العقد الأخير في تاريخ اليمن الموحد

> د. باسم المذحجي

> الإستراتيجية هي علم توظيف العقول لاتخاذ قرار أو حل مشكلة ما، وبمراجعة الانتقال الديمقراطي الذي حدث في 2012 نحو اليمن الكبير اللامركزي، فهو لم يرق للحوثيين، وهنا الحديث عن الشأن اليمني من دون التطرق للشأن الإقليمي.
البعض ما زال غارقاً في أحلام وأوهام الدفاع عن اليمن الاتحادي، بينما القذائف تتساقط على مضاجعهم، ولم يتكيفوا مع تحديثات خمس سنوات من الحرب الأهلية، والتدخلات الإقليمية في الشأن اليمني.

مختصر الحديث هنا أن الرئيس عبدربه منصور هادي كان شجاعاً في فرض جدول أعمال التباحث حول اليمن الاتحادي، ولم يكن داهية سياسي وعسكري لذات الحقل، بينما كل صناع قرار المتحاورين كانوا يرونها بروباغاندا وتكتيكا للحفاظ على المكاسب السياسية لما بعد 2011، وهذا الذي سيكشفه هذا العمل المقالي.
أي أن الهدف الإستراتيجي في العقد الأخير من عمر اليمن الواحد هو رفض احتواء المناطق الطرفية الغاضبة في مجال التنمية، وإزالة بؤر التهميش المركب.

اليمن الكبير في مواجهة الفشل المجتمعي
لم تعد العقول تفكر بخطر اللامركزية في المناطق المحررة كما يتوهم البعض؛ بل الخطورة بأم عينها في المركزية التي يواظب على صناعتها الحوثيين بالتدريج ظاهريا، ومن ورائهم من لم نكن نحسب حسابهم ولا يخطرون على بالنا.
ليس الهدف نزعة تقسيمية في وجه اليمن الكبير؛ بل الثابت بأن الحوثيين نجحوا في قتل الأمل بالتخلص من المركزية، فالأطراف تضعف وتخضع للمركز باستمرار التهديدات الحربية والأعمال القتالية، حيث الحرب فاقمت التخلف التنموي، ولم تقم بإزالته؛ بل كرست المناطقية المركزية المقيتة في صنعاء.

اللامركزية تطلع إستراتيجي لليمنيين، فالحوكمة المحلية، والتقسيم الترابي التنموي، أو الحوكمة الرشيدة في ظل اللامركزية هي رغبة عادلة في تعزيز المناطق الطرفية وتمكين الشعب.
أي أن إدارة الشأن الوطني تعني رفض إعادة تدوير المركزية؛ بل ربط وحدة القرار والخيار والمصير من دون المركزية وإرثها التي يعود لها الفضل فيما وصل إليه الحوثيون يومنا هذا.

لو أردنا تصحيح وضع الوحدة في اليمن فلابد من اللجوء إلى الوحدة الإستراتيجية كخيار بديل، أو التي تعرف بأنها أي كيان يسعى لتحقيق هدف مشترك، والمناسب في الحالة اليمنية هي التنمية العادلة.

من المسئول عن خراب اليمن؟
هنالك حقل يسمى إستراتيجية الأعمال المتقدمة "أصحاب المصلحة"، وإذا دمج في ألف باء إستراتيجية التنوع فسنحصل على إستراتيجية الوحدة في توزيع الموارد والثروات والكفآت والتنمية، وهذا له أعداء يتحملون المسئولية الكاملة عن خراب اليمن.

إستراتيجية هندسة المعرفة أو إدارة المعرفة "الأدق" يمكن الاستفادة منها في كشف ما ذكرته، ومختصره بأن من يدافع عن اليمن الاتحادي هو يعيش أحلام اليقظة؛ لأن الممكن والمتاح والأنجع هو إنجاح الوحدة الإستراتيجية بناء حزمة حقائق توصلنا إليها بفرض أن الأعمال الحربية والقتالية محيدة، فما بالنا إذا هندسنا الحقائق والمعلومات بعد خمس سنوات من الاحتراب الأهلي اليمني برعاية إقليمية.

لكل ما سبق فالعقد الأخير في اليمن الموحد يفهم منطلقها الأسئلة والأجوبة التالية:

1 - كيف نتفاوض على الوحدة؟

عبر إستراتيجية الوحدة التي تترك للتنمية العادلة أن تأخذ الشكل والحيز الذي تراه مناسباً، وليس الوحدة السياسية المركزية، أو بالقوة العسكرية من بوابة بروباغاندا اللامركزية.

2 - كيف ذهب اليمنيون إلى الحوار من أجل الحفاظ على المكاسب السياسية؟

هذا ما حدث في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فهناك أطراف وصلت للسلطة بعد أحداث 2011، ووجدتها فرصة لتثبيت مكاسبها، بينما أطراف فقدت مواقعها، ووجدتها فرصة لإعادة ترتيب نفسها، والبقية الباقية رأتها فرصة لتدخل الملتقى التحاوري لتحصل على مكاسب سياسية مستقبلية، لكن صناع القرار لا يريدون يمنا اتحاديا ولا لامركزية.

3 - كيف نجحت المركزية في إعادة المركزية؟

المركزية الجبائية والتسليحية في صنعاء منحت الحوثي كل هذا التفوق المالي والحربي.

نكون هكذا توصلنا إلى أن اليمن الكبير يحتاج إلى استقرار وعدالة التنمية، وهذا يحتاج إلى توظيف جميع الأرصدة المالية وغير المالية في اختراق البناءات الاجتماعية لغرض تنمية المناطق المحررة الطرفية والساحلية، وهذا لن يتحقق إلا بالحصول على الاستقلال الذاتي العسكري والتسليحي نظراً لأن الفشل سيكون ثمنه باهظ، والخضوع المركزي سيكون كارثيا للعقود القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى