"شبه دولة اليمن" على حافة الخطر

> د. باسم المذحجي

> غرد الباحث الإسرائيلي إيدي كوهين، وهو من أشهر شخصيات التطبيع مع الشارع العربي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالعبارات التالية: سمعنا تهديدات من مجلس التهاون الخليجي، وجامعة التخاذل العربية منذ 1981 حتى بداية الألفية الثالثة، سوف نحرر الجزر الإماراتية الثلاث من براثن الاحتلال الإيراني، وسوف ندعم عرب الأحواز لتحرير أرضهم، وسوف ننقل المعركة داخل إيران، ثم يختم اتضح أن كرونا أتى من الصين وحده يحارب طهران.

بالفعل دخلتُ معه في نقاش أكاديمي صاخب على الخاص، وكانت صفتي الجغرافية بأن بلدي اليمن مهد التوراة واليهودية لها أثر نفسي، ليفسح جزءا من وقته للنقاش معي، ثم تسللت بخطوات مدروسة لأطلب منه كشف مبكر عن الشأن اليمني من وجهة نظره البحثية، ونجحت في عمل ملخص مقتضب لعصارته الذهنية، توجز هنا، لكنها محددة بأسئلة ذي عنوان عريض لتكون الإجابة محددة بكلمات واضحة.

كان النقاش عن بداية الدخول في مرحلة صناعة قرار تفكيك الشكل القانوني للدولة اليمنية الموحدة كما أراد مخطط برنارد لويس رحمه الرب لتقسيم الشرق الأوسط، أي رؤية برنارد لويس، والتي تهدف لنشر الديمقراطية في مواجهة الإرهاب، أي أنها هي الفاعل رقم صفر، وقولنا رقم صفر نقطة الانطلاق، وشدد على ضرورة مراجعة كتابه "أين وقع الخطأ؟" إشارة إلى تخلف الدول ذات الغالبية المسلمة.

الباحث الإسرائيلي إيدي كوهين ذهب في تشخيصه للحالة اليمنية بسؤالي: هل قرأت عن الأجندة النيوكولونيالية؟ فأجبته تقصد إعادة صياغة الخرائط المنطقة العربية، فأجاب نعم، لكن ماذا عن مبدأ تقرير الانفصال إلى شرعنة الانفصال؟
ثم سألني: هل تعرف الضابط الأميركي رالف بترز الذي يعمل في الاستخبارات العسكرية الأميركية؟ فأجبته تقصد الكاتب في مجلة القوات المسلحة الأميركية؟ فأجاب نعم: يجب عليك مراجعة مقاله في عدد يونيو 2006 بعنوان: حدود الدم: ما هو شكل شرق أوسط أفضل؟

كذلك سأل: هل تعرف هنري كسنجري؟ أجبته نعم: أليس هو رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي السابق، رد: بل كذلك صاحب براءة اختراع تقسيم الشرق الأوسط الجديد.

بعد ذلك بادلته بطرح الأسئلة، وقد حصلت على الأجوبة التالية:

- ما هي النيوكولونيالية؟
الاستعمار الجديد للشعوب عبر الفتنة الديمقراطية من بوابة الحقوق والحريات، لتبدأ من تدجين الأنظمة والشعوب ثم الوصول إلى رسم الحدود من بوابة حدود الدم التي ستراق.
حدود مجالها الأول الأديان والمذاهب والأقليات والقوميات ثم عرقي ديني بحدود الدم.

لن تتوقف عند سنة، شيعة، كرد، مسيحيي الشرق الأوسط، بل تتوسع لتشمل المناطقية.

- ما هي الأذرع الاستعمارية لتفكيك اليمن؟
الجواب قطر وإيران وتركيا، والجزيرة وقنوات الضاحية الجنوبية في بيروت.

- ماذا عن السعودية والإمارات؟
لم تعد أذرعا استعماريةً، بل ضمن مخطط التفكيك النيوكولونيالية من بوابة اليمن، فمكة والمدينة ستتحولان إلى فاتيكان المسلمين، بينما الإمارات ستلحق بالتقسيم الشيعي للمنطقة.

- كيف بدأ تفكيك اليمن؟
البداية تفكيك نظام علي عبدالله صالح في السياسي، ثم هيكلة وتفكيك الجيش في بداية 2013.

- من المسئول عن تفكيك اليمن؟
الربيع العربي الذي ضرب الشرق الأوسط عبر التفكيك السياسي والإعلامي والاجتماعي للدولة الوطنية.

- ما الحل؟
العمل على وقف تفشي النزاعات في المناطق التي لا يحكمها الحوثيون، ووقف مخططات الإخوان المسلمين، فهم منذ 1994 في الشمال والجنوب وهم يبحثون عن السلطة وليس بناء وطن.

- ما رأيك بالحوثيين؟
إيران فرع اليمن تنظر إلى الفيدرالية واللامركزية بأنها مناطقية وليست مشروع بناء دولة.

ثم أضاف في نهاية الحديث: الإسلام السياسي وجماهير الربيع العربي هي العينة الأغبى على الإطلاق لا يفوقها غباء إلا البضاعة المليشاوية الطائفية التي مصدرها إيران.

الخلاصة التي فهمتها بأن حدود اليمن لن ترسم بموجب روابط الدم الطبيعية والروابط الدينية، أو ضمن إطار واحد يحتكم فيه إلى الحقوق والواجبات والمواطنة، أي لا مكان فيه للاندماج في التصور الديمقراطي والمؤسساتي الدولة الوطنية، بل بحدود القتل والدماء التي ستحدد حصة كل طرف من التراب ثم منابع النفط والمنافذ البحرية والبرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى