الحرب الاقتصادية في اليمن

> عياش علي محمد

> في اليمن نحن نتقاتل ضد بعضنا، ليس بالسلاح وحده؛ بل نتقاتل بحروب شرسة في الميدان الاقتصادي، وهذه الحروب لن يخرج أحد منها منتصراً، بل الجميع سيكون في خانة الخاسرين، لأنها حرب الكل ضد الكل.

السلع الغذائية المصنعة في الشمال اليمني يتم تسويقها إلى الجنوب المستهلك لتلك السلع، ومقابل ذلك المبالغ المدفوعة لشراء تلك السلع تذهب للشمال ولا تعود إلى الجنوب، في استنزاف حقيقي سنأتي على ذكره لاحقاً.

حتى العمالة الشمالية في الجنوب والنازحين الشماليين للجنوب، يضعون فلوسهم للشمال وللقرية، ولا تبقى في عدن حتى الجزء اليسير من نفقاتهم.

والبنك المركزي في عدن التي تحميه الكتل الخرسانية والعساكر المدججة بالسلاح، لا يستطيع حماية العملة الورقية (الريال).

وحرب العملة الواحدة وليس حرب العملات، أن العملة الورقية المطبوعة في السابق وذات الحجم الكبير يتم تهريبها للشمال، فهي متداولة هناك، ويجري صرفها بالفوائد، بينما العملة الجديدة للريال المتوسط الحجم تتم مصادرتها في الشمال ولا يتعاملون بها، الأمر الذي سيؤدي إلى حالة من التدهور والانهيار.

وكان من المفترض قبيل طباعة الأوراق النقدية الجديدة ذات الحجم الصغير إلغاء في نفس الوقت الريال اليمني ذا الحجم الكبير، وإعطاء الفرصة للاستبدال، وسوف تتجمع أموال النقد الريال ذات الحجم الكبير في عدن، وإجراء إلغائها حتى يستتب الأمر للريال المطبوع حديثاً.

ويمكن حتى في الوقت الحاضر إلغاء العملة القديمة وممكن أن يكون الإجراء متأخراً جداً.

وكلما صودر الريال الحديث، سيضطر البنك إلى طباعة جديدة للريال، وفي كل مرة ستقل قيمة الريال في السوق وسيهبط مستواها إلى الصفر.. عندها قد ينتهي دور البنك المركزي وستحل محله محلات الصرافة، وسيبقى بنكاً لا حول له ولا قوة.

ما الذي سيجعل الأموال المهجرة للشمال أن تعود إلى عدن؟ هناك عدة طرق، يمكن جذب الأموال كي تنزل للجنوب منها أن نقوم بتصنيع السلع الغذائية في عدن ولا نستوردها من الشمال، وهي قليلة وسهلة التصنيع؛ كالألبان والأجبان والزبادي والطماطم، وتحديد أيام تناول القات.

والشيء الآخر هو سن قانون ضريبة الدخل للعمالة الشمالية في الجنوب، تقطع ضرائب من مدخولات المشتغلين في المطاعم والفنادق والمؤسسات الأخرى، كإجراء اقتصادي ولا دخل له بالسياسة.

وأقولها بكل شجاعة ودون خوف: إن المصنع الوحيد الذي كان يجذب الأموال من الشمال إلى الجنوب كان مصنع الجعة (البيرة) في عدن، ولكن بعد تدمير هذا المصنع أصبحت كل الأموال تهجر للشمال ولا تبقى في الجنوب، وكان هذا المصنع مرتعاً للشرابين من الشمال.

وأقول ذلك كاقتصادي وحسب، ولا دخل لي بالديانات ومحظوراتها.

واستنزاف الأموال من عدن حرب شرسة لا تقل شراسة من الحروب الأخرى، فهي تقود نحو الإفقار ثم يأتي بعدها الانهيار، وبعد الانهيار لا ترى عينك إلا الحروب المسلحة وأمراء الحروب.

وعلى البنك المركزي تسوية الأمور وضبط حساباته ولا يجعل الأمور تفلت من قبضة يديه، فالكل سيكون مهزوماً ومشرداً إذا فلتت الأمور عن عقالها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى