القاع السياسي

> د. مروان هائل عبدالمولى

> لدينا موقع جغرافي رائع وموانئ بحرية إستراتيجية وجزر خلابة، تقابلها سهول وجبال زراعية مذهلة فيها البن والذرة، لدينا عسل وبترول وغاز وأسماك وثروة حيوانية، لدينا الكثير من الخيرات.. وللأسف لدينا أيضاً الكثير من الباعة الفاسدين والمتاجرين بالوطن، والقليل جداً من الوطنيين الشرفاء، لكنهم في أغلب الأوقات صامتون، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط البلاد في أيادي الأكثرية من هوامير الارتزاق السياسي ممن كبروا في غرف النفاق وفي قاع الأسواق السياسية والاجتماعية، الذين قبائلهم ومناطقهم فوق الدولة والقانون، وبسبب هؤلاء صنعاء حالياً محتلة من أشباح الماضي، وعدن قرية بائسة سقفها التخلف والفساد وفي ذيل مدن وعواصم الوطن العربي.

القاع السياسي اليمني الأسود بدأ عندما قتل عفاش والإصلاح الوحدة اليمنية بعد اجتياح الجنوب في 1994، وأسسوا دولة الظلم والتفرقة، دولة بقواعد فوقية شمالية ودنيوية جنوبية وحدوي وانفصالي، شيخ وتابع، سيد وخادم، أصل وفرع، أسسوا دولة هم وأولادهم الحكام والمسؤولون فيها مدى الحياة، دولة تتكون من أكثرية مختلفة ومتخلفة من أشباه الساسة عشاق نهب المال العام والكذب. وخاصة عندما يحدثونك عن الوحدة ويتباكون عليها وهم من حولها إلى وحدة الفيد والنهب والحروب والكراهية ومن أوصل البلاد إلى التشظي الشطري والمذهبي وجعلوا المواطن يبتهج لمقتل مواطن آخر في حرب الإخوة الدائرة منذ 5 سنوات.

القاع السياسي عندما يحدثونك هؤلاء أشباه الساسة عن محاربة الفساد وهم رأس الفساد، حيث الثروات الوطنية والمناصب العليا والوظائف مقسمة بينهم وبين شيوخهم وبعض العائلات والعسكر.. القاع السياسي اليمني هو أن تطلق تصريحات عنصرية باستمرار ضد الجنوبيين وتقول عنهم "هنود، وصومال.. إلخ"، وفتاوى رجال الدين تستبيح دماءهم فقط وتطالبهم بعد ذلك بالبقاء في نطاق الوحدة.. القاع السياسي عندما يعيق رجال الدين ونخبة الهضبة اتفاقات السلام، بالرغم من امتلاء سهول وجبال وسواحل البلاد بالمقابر، التي تعج بآلاف القتلى المجهولين من الفقراء والمخطوفين.. القاع السياسي عندما يفرد حزب الإصلاح عضلاته في الجنوب، بينما يسلم معسكراته وأسلحته للحوثي في الشمال، وتعز لاتزال تحت الحصار والقصف الحوثي اليومي.. القاع السياسي عندما تتم تطبيق أية اتفاقيات لتهدئة الصراعات التي يشعلها رجال الهضبة في الشمال بالتراضي والسلم، بينما في الجنوب تفرض بالإكراه والقوة "وثيقة العهد والاتفاق 1994 حتى اتفاق الرياض 2019".

القاع السياسي اليمني "الجديد والقديم" رخيص ومكركب بتعمد وبريموت كونترول أوصل المواطن إلى أن يخجل من قول "أنا مواطن من الجمهورية اليمنية"، لأنها دولة بقاع سياسي أوطأ من الإيدز وفيروس كورونا ومن فيترينات شارع دي فالين الحمراء، لماذا أوطأ؟ لأن أكثرية النخبة السياسية اليمنية بعد موجات اجتياح الجنوب وتدميره أرضاً وإنساناً لازالت تدعم خيار السيطرة على الجنوب بالقوة، هذه النخبة هي السبب في تمزيق مشاعر المواطن شمالاً وجنوباً، وهي من قتلت فيه روح الانتماء لليمن الموحد وروح الروابط الأخوية الصادقة، وهذه القيم فقدانها مؤلم، و "فقدان الشعور بالأخوة ألم قاسٍ جداً قد يستمر عمراً بحاله، لكن فقدان الشعور بالانتماء للوطن تعني موت الوطن بذاته".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى