الحل في اليمن جنوبا وشمالا وفقا للفكر الجديد

> السفير نبيل خالد ميسري*

> لم أكن متوقعاً حينما نشرت في صحيفتنا الغراء «الأيام»، بالعدد الصادر في تاريخ 27 فبراير 2020 مقالتي بعنوان: "الخروج من النفق يبدأ بتغيير الفكر"، أن أتلقى اتصالات مباشرة ناهيك عن عبارات التأييد بوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لما ورد فيها ومضمون ذلك كما صرح به العديد منهم الحاجة الماسة لبديل آمن لا يقصي أحداً، ولا أخفي خشية البعض مرارة الواقع المؤلم. والغريب في ذلك هو التنوع في اتجاهاتهم ومن مناطق وأعمار مختلفة وهذا ما شجعني لمواصلة التعريف أكثر، وإعطاء نموذج عملي على الواقع.

فالمدخل لأي حل في اليمن، وباتفاق الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً هو الحل العادل للقضية الجنوبية أولاً باعتبار الأمن والاستقرار المنشود يفرض عدم الاستمرار بتجاهل ذلك خاصة والمتغيرات على الأرض.

وبتطبيق ذلك على ما تناولناه في مقالتنا، فإن الخروج من هذا النفق الرئيسي يتطلب تغيير الفكر للجميع دون استثناء من خلال اتباع آلية مختلفة ليس عبر النخب للقوى المختلفة القائمة والتي لم ولن تتفق لاسيما على هذا الموضوع بالذات لأسباب نعلمها جميعاً. وبالتالي لا بد من العودة إلى أصحاب الحق وهم المواطنون الجنوبيون بشكل مباشر وقد أوضحنا بأن المديريات هي النواة الأولى التي تقرر مصيرها.

ووفقاً لرؤيتنا كما أوضحناه بالمقالة السابقة، فإن الإقرار بالأدوات الثلاث، وهي: المحافظ، والمعتدل، والعلماني، وكذا بالأجنحة الثلاثة لكل اتجاه وهي اليمين والوسط واليسار، يسهل للجنوبيين في إطار المديريات من اختيار ما يلبي مصالحهم سواءً للقضية الجنوبية أو بقية القضايا الأخرى.
وبوضع كافة المكونات السياسية والاجتماعية الجنوبية بمختلف اتجاهاتها، فإننا نجد أنها تتوزع بين الاتجاهات الثلاثة وأجنحتها. ولمحاولة تطبيق ذلك على الواقع، فإننا نجد الصورة على النحو التالي:

أولاً: الاتجاه المحافظ، وهي التي تتمسك بما قد تم وتتوزع أجنحتها الثلاثة على:

اليمين: وهم المؤيدون لوحدة عام 90.

الوسط: وهم المؤيدون للأقاليم من 3 إلى 6.

اليسار: وهم المؤيدون للإقليمين.

ثانياً: المعتدل وهي التي تتبنى التدرج والعودة لأصحاب القرار وهم الجنوبيون وتتوزع على:

اليمين: وهم المؤيدون لإقليمين مع حق تقرير المصير.

الوسط : وهم المؤيدين كونفدرالية لدولتين.

اليسار: وهم المؤيدون حق تقرير المصير مباشرة.

ثالثا: العلماني وهي التي تؤمن بفشل تجربة وحدة 90 وتصر على إنهائها وتتوزع على:

اليمين: وهم المؤيدون فك الارتباط بين الدولتين.

الوسط: وهم المؤيدون دولتين متجاورتين.

اليسار: وهم المؤيدون عودة الجنوب العربي.

هذا التنوع والتكامل يمثل الطريق الأكثر أماناً للجنوبيين بدلاً من المركزية والصراع حيث لا يلغي أحداً ولا يميز آخر. وهي فرصة لمعرفة حقيقة قناعة المواطنين حول الحل العادل لقضيتهم دون شعارات أو عواطف.
وهذا الطريق لا يلغي الأدوات السياسية والاجتماعية القائمة، وإنما يضع الجميع في امتحان حقيقي حول نواياهم الصادقة تجاه الجنوب ويسمح وفقاً للبرامج بالتنافس فيما بينها ويترك القرار النهائي لشعب الجنوب في حقه بتقرير مصيره.

وبنفس الصورة أعلاه، ينطبق ذلك أيضاً على القضية الشمالية التي أصبحت بعد عام 2014 وما تلاها من انقسامات عديدة تستدعي حل عادلاً لها.
إن تطبيق الفكر الجديد والآلية المختلفة والأدوات الجديدة سنجد أننا أمام حل شامل ودائم لليمن جنوباً وشمالاً.

إن نجاح ذلك سيسهم لحل بقية القضايا الأخرى من خلال التنافس للبرامج التي تلبى متطلبات المواطنين بدرجة رئيسة.
احترام حق المواطن جنوباً وشمالاً يمثل تحديّاً وامتحاناً للنخب القائمة، وكذا مقياس تحرك المواطنين تجاه قضاياهم.

*نائب وزير الخارجية السابق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى