الجنوب في خارطة السياسة الدولية الجديدة

> بدر قاسم محمد

> يبدو أن هذه الخارطة الاتحادية المتشكلة في اليمن جنوباً على النمط البريطاني، منذ وقت مبكر قد نالت رضا التيار الجنوبي العتيق "مالك فكرة الهوية الجنوبية"، فقفز بعض رموزه للتموضع فيها، ربما لم يرق لهم سماع دبيب أقدام عبارة "القوات الجنوبية المسلحة"، وهي تحشر التشكيلات العسكرية المحلية كجزء لا يتجزأ منها، بطريقة تقترب من أول صدمة تعرضوا لها في الصغر، يقال "التعَلّم في الصغر كالنقش في الحجر"، لم يكونوا معنيين بالقدر الكافي بصدمات الجنوب المتلاحقة عدا الأخيرة منها المتمثلة في تمدد الغزو الحوثي، إنهم يحملون نفس المخيّل السعودي عن الوضع في اليمن، وبالتالي هم الأقرب لمخيّل المعسكر الغربي المتشكل جنوبا!.

ينبغي على الجنوبيين مداواة هذه الحالة بصورة عملية، ولا يكتفون فقط بتأكيداتهم الشفوية، ويوكلون أمر تحرير باقي مناطق الجنوب والسيطرة عليها لتشكيلاتها المحلية دون تدخل إلا في ما يخص الدعم والإسناد المطلوب، باختصار يجب عليهم نسيان طريقة تعاملهم بمخيل المعسكر الشرقي مع الآخر الجنوبي، وإذا أرادوا النجاح عليهم حذف برامج وتطبيقات المعسكر الشرقي من ذاكرتهم وإحلال وتثبيت برامج وتطبيقات المعسكر الغربي السياسية. إذ لا يتفق اصطفافك الجنوبي في المعسكر الغربي بعقليتك التي لم تغادر بعد طريقة تعامل المعسكر الشرقي البائد، هذا هو السبب الحقيقي وراء مناوئة تيار جنوبي بعينه لم ينخرط في مقاومة تمدد وسيطرة الجماعة الحوثية على الجنوب!.

لم يصل البعض إلى مرحلة الإدراك الكامل لتبدل خارطة السياسة الدولية، فالجديد الملاحظ فيها هو تبدل أدوار القطبية العالمية الذي ألقى بظلاله ليجري عملية تبديل لقناعات التيارات السياسية الفكرية والعقائدية، فقد أصبح الآن المعسكر الغربي صاحب فكرة العداء للأصولية السياسية في المنطقة بعد أن كان حليفها الحميم، وأصبح المعسكر الشرقي صاحب فكرة الحلافة مع الأصولية السياسية في المنطقة بعد أن كان عدوها اللدود. وعلى ضوء هذا، تبدلت قناعات التيارات السياسية، فالتيار الجنوبي المناوئ لسياسة السعودية والتحالف العربي، عندما ظل محتفظاً بمركزية عدائه السياسي للمعسكر الغربي وجد نفسه مقترباً من الأصولية السياسية وخارجاً عن قناعاته الفكرية والعقائدية!، بينما جزء كبير من هذا التيار انشق وحدد معسكره وفق قناعاته الفكرية والعقائدية في عدائه الثابت للأصولية السياسية، وعلى هذا الأساس تغيّرت حلافته السياسية من الشرق إلى الغرب.

ما زالت هذه التغيرات في طور التأسيس، وما زالت التيارات الجنوبية المتبدلة المواقع تمر بمرحلة التطبيع والتأقلم، وهي مرحلة صعبة جداً تكمن صعوبتها في المحاولة في سن الكبر.
لهذا، لعله من الملاحظ أن عملية تصدر المشهد الجنوبي أوكلت مهمتها لشخصيات جنوبية من حزب المؤتمر الشعبي العام، عقليات المنهج الغربي. كذلك يجب ترويض سيكولوجية الأداء السياسي والعسكري للبعض الجنوبي بما يمكنها من الخروج من تقوقعها في نمط أدائها الشرقي القديم البائد.

ولا ننسى أن كل تيارات سياسة التموضع الغربي القديمة تمر بمرحلة فطام من حلافتها مع الأصولية السياسية، المحلية والإقليمية، مثلما تمر تيارات سياسة التموضع الشرقي القديم بمرحلة تأقلم مع الأصولية السياسية، والعكس صحيح بالنسبة للأصولية السياسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى