قابوس وعمه طارق والسلطان الخلف هيثم
> ليس غريبا أو مفاجئا أن يكون السلطان الخلف الذي جرى تنصيبه حاكما لسلطنة عمان، عقب وفاة السلطان المعظم قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، والذي أوصى أن يكون هيثم بن طارق آل سعيد خلفا له بعد وفاته، فالوضع طبيعي، وليس مفاجئا كما اعتقده بعض المراقبين.
لهذا فإن المتابع للشأن العماني والمراقب للمتغيرات منذ عام 70م، عند تولي السلطان قابوس الحكم، سيدرك أن التقاليد العتيقة لا تقف عند تولي قابوس، الذي غير بلاده ولم يغير في تقاليد انتقال الحكم التي تتم بهدوء وسلاسة، كما حصل مع السلطان الجديد (هيثم)، ولعل السلطان هيثم بن طارق في خطابه سيجدد ذات السياسة التي رسمها وسار عليها سلفه قابوس رحمه الله.
فالسلطان هيثم هو ابن عم السلطان الراحل قابوس والأقرب في الأسرة السلطانية المتوارثة للحكم في سلطنة عمان وفق المتعارف عليه، ثم إن وصية قابوس تنم عن حكمة لمن يخلف كرسيه وحكمه لدولة عمان وأمر طبيعي، ففي السلطان الخلف كل مقومات رجل الدولة الذي تحمّل أثناء حكم ابن عمه (السلطان قابوس) عددا من المناصب الرئيسية في الحكم فضلا عن الثقة التي منحه إياها بأن يكون مبعوثا شخصيا للسلطان الراحل، ولعل ذلك لا يحتاج أي تأويل من جهة المحللين والمراقبين السياسيين.
كما أن الراحل قابوس عقب توليه زمام الحكم في 1970م، وإزاحة والده السلطان السابق سعيد بن تيمور، كان أول ما اتخذه هو إجراء تغيير جذري في طاقم وإداري ومفاصل الحكم الذي كان يعتمد عليه والده (سعيد بن تيمور) في إدارة السلطنة، حيث كان أول قرار وقعه وأصدره السلطان قابوس القادم من صلالة إلى مسقط أن يعين عمه طارق بن تيمور بمثابة رئيس وزراء لإدارة الجهاز الحكومي، رغم أن قابوس ومنذ ولادته لم يرَ عمه طارق، ولكنه سمع عنه عندما كان موجودا في ظفار، التي ولد ونشأ وتعلم فيها، وغادر منها إلى بريطانيا للدراسة، ثم واصل الدراسة العليا بالمجال العسكري، إلى أن عاد إلى صلالة (وليا للعهد).
ولم يقابل السلطان قابوس عمه طارق إلا بعد انتقاله إلى مسقط وجلوسه على كرسي الحكم وتعيين عمه إلى جانبه، لما فيه من حكمة واتزان ولعلاقاته الواسعة مع القبائل ومختلف الشرائح في سلطنة عمان وميله للتحديث، لتتوافق سياسة الحاكم الجديد قابوس وتطلعاته المتفقة وتطلعات عمه طارق، وهو ما أورده الكاتب والصحفي الروسي سيرجي بلخانوف في كتابه الموسوم: "قابوس بن سعيد.. مصلح العرش.. سلطان عمان".
