة في أحد مساجد كريتر وهو يثني لأول مرة على الإمبراطورية العثمانية التي قال: "إن الغرب قد تآمر وتكالب عليها بحكم طابعها الإسلامي"، مؤكداً أن مثل هذه الإمبراطورية مرحب بها عربيا وفكرة عودتها هو تعزيز للإسلام وقوة الإسلام الذي يواجه تآمرات شتى على مر التاريخ.

لا شك أن مثل هذا الطرح فيه الكثير من الغرابة؛ بل والجرأة، وهو مخالف تماما لما عرفناه وقرأناه عن الدولة العثمانية التي سميت في آخر أيامها بالرجل المريض ولا داعي للأسباب في تلك المآخذ التي أدت إلى انهيارها بسبب الفساد وغياب العدل.
فما الذي دفع بمثل هذه الأمور إلى سطح حياتنا فجأة، وفي ظل هذه الظروف بمعنى أن لا سبيل أمامنا إلا الأخذ بمثل هذه الخيارات، التي يرى هؤلاء أنها تمثل خيار السلميين الأمثل، وهو استدعاء مريب غريب للماضي بكل ما فيه من تشوهات وندوب ما زالت ماثلة في خارطة بلداننا التي عانت من ذلك.

فهل تلتقي ثنائية الأتراك والشيعة في إيران على طموح العودة إلى منطقنا رغم الخلافات المذهبية بين الطرفين.
ذلك ما ترجمه الكثير من مراكز الدراسات والمصادر، وهو ما يعلنه قادة تلك البلدان بشكل جلي وواضح، وما دعوة أنقرة لبرلمانها للانعقاد بشأن الموافقة على التدخل العسكري في ليبيا إلا غيظ من فيض تلك المشاريع التي تهدد وجود واستقرار أكثر من دولة في عالمنا العربي.

ولا ندري ما هي حسابات الأطراف الأخرى التي تواجه مثل هذا التهديد الجدي المقترن بحملات إعلامية ودينية، وبدعم مالي لا حدود له، فهل من العقل الاستهانة بما يجري؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى