طبيب بعدن: قصور القائمين على الشأن الصحي سيؤدي لكوارث وخيمة

> تقرير/ وئام نجيب

> - مسؤول بوزارة الصحة: أمور عديدة فاقمت من تردي الوضع الصحي في عدن
- مواطنون يستغيثون إنقاذهم من الأوبئة وحرب الخدمات

تكالبت الأمراض الفيروسية على العاصمة عدن التي أنهكتها الحروب والصراعات السياسية، ليضاف إليها فيروس كورونا المستجد، مع ما تشهده البلد من تدهور حاد في الوضع الصحي، كما أسهمت السيول التي حدثت مؤخرا في المدينة في كشف المستور من رداءة مشاريع البنى التحتية.
في الوقت الذي تقول السلطة المحلية في عدن إنها صرفت مبلغ خمسين مليون ريال لكل مديرية، إلا أنها منهمكة في تبادل الاتهامات فيما بينها، أصبح الناس فريسة سهلة أمام الأوبئة التي عصفت بهم كالمكرفس، وحمى الضنك، والملاريا، ولا يكاد يخلو شارع أو حي من طفح المجاري وتكدس أكوام القمامة.

لسان حال المواطن بعدن يقول: "إن لم نمت بكورونا فحتماً سنموت بالحرب النفسية والخدماتية التي تمارسه علينا السلطة".
«الأيام» تناولت الموضوع مع مواطنين متضررين وجهات معنية بالشأن، وخرجت بالحصيلة التالية..

منطقة شِعب العيدروس بمديرية صيرة واحدة من المناطق الشاهدة على إهمال وتقاعس السلطة المحلية، ومياه المجاري الآسنة وأكوام القمامة هي من تستقبلك عند الدخول إليها.
يقول الحاج محمد عبده من سكان المنطقة: "منذ مجيء السيول في عدن ونحن نعاني من طفح المجاري، ولم تأتِ إلينا سيارة شفط، ولم تأتِ أي جهة كانت لتلمس أوضاع المنطقة عن كثب، والسبب الرئيسي لطفح المجاري يعود إلى الأبنية العشوائية التي بُنيت فوق مجاري السيول ما أدى إلى انزلاق الحجارة إلى بيارات المجاري، والتي خلفت تفشي للأوبئة في شِعب العيدروس بشكل خاص نتيجة للانتشار الهائل للذباب والبعوض، حقيقةً فوضع منطقتنا يتحدث عن نفسه بعد أن باتت منكوبة بساكنيها".

وأضاف: "نقولها صراحة إن الظروف العصيبة التي نمر بها أظهرت تنصل الجهات عن القيام بواجباتها، في مقابل بروز شهامة أبناء عدن؛ حيث تولوا تنظيف ورفع مخلفات السيول بأنفسهم من خلال قيامهم بعدة مبادرات طوعية، إضافة إلى الدعم المقدم من فاعلي الخير من التجار والمنظمات الذين وفروا شيولات وأدوات لرفع المخلفات".
من جانبه، الحاج عبده مرشد، من سكان المنطقة قال: "بات منزلي بيئة حاضنة للبعوض وأكثر عرضة للأوبئة، بعد أن تسبب بقاء مخلفات السيول بنفاذ المجاري إلى (مسرب الحمام)، ومن ثم يتوزع على بقية أنحاء المنزل، وعلى إثر ذلك أُصيب أربعة من أسرتي بوباء المكرفس بفترات متقاربة، ونظراً لظروفي الصعبة ففد اكتفيت بعلاجهم بالمنزل بوسائل بدائية وبسيطة، وما أخشاه هو أن تصاب أحد طفلتيّ بالوباء فلا مناعة لديهما".

مرض مستجد
وقد علّق د. عبدالرحمن الشرجبي، اختصاصي أمراض وجراحة العظام بعدن: "أعراض المرض الحالي المنتشر في عدن لا يتوافق مع حالات حمى الضنك والمكرفس والملاريا وكذلك الكورونا، وذلك من خلال تسلسل الأعراض، وعلى ما يبدو بأن هناك مرضاً فيروسيا أو بكتيريا مستجدا ناجما من مخلفات السيول واختلاطها بمياه المجاري، وهذا الواقع الصحي الجديد يحتم بأن تُسخر له كل الجهود من قِبل القائمين على الشأن الصحي، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية للوقوف على الوضع الصحي وعمل إستراتيجية ترتكز أساساً على الفحوصات المخبرية الدقيقة والاستعانة بخبراء المختبرات التابعين للمنظمات الصحية العربية والدولية، كون أن المشكلة الحالية تتمثل في غياب وقصور في عملية تشخيص الحالات المستجدة، والذي يحدث حاليا هو مجرد اجتهادات وتوقعات لا ترتقي إلى مستوى مجابهة مثل هذه المستجدات الصحية"، مشيرا إلى أن "هذا القصور من قِبل القائمين على الشأن الصحي سوف يؤدي إلى كوارث وخيمة لا يُحمد عقباها، ومن هنا نوجّه عبر صحيفتكم نداء إلى الجهات الصحية المختصة لإعلان حالة الاستنفار ووضع المعالجات السريعة لمجابهة الخطر الداهم الذي يهدد حياة الكثيرين".

مشكلات
بدوره، يفيد د. عبدالرقيب محرز، وكيل في وزارة الصحة العامة والسكان، لـ«الأيام» بالقول: "الضنك، والمكرفس، والملاريا إضافة إلى فيروس كورونا اجتمعت على شعب أنهكته الظروف الاقتصادية والحروب، حيث تزايد انقطاعات الكهرباء والمياه بعد الأمطار مما فاقم من ضعف الوضع الصحي بالمدينة، بعد أن أصبح المواطن لا يستطيع الالتزام بالحجر الصحي نتيجة للحر الشديد، مما يضطر كبار السن وذوو الأمراض المزمنة للخروج للشارع والأسطح، وبهكذا يكونوا أكثر عرضة للبعوض، كما أن انقطاع المياه عن الأحياء يدفع الناس إلى تجميع المياه في (دبب) وأواني مكشوفة ودون أغطية، وهنا يجد البعوض بيئة مناسبة في التوغل إلى المنازل، والعيش مع أفراد الأسرة حتى وإن كانت النوافذ مغلقة، وما يزيد الأمر سوءاً هو طفح المجاري المنتشر في بعض الشوارع والأحياء وسط صمت السلطة".

وأضاف قائلاً: "تحملت المستشفيات فوق طاقتها الاستيعابية من أعداد المرضى الوافدين إليها، وهناك خوف شديد لدى المجتمع بما فيه الأطباء والكوادر الصحية بسبب تزايد أعداد المرضى، ونحن في وزارة الصحة نعمل وسط جملة من التحديات وتتمثل بضعف الإمكانيات وتباطؤ المنظمات الدولية، وخصوصاً منظمة الصحة العالمية من القيام بدورها أمام الشعب اليمني، لاسيما وأننا نواجه عدة معوقات؛ أبرزها: نقص حاد في عدد أسرّة أقسام العناية المركزة، وأجهزة التنفس الصناعي، ومصانع الأكسجين وأجهزة الفحص (PCR)، ونقص السواب مساحات سحب العينات من الحالات المشتبهة بفيروس كورونا، فضلا عن نقص كبير في وسائل الحماية الشخصية للكوادر الطبية، مما أدى إلى هروب عدد منهم بسبب الخوف على أنفسهم وأهاليهم من خطر الوباء، ولكن لا يمنع ذلك من أنه لا يزال لدينا أبطال في خط الدفاع الأول يقومون بواجبهم الإنساني البطولي أمام شعبهم، إضافة للكوادر الطبية المتواجدة في مركز الأمل للعزل الوقائي في مديرية البريقة الذين يأدون واجبهم في ظروف معقدة، على الرغم أن منهم ممن لم يتقاضَ مستحقاته من منظمة الصحة العالمية منذ شهرين من تطوعهم في العمل، وعبر «الأيام» نعدهم أننا سنقف بجانبهم حتى نيلهم كافة مستحقاتهم مع التزامنا بتوفير عوامل الاستقرار لهم كالسكن والغذاء".

عزوف عن استقبال الحالات
وفيما يخص رفض استقبال المستشفيات في عدن للمرضى، قال محرز: "هناك مستشفيات رفضت استقبال المرضى بحجة ظهور حالات مصابة بفيروس كورونا، وتم العزوف عن استقبالهم حرصاً على سلامة الكوادر الطبية والخدمية لعدم توفر وسائل الحماية الشخصية لهم، وعلى ضوء ذلك عُقد لقاء أمس الأول (السبت) للوقوف أمام تلك المشكلات بحضور محافظ عدن أحمد سالمين، وكيل وزارة الصحة د.علي الوليدي، ورئيس القيادة المحلية في المجلس الانتقالي د.عبدالناصر الوالي، وخرج الاجتماع بأن على كافة المستشفيات الالتزام باستقبال الحالات على أن يتم مدهم بالملابس والكمامات وكافة وسائل الحماية والسلامة المهنية، وفي حال امتنعت أي مستشفى عن ذلك فسوف ستتعرض للإجراءات الرادعة وفقا للقانون".

ضرورة الالتزام
وفي ختام حديثه، قال: "على المجتمع أن يدرك المخاطر المحيطة به، ويلتزم الإرشادات والنصائح الصحية الصادرة عن وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، وهي عدم الخروج من المنازل إلى للضرورة القصوى، حيث أننا نلاحظ استهتاراً كبيراً وعجيباً، وفي نفس الوقت يتباكون في مواقع التواصل الاجتماعي من وجود أمراض وإغلاق مستشفيات، ومقابل ذلك فلا تزال الناس تجوب الشوارع صغاراً وكباراً، وفي أماكن مزدحمة من مولات ومساجد ومجالس قات وألعاب... ألخ، وكأن الأمر هين، ولا ننسى بأن الاستهتار بالأمر أنهك كبريات الدول ومن أعظمها تطوراً للمنظومة الصحية؛ كإيطاليا وأسبانيا والولايات المتحدة، فما بالكم بدولة هشة ونظام صحي مهترئ مثل اليمن خاصة بعد حروب أكثر من خمسة أعوام وكوارث طبيعية ومشاحنات سياسية أنهكت البلد ونغصت حياة المواطن؟".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى