كيف فشل وقف إطلاق النار في اليمن قبل دخوله حيز التنفيذ؟

> هل توافق الأمم المتحدة على مبادرة الحوثيين وتشرعن سلطتهم بقرار دولي؟

>
عدن «الأيام» خاص:
الحسم العسكري خيار إستراتيجي يتمسك به الحوثيون إن فشلوا في السياسة

كشفت مصادر سياسية خاصة في صنعاء لـ«الأيام» أن جماعة الحوثي لم توافق حتى مساء أمس على وقف إطلاق النار الذي أعلنه التحالف العربي ليل أمس الأول، لافتة إلى أن الجماعة استبقت مبادرة التحالف بالضغط من خلال مبادرة رديفة طرحت فيها الجماعة مشروعها السياسي والعسكري لشرعنته بموافقة التحالف والأمم المتحدة.

الحوثيون راوغوا سياسياً بتسريب المبادرة قبل إعلان التحالف وقف إطلاق النار، سعيا لنسب المبادرة بوقف إطلاق النار لأنفسهم، والتحالف أعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد، والأمر بمجمله ليس باتفاق بين الأطراف المتحاربة كما يروج له المبعوث الأممي.

إعلان التحالف العربي بوقف إطلاق النار لقي أصداء تباينت في تعاطيها، حيث اعتبرته أطرف يمنية بداية للدخول في حوار لإنهاء الحرب وإحلال السلام بشكل كامل، فيما اعتبرته أطراف أخرى محاولة من التحالف لإعادة ترتيب صفوف قوات الشرعية التي منيت بخسائر كبيرة أمام قوات صنعاء في الجوف ومأرب وعدد من الجبهات.

الحوثيون تعاطوا مع دعوات وقف إطلاق النار بتقديم وثيقة أطلقوا عليها رؤية وطنية للحل الشامل لإنهاء الحرب، حيث قال عضو المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، القيادي محمد علي الحوثي، إنهم قدموا رؤية لإنهاء الحرب ومعالجة آثارها وتبعاتها، مشيراً إلى أنها نابعة من حرصهم على نجاح جهود السلام في اليمن والمنطقة، وتلافي أسباب فشل المفاوضات السابقة. وتضمن المبادرة الحوثية خطوطا عريضة لإجبار التحالف العربي والمجتمع الدولي على الاعتراف بالحوثيين سلطة شرعية، كما تشير المبادرة إلى أن الحوثيين ينظرون إلى خيار الحسم العسكري كهدف إستراتيجي سيحققون به مشروعهم في اليمن والمنطقة.. ومما ورد في المبادرة:

– احتفاظ كل طرف بالمناطق التي يسيطر عليها.

– إعلان الوقف الشامل والنهائي للحرب باليمن وإيقاف كل الأعمال العسكرية البرية والبحرية والجوية.

– يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بأثر مباشر فور توقيعها في جميع محاور القتال.

– إنهاء الوجود الأجنبي في كل الأراضي اليمنية وإنهاء أي وجود عسكري يمني بالأراضي السعودية.

– فتح جميع المطارات في اليمن وإعادة فتح المنافذ البرية والبحرية.

– تنطلق عملية سياسية يمنية يمنية تؤسس لمرحلة انتقالية جديدة.

– تقوم المرحلة الانتقالية على ضمان وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه.

– يقدم كل طرف مقترحاته ورؤاه بشأن العملية السياسية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.

– تدعو الأمم المتحدة الأطراف المعنية إلى طاولة حوار تحدد مكانه وزمانه.

– يلتزم مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بعقد الحوار في أجواء حرة ومستقلة.

– تطرح مخرجات العملية السياسية لاستفتاء شعبي وفقا للدستور اليمني.

قرار وقف إطلاق النار الذي أعلنه التحالف العربي فشل قبل أن يدخل حيز التنفيذ، إذ طرحت جماعة الحوثي مبادرتها رديفة ووضعت فيها شروطا هي في الأساس مشروع أنصار الله في اليمن إن وافق التحالف العربي عليها.
الحوثيون اشترطوا أن تُطور مبادرتهم إلى قرار دولي تصدره الأمم المتحدة وتلتزم بتنفيذه، ما يعني أن الجماعة متمسكة بمشروعها وبسيطرتها على حكم اليمن، وتسعى إلى شرعنة الأمر الواقع بقرار أممي يعترف بها كسلطة لليمن وكطرف رئيس يمثل اليمن بدلا عن حكومة الشرعية.

الأخطر في مبادرة الحوثيين أنها تنص على أن إيقاف العمليات العسكرية هو بينها وبين المملكة العربية السعودية وليس على الأرض داخل اليمن، أي أن وقف اطلاق النار سيكون بين هاذين الطرفين فقط بينما ستستمر العمليات العسكرية على الأرض داخل اليمن.
وبالمقابل، فإن الحوثيين سلسلوا مطالبهم أعلاه بما يقوض الحرب ضدهم برمتها سواء قانونيا أو سياسيا أو عسكرياً.

كما أن مبادرة الحوثيين لا تعترف بحكومة الشرعية ونظام هادي ولم تتطرق إلى أحكام الإعدام التي أصدرتها ضد الرئيس ورموز نظامه من قاده عسكريين وسياسيين وبرلمانيين، ما يعني أن الجماعة تصر على أن الشرعية مجموعة من "الخونة" استغلوا مناصبهم لاستدعاء تدخل عسكري خارجي، وأن حكومة صنعاء هي السلطة الشرعية.. وقبول الأمم المتحدة سيكون المسمار الأخير في نعش النظام السياسي اليمني من أحزاب وحكومة وجيش جميعها لم تحقق أي نصر في خمس سنوات.

حكومة صنعاء التي تمثل الحوثيين ضمّنت مبادرتها لوقف الحرب شرطا بأن يبقى كل طرف محتفظا بمناطق سيطرته، في الوقت الذي باتت الجماعة مسيطرة على محافظات الشمال كافة، وتزحف حاليا نحو حدود الجنوب، وهو مؤشر على أن خيار الحسم العسكري هو الذي تراهن عليه الجماعة، من خلال تكتيكاتها السياسية ومراوغتها لكسب الوقت وتحقيق مزيد من السيطرة والانتصارات العسكرية على الأرض، ولعل ما يرجح هذه التكتيك الحوثي هو اشتراط الجماعة ما أسمته مغادرة القوات الأجنبية المتواجدة من كل الأراضي اليمنية بما فيها الجزر، في إشارة واضحة إلى قوات التحالف العربي.

ربط التزام الحوثيين وقف إطلاق النار بمغادرة قوات التحالف العربي وإيقاف الغارات الجوية يتضمن رسالة واضحة مفادها أن "دعوا الشرعية وقوات هادي تواجه مصيرها"، وتشير إلى أن الشرعية وقوات الجيش اليمني التي فشلت خلال خمس سنوات من دعم التحالف ستكون أكثر فشلا وخيبة بدون التحالف وبالذات غطائه الجوي.. وهي جميعها رسائل تؤكد مراهنة الحوثيين على الحسم العسكري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى