دبلوماسية الشر!

> عبود الشعبي

> كنا إلى زمن قريب نقبع أمام الراديو نستمع بشغف أخبار البلد، كانت الـ(بي بي سي) الإذاعة الأصيلة التي نرى ونسمع من خلالها الحدث.

* في 13 يناير 86م كانت موسيقى "الجولة الإخبارية" تخطف الأرواح خطفاً.. "هُنا لندن".. فنجلس نصغي كأن على رؤوسنا الطير!

* كانت عدن.. وكان الحدث جنوبيا.. ثم ذهب الجنوب عام 90 إلى اليمن في جولة من الوحدة فاشلة!

* كلنا نحب الوطن وعشقنا الوحدة وركضنا إلى الشمال، وسافر التهامي إلى عدن وخرج الحضرمي إلى صنعاء.. لكن لم تقم دولة ولا أُسّس لنظام بدليل أن الحوثي جرف عشية 21 سبتمبر ما يسمى بالمؤسسات والجمهورية جرفاً وفكّك العلائق بين الناس وزاد على ذلك "هزم القبيلة" التي "مَرْكَستَ'' الجنوب، ومضى يؤسس لدولة "المُشرف" خلال أيام من اقتحامه صنعاء التي قرأنا في دروس التاريخ بالمدرسة أنها أسقطت عشية 26 سبتمبر الإمام الكهنوت!

* إن الخطأ الكبير لا يغفره التاريخ، فمن سمح للحوثي باستباحة صنعاء والعبث بالدولة الهشّة أمام مرأى من العالم هو من طعن الوحدة في خاصرتها وكان وراء كل هذا النزيف، والذين صمتوا أيضاً شركاء فاعلون!

* لقد لحق بهذا الوطن خمسة تواريخ أفرزت خمس محطات.. 90 - 94 وفيها "حرب"، 94 - 2007 وفيها "انتفاضة"، 2007 - 2011 وفيها "ثورة"، 2011 - 2014 وفيها "انقلاب"، 2014 - 2020 وفيها "حرب شاملة" ودبلوماسية الشر!

* نحن في الجنوب لم نكن سبباً في هذه التواريخ بل كانت يد الشمال هي "الفاعل"، فساقنا عقل الحاكم في صنعاء الى الهاوية بسبب 22 مايو الذي لربما كان التاريخ الوحيد الذي كنا سبباً في صناعته.. وقد كان عزيزا علينا لولا أن غدر بنا الذي غُدر به في 3 ديسمبر ومضى إلى حتفه!

* الآن منذ 21 سبتمبر واليمن جنوبه وشماله يعيش مرحلة "دبلوماسية الشر".. أكثر من خمس سنوات حرب، وثلاثة مبعوثون وشر من ورائه شر حتى تمزقت أرواحنا في أحشائنا، وما عرفنا لمن نتصدى لحرب الحوثي أم لحرب الدبلوماسية.. "إن البقر تشابه علينا"!

* الذين ضحكوا علينا في 13 يناير نُكسوا في 21 سبتمبر، أما يناير فصار ذكرى للحُب والتسامح.. وأما سبتمبر فمازال ذكرى أليمة لحرب لم تُبقِ ولم تذر!

* ولمّا أراد الجنوب لنفسه الخروج من ورطة الشمال والخروج من سيطرة الغَشوم قامت عليه الدنيا.. وجاءت جحافل مأرب والجوف في غزاة جديدة، بينما عجزت هذه الجيوش أن تحمي ظهور مجندين يتدربون في معسكرات الشرعية من نار العدو!

* إن حادثة مأرب أليمة ولن يغفر الشعب من تسبب بالواقعة، ما لم تبيّن الشرعية ماذا حصل في معسكر الاستقبال.. ثم تلوي لحسم المعركة في نهم، قبل أن تصير مأرب ميداناً لتجهيز وعرض الضحايا لعدو يقتلهم من الأرض أو السماء، يعرف كنهه الشعب أو لا يعرفه.. لكن الشرعية تعرفه.. ويطيب بعد الحوادث العظام أن يُرخي المبعوث رداءه ويستغشي ثيابه ويغطي معه عورة الشرعية والحوثي ببيان في مجلس الأمن يمثّل رمزاً لوقاحة الكلمة ودبلوماسية الشر!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى