مقتل الريمي يدفع «قاعدة اليمن» لتنفيذ عملياته تحت غطاء «الحلفاء»

> "الأيام" غرفة الأخبار:

>  اعتبر محللون سياسيون مقتل زعيم "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" قاسم الريمي، بأنه يمثّل "ضربة موجعة" للتنظيم المتطرف، الذي فقد الكثير من قياداته في الآونة الأخيرة، غير أن التنظيم سيعتمد خلال الفترة القادمة على علاقاته وتحالفاته مع الأطراف المحلية التي تلتقي مصالحها السياسية وبعض معتقداتها الدينية مع مصالح وأفكار التنظيم.

في اليمن يبدو أن القاعدة سيلجأ إلى تحريك حلفائه وأذرعه، ممثلين بدرجة رئيسية بجماعة الإخوان المسلمين والحوثيين وبعض رجال الرئيس السابق علي عبدالله صالح المرتبطين بجهازي الأمن السياسي والقومي.

محللون مختصون بشؤون الجماعات الإسلامية ذهبوا إلى أن القاعدة في اليمن تعمل بمسميات مختلفة أبرزها غطاء الحزبية والمشاركة في السلطة تحت غطاء أحزاب سياسية يأتي في مقدمتها حزب التجمع اليمني للإصلاح وشخصيات زرعها التنظيم في قلب الجيش اليمني وأجهزة المخابرات والمؤسسات الدينية، مستدلين بالقيادي الإصلاحي الشيخ عبدالمجيد الزنداني، ونائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر المطلوبان للولايات المتحدة الأمريكية على ذمة تفجير المدمرة الأمريكية "كول" في ميناء عدن العام 2001م.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس الماضي، مقتل الريمي، زعيم "تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية"، وذلك في عملية عسكرية أمريكية باليمن.
وقال بيان نشره البيت الأبيض إن الريمي هو نائب لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، مضيفاً أن التنظيم تحت قيادته مارس قدراً هائلاً من العنف ضد المدنيين في اليمن، وسعى إلى تنفيذ هجمات عدة ضد الولايات المتحدة.

وتعليقاً على مقتل الريمي، قال الباحث السياسي والإستراتيجي، عبد الملك اليوسفي، إن ذلك "يشكل ضربة موجعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، مشيراً إلى أن الريمي كان يقود التنظيم من اليمن.
وأوضح اليوسفي خلال لقاء مع قناة "سكاي نيوز" أن "مخزون الشخصيات القيادية الجمعية لدى تنظيم القاعدة يتضاءل يوماً بعد يوم، لاسيما بعد مقتل جلال بلعيدي، ومن ثم ناصر الوحيشي، الذي خلفه الريمي في عام 2015".

وأشار اليوسفي أيضاً إلى مقتل القيادي في التنظيم جمال البدوي، الذي قتل بطائرة مسيرة، وكان مسئولاً عن الهجوم على المدمرة الأميركية "يو إس إس كول" في ميناء عدن في أكتوبر عام 2000.
وتابع اليوسفي قائلاً: "إن مقتل هذا العدد الكبير من قيادة تنظيم القاعدة في اليمن في السنوات القليلة الماضية من شأنه أن يؤدي إلى (تشظي) التنظيم وتفتته أكثر فأكثر، وخصوصاً بالنسبة للخلايا النائمة منه".

وأوضح أن تنظيم القاعدة كان يسيطر حتى عام 2015 على مناطق واسعة في اليمن، من بينها السيطرة شبه الكاملة على المكلا، كما كان له نفوذ واسع في شبوة وأبين.
وأكد اليوسفي أن "الضربات الموجعة التي وجهتها قوات التحالف العربي بمساندة النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية والنخبة في أبين سلب التنظيم النفوذ على الأرض، ليتحول إلى خلايا نائمة تتوزع على نقاط متفرقة في البيضاء".

وأعرب الباحث السياسي والإستراتيجي عن اعتقاده أن تنظيم القاعدة سيعاني كثيراً في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع "غياب الشخصيات القيادية، وفقدان الأرض التي كان يسيطر عليها، وتحوله إلى خلايا نائمة متناثرة".
ولم يستبعد اليوسفي أن توظّف الإدارة الأمريكية عملية مقتل الريمي في شؤونها الداخلية، لاسيما من أجل التأثير على الناخب الأمريكي في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام.

ويقع اسم قاسم الريمي، المكنى "أبو هريرة الصنعاني"، (واسمه الحقيقي قاسم عبده محمد أبكر)، بأعلى قائمة المسلحين الضالعين في أعمال إرهابية "جهادية" المطلوبين عربياً ودولياً.
وتولى الريمي قيادة "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" في يونيو 2015 في أعقاب مقتل زعيم التنظيم السابق ناصر الوحيشي في ضربة جوية بطائرة مسيرة في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت شرقي اليمن.

وكان "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" أُنشأ من دمج فرعي تنظيم القاعدة في اليمن والمملكة العربية السعودية في عام 2009، ويقول بعض المراقبين إن الريمي كان أحد من أسهموا في جهود توحيد التنظيم تلك.

وتتهم الولايات المتحدة التنظيم بالضلوع في عدد من الهجمات التي استهدفت المصالح الأمريكية والغربية، ومن بينها التخطيط والإشراف على عدد من العمليات الإرهابية ومن أبرزها تلك التي استهدفت المدمرة الأمريكية "يو أس أس كول" في خليج عدن وأسفرت عن مقتل 17 عسكرياً أمريكياً، والهجوم على مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء عام 2008 والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً.

وقد أعلنت في عام 2010 عن إدراج اسم الريمي في قائمة الإرهابيين المطلوبين وتجميد أي أرصدة أو أصول مالية يمتلكها داخل الولايات المتحدة.
وفي عام 2018 رفعت قيمة المكافأة التي وضعتها لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقاله من خمسة إلى عشرة مليون دولار.

ويعتقد أن الريمي من مواليد 1978، وقد التحق بتنظيم القاعدة في عمر مبكر، حيث تدرب على السلاح في معسكراته بأفغانستان في التسعينيات.
وقد عاد الريمي إلى اليمن في عام 2004، واعتقل هناك وصدر بحقه حكم بالسجن، بتهمة التخطيط لاغتيال مواطنين أجانب في اليمن.

وتمكن الريمي من الهروب من السجن في عملية هروب جماعية لأكثر من 20 عنصراً من مسلحي التنظيم من سجن بصنعاء في عام 2006.
خلال الفترة السابقة شهد نفوذ تنظيم القاعدة انخفاضاً ملموساً، بحسب مراقبين أمريكيين، لاسيما بعد أن استطاعت الولايات المتحدة قتل عدة قيادات للتنظيم في السنوات المنصرمة، آخرهم الريمي.

وذكر ترامب في بيانه، أن موته يزيد من تدهور القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مضيفاً: "يقربنا هذا من القضاء على التهديدات التي تشكلها هذه الجماعات لأمننا القومي".
بالإضافة إلى أن "الرؤية" الجديدة التي جلبها الريمي معه لتنظيم القاعدة، تجعل من وفاته ضربة كبيرة للتنظيم ولشبكة علاقاته في اليمن، بحسب مراقبين، إذ يعتبر فرع القاعدة في جزيرة العرب من أكثر فروع الجماعة الإرهابية قوة.

فقد استطاع الريمي، خلال فترة قياسية، من تجنيد مقاتلين، بالإضافة إلى أنه حاول التقرب من مؤيديه في الدول الغربية، إذ حثهم، من خلال تسجيل مصور عام 2017، على شن هجمات وصفها بـ "السهلة والبسيطة"، مشيداً بالعملية الإرهابية التي وقعت في أورلاندو- فلوريدا عام 2016، وأودت بحياة 49 شخصاً.
وقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن الفرع المحلي للقاعدة في اليمن بقيادة الريمي، يعتبر الأكثر قدرة على ضرب المصالح الأمريكية، إلا أنه لم يقم بالتخطيط لهجوم يستهدف الولايات المتحدة منذ سنوات.

وأردفت الصحيفة، من خلال محللين عسكريين، أن الريمي هدف مهم، وربما أكثر خطورة على اليمن والسعودية مما هو بالنسبة للأمريكيين.

القاعدة في اليمن لن يقف عند اغتيال قياداته ولن يستغني عن نفوده في اليمن التي تعد من أهم مناطق تحركات القاعدة من الناحية العسكرية والجيوسياسية، لذا من المرجح أن يعيد التنظيم ترتيب أوراقه بتحريك حلفائه في جماعة الإخوان أو استقدام قيادات من فروع التنظيم في العراق وسوريا والقرن الأفريقي، وهذا ما يرجح مزيداً من العمليات الإرهابية والانفلات الأمني والصراع الذي ستشهده اليمن تحت مسميات مختلفة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى