الاحتكار فساد شنيع

> الحكر والاحتكار هو الشراء والحبس حتى ينقص في الأسواق ثم يزيد في ثمنه، ويعني ذلك حبس السلعة ليزيد في ثمنها فيما بعد. (لسان العرب لابن منظور).
والشناعة القبح. قولاً أو فعلاً.

ما جعلني أتذكر الاحتكار وأنه أشد الفساد شناعة وقبحاً وظلماً، هو حديث بعض محتكري الأسواق لسلع هامة جداً مرتبطة بحياة الناس معيشة وخدمة ومداواة وتطبيباً، حيث يتباهون في حواراتهم ومقابلاتهم بالتحدي لمن يثبت عليهم أنهم فاسدون أو يتعاملون بالفساد!
كما أنني أيضاً قرأت لبعض المدافعين المنتفعين أو المُغرر بهم كذلك نفس الحديث والدفاع الممجوج.

ونقول لمن يتحدى من يثبت عليه أنه فاسد، أنك تتجاهل أو تتعمد الغرر بالآخرين، فالفساد أوجهه وأصنافه متعددة، ومنها الاحتكار.
ولدينا في هذا البلد المتعوس مجموعة تجار وبيوتات تجارية تعمل بنظام الحكر أو الاحتكار، في ظل سلطات ودستور يتكلم عن الحرية بما فيها حرية التجارة ومنع الاحتكار.

لكن كل ذلك حبر على ورق لا يقرأ ولا ينفذ ولا يعول عليه.
فالسياسي المسؤول شريك للتاجر المحتكر، ومتى ما تعاطى السياسي الشراكة في التجارة وبالذات الاحتكار فسدت البلاد والعباد وانحدرت نحو الهاوية التي ليس لها قرار.

الاحتكار يا من تظنون أنكم تستطيعون إقناعنا بأنكم لستم فاسدين، الاحتكار ظلم وبغي وفساد شنيع يؤذن بحرب إبادة وغلاء يستفحل يوماً بعد يوم.
احتكاركم وإن ظننتم أننا لا نعلم أنكم تسجلون عدة شركات وتوكلون بعضها لمديرين فقط بينما هي في الحقيقة تتبعكم وتمول من قبلكم، فهذا المكر والخداع لا ينطلي علينا، وأنتم مفضوحون رغم أنكم تظنون أن طاقية الإخفاء لا تجعل الناس يرونكم ويرون حقيقتكم.

هناك محتكرون للغذاء وللدواء وللمشتقات، ويتغنون ومعهم جوقة خرقاء بأنهم خالون من كوليسترول الفساد، وأن تجارتهم نظيفة قائمة على التنافس الحر والنظيف!!

أية نظافة وأية تجارة بسوق الاحتكار؟

الاحتكار فساد وفساد عظيم وقبيح، وتهربكم من دفع مستحقات المجتمع من ضرائب وزكاة وضرائب أرباح، وعدم مساهمتكم في تحسين وضع الناس والخدمات الحيوية، كل ذلك فساد وخراب للأوطان وانعدام للوطنية، بل يخرجكم من الملة السوية ملة الإسلام السمحاء، فرسولنا الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، نهى عن الحكر والاحتكار، فماذا بعد نهي الرسول الأعظم، هل هناك قول آخر؟! قطعت لسان وبترت أصابع تمجد الاحتكار وتروج له، وتدافع عن محتكر يتلاعب بالحصص وبالسوق كيفما شاء، ويحل محل الدولة والمجتمع مغيب والسلطات أو ما تسمى بالدولة مجازاً (في جيب التجار).

الاحتكار يتنافى وقيم العدل والحرية والإسلام أيضاً.
ومن يظن أن الاحتكار تجارة وحرب المؤمنين فهو واهم ويساهم في الفساد والإفساد لكل القيم النبيلة والتي جاء بها الإسلام.

يقول الفيلسوف إيمانويل كانتك «في القانون، الإنسان مُذنب عندما ينتهك حقوق الآخرين، أما في الأخلاق فهو مُذنب حين يفكر في ذلك!».
مجرد التفكير في رأي فيلسوف، مثل (كانتك)، مجرد التفكير في الإيذاء أو الاعتداء على حقوق الآخرين يجعلك مُذنباً، فما بالكم بالذي يمارس الإيذاء والاعتداء على حقوق الآخرين بالفعل من خلال الاحتكار!

حقوق المُنافسين الآخرين أن يكون لهم الحق في ممارسة التجارة والاستيراد.
وإيذاء الشعب في أن يحصل على تعدد للأسعار والسلع وتنوعها وتنوع الخدمات وبشكل نظيف ومأمون يعطيه فرصة كلا حسب مقدرته وحسب ذوقه واختياره.

الاحتكار حرب إبادة لا تسمع فيها دوي الدانات ولا أزيز الرصاص، بل تسمع عن شيكات وعمولات توزع هنا وهناك لمنبطحين وضعاف نفوس تقودهم شهواتهم على غير هُدى!
الاحتكار فساد، ومن يقول غير ذلك فهو أعمى البصر وفاقد للبصيرة وفاسد من الدرجة الأولى مع مرتبة الخيانة!

لعلمكم.. بعض المواد وخاصة المشتقات النفطية هي من أردأ الأنواع وأشدها ضرراً بالبيئة والصحة والمركبات والمولدات، وفيها نسبة عالية من مادة معدن الرصاص السام، ومن لا يصدق فلينظر ماذا يجري لعينيه ساعة نفث عادم السيارة للدخان، سيلاحظ أن عيونه قد التهبت وكأن الفلفل الحار قد ذُر عليها. وبدون إرادة تتحرك يداه لدعكها دعكاً شديداً ويبحث عن ماء بارد ليغسلها.

تلك هي واحدة من خفايا فساد الاحتكار، أي استيراد أسوأ الأشياء والمواد.. وأنتم افهموها وتدبروها وانظروا في أمركم قبل فوات الأوان، وتسيّد الذل والهوان والمسكنة والمسغبة على الجميع، من الكهل والشاب وحتى الذي في المهد رضيعاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى