الدم يمني والحرب إقليمية

> خالد سلمان

> اليمن دولة تنهشها الحروب، وينسى مأساتها العالم، دولة الحرب من أجل الحرب، دولة تمضي بخطى حثيثة صوب خانة الحروب المنسية، حيث تتراجع أولويات الاهتمام العالمي بها، إلى ما دون النزاعات الإقليمية الأخرى، المحتدمة في الإقليم، وعلى رأس أولويات العالم راهناً، عدم تسخين المواجهات في سورية، بحيث لا تتحول إدلب إلى بؤرة استقطاب مواجهة، تفرض على الناتو الدخول كطرف لدعم دولة عضو وهي تركيا، في مواجهة قوات دولة عظمى أخرى روسيا.

حرب اليمن أشبه بالبحار الداخلية المغلقة على نفسها، محدودة التأثير القاري الدولي، حيث لا تفرض على العالم تبعات واستحقاقات، تؤثر على وضعهم الداخلي واستقرارهم السياسي، وهنا تأتي المقارنة بين حرب سوريا والتلويح بفتح أبواب الهجرة واللجوء، نحو أوروبا عبر الشواطئ التركية، وبين حرب اليمن غير المتشاطئة مع أي من دول العالم الأول، وبالتالي ليس هناك من أسباب ضاغطة، تجبر المجتمع الدولي، على وضع الملف اليمني على رأس أولوياته، لا مجال للحديث عن الممرات المائية، كميزة إستراتيجية يمكن أن توظف كورقة ضغط لوقف الحرب، هذه الممرات باتت محمية بقوة الأساطيل الأجنبية، وهي ممرات اقتصادية دولية فوق سيادية.

الحرب اليمنية حرب منكفئة على ذاتها، تغوص في مستنقع دمها، مع تمويل إقليمي لاستمرارها، إيرانياً ضد السعودية، وسعودياً لكبح جماح التمدد الإيراني صوب حدودها الجنوبية.
القوتان الإقليميتان، تخوضان حروبهما المذهبية، بأيدي وقوى الداخل، وبالتالي فإن من يمتلك قرار إيقاف الحرب، لم يعد اللاعب المحلي المحيد القرار بل الإقليمي، وإن كان بنِسَب متفاوتة:

الإيراني في جرده حساب الخسائر هو الأقل خسارة، لعدم وجود حدود مشتركة مع ساحات المواجهة، فيما السعودي يدفع نزيفاً عتاداً وقلقاً أمنياً، واستعدادات لتقديم التنازلات، مقابل تحصين حدوده الجنوبية، وتحييدها خارج نطاقات الصراع وضرب النار.

المحصلة أن اليمن تسير في اتجاهين، الاستمرار بالحرب، وسط تجاهل دولي، والآخر هو الرهان على توافقات إقليمية إيرانية سعودية، تعيد توزيع الحصص بينهما وحلفائهما، وهي قسمة في ميزان الربح والخسارة، كفة الحوثي هي الراجحة، ما لم تتغير موازين القوى العسكرية على الأرض، وهو أمر ليس ممكناً أو ليس هناك من معطيات تؤشر إلى إمكانية إنجاز انقلاب عسكري لغير صالح الحوثي، بفعل الانهيارات المتتالية في جبهة حلفاء السعودية لصالح حلفاء ايران.

الدم يمني والحرب إقليمية، وكذا هو حال التسوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى