مواطنون في أبين لـ«الأيام»: نعاني انهيار المرافق الخدمية منذ 2011م وسط تجاهل الشرعية

> تقرير/ عبدالله الظبي

>
تعاني مديريتا زنجبار وخنفر بمحافظة أبين منذ تسع سنوات، من ويلات الحروب والصراعات العسكرية، وآخرها أحداث أغسطس 2019م التي تسببت بتقاسم المحافظة بين طرفي الصراع.


ومنذ أعوام والخدمات الطبية تشهد تراجعاً كبيراً، بالتزامن مع انتشار أكوام القمامة في الشوارع والأسواق والأماكن العامة والأحياء السكنية، وتسببت بوضع بيئي مقلق وانبعاث الروائح الكريهة التي أزكمت أنوف المواطنين، الأمر الذي بات يهدد بثلوث بيئي وسط مخاوف الأهالي من إصابتهم بالأمراض المعدية، وخاصة مع انتشار الحشرات الناقلة للأمراض في المدينة، والانقطاعات المتكررة للكهرباء، بالإضافة إلى طفح مياه الصرف الصحي في بعض الأحياء.

بصيص أمل
ويقول المواطن عبدالقادر خضر السميطي، في حديثه لـ«الأيام»: "محافظة أبين المدمرة جزئياً لم يعد للموظف مكان يداوم فيه، ولكن هناك بصيص أمل لاستعادة أبين ولو جزء بسيط من ألقها القديم، ولكن للأسف أبين في ظلام دامس، وفي نكد دائم، ويبدو أن حكامها مستمرون في إهمالها وعدم قدرتهم على القيام بواجباتهم تجاه محافظتهم".

وتابع حديثه قائلاً: "هناك محاولات لبعض المسؤولين لإصلاح ما يمكن إصلاحه، ولكن هذه الطموحات والمحاولات تصطدم بمبرر الإمكانيات المادية، وهذا عذر أقبح من ذنب، فالفساد المستشري هنا وهناك في الدولة مرافق معطلة عطلت الحياة والحركة في المحافظة".

وأضاف قائلا: "هناك مزراع أصابها التصحر، وأراضٍ زراعية تعرضت للجرف بسبب قوة السيول التي لم نعد قادرين على استيعابها، وإدارة الري معطلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فلا آليات، ولا إمكانيات، ولا تجديد في العمالة داخل الإدارة، وتفتقر لأبسط وسائل العمل، ومعظم الإدارات، إن لم تكن كلها، في حالة يرثى لها، والكل يشتكي ويبكي على أبين في زمانها القديم، حينما كانت مركزاً للنقاهة والراحة والاستمتاع بجمال أراضيها وخضرتها وطيبة ناسها أبين، لم تعد قادرة على العطاء بسبب الإهمال المتعمد".

وقال السميطي: "محافظة أبين من أجمل محافظات البلاد والجنوب، ويطلق عليها أبين الخضراء، وتحتضن دلتا أبين، والتي تروى أراضيها علي واديين كبيرين؛ هما: وادي بناء، ووادي حسان، وهي من أجمل وأخصب الأراضي الزراعية المنتجة لقطن أبين بورد قطن طويل التيلة، وهو من أجود الأقطان على مستوى العالم، أبين كانت في فترة من الفترات من المحافظات التي يقبل عليها الزوار والسواح من جميع مناطق اليمن شمالاً وجنوباً، وخصوصاً في فترة الثمانينات أبين كانت قبلة الزوار ومصنع للقيادات، ومركز للعلماء والخبراء، وخصوصاً في المجال الزراعي والتنموي بشكل عام.

تعرضت للتدمير
وتابع السميطي: "للأسف أبين الخضراء تعرضت للتدمير، وخصوصاً في عام 2011م، حيث دمرت البنية التحتية، وتعطلت مرافق العمل والإنتاج، ودمرت المساكن، وتعرض المواطنون للتهجير والتشريد إلى المحافظات المجاورة بسبب حرب 2011م مع جماعة أنصار الشريعة، وبسبب هذه الحرب تعرضت محافظة أبين لأعمال نهب كبيرة لم تترك مرافق الدولة سوى هياكل من المباني، المدمرة جزئياً، ولم يعد للموظف مكان يداوم فيه، ولكن هناك بصيص أمل كان بدأ يلوح بالأفق لاستعادة أبين، ولو جزء بسيط من ألقها القديم، والكل يشتكي ويبكي على زمان أبين حينما كانت مركز للنقاهة والراحة والاستمتاع بجمال أراضيها وخضرتها وطيبة ناسها، أبين لم تعد قادرة على العطاء بسبب الإهمال المتعمد، أبين جريحة وتبحث عن طبيب يداوي جراحها.


مشاريع ترقيع
فيما قال المواطن أبوبكر محمد العويني: "لقد تعرضت محافظة أبين لضربات متتالية منذ عام 2011م من قِبل طرفي الشمال في حرب صيف 94م، وعبر أدواتهم أنصار الشريعة؛ حيث دمرت منازلنا وشردتنا من مديريتي زنجبار وخنفر، وإلى الآن لم يتم صرف تعويض للمواطنين".


وأضاف: "أبين تعيش في ظلام دامس وبدون مرافق صحية، وإن وجدت مبانٍ لكنها خالية من الأدوية ومن الكوادر الطبية، وتعاني الإهمال للصرف الصحي، فلا توجد مشاريع، وإنما حلول ترقيعية تقوم بها الحكومات المتعاقبة والحالية".

وتابع قائلا: "جميع الطرقات مدمرة وخصوصاً خط عدن - أبين الدولي، وقعت فيه حوادث كثيرة بسبب الأكواد الرملية، لم تقم الحكومة بإصلاحه إلا عبر تصريحاتهم في وسائل الإعلام، أما في الواقع لا أثر لهم".


وقال العويني: "السلطة المحلية كانت جزءاً من أدوات تدمير أبين في 2011م عندما هربت قوات الأمن، وتركت المواطنين يواجهون الموت المحتوم من أنصار الشريعة، وكل المحافظين الذين توالوا على أبين نهبوا المخصصات، وحولوها إلى البنوك بسبب انعدام الرقابة والمحاسبة، وتركوا المحافظة وانتقلوا للسكن في عدن".

وتابع قائلا: "بنسبة للمحافظ الحالي أبوبكر حسين أقولها بصراحة عندما جرى تعيينه محافظاً لأبين كانت خطواته في العمل صحيحة، ولكن عندما قام بزيارة السعودية، والتقاء نائب الرئيس علي محسن الأحمر، وهو أحد مَن دمر أبين عاد المحافظ إلى أبين ولم نرَ منه إلا افتتاح مشاريع عبر وسائل الإعلام لاوجود لها في الواقع".

تدهور في كافة الخدمات
من جانبه، قال المواطن عبدالله سعيد، أحد أبناء مديرية زنجبار: "المحافظة تعاني المآسي بعدما دمرتها الحروب التي مرت بنيتها التحتية، مما أدى إلى تدهور الخدمات فيها".

وتابع حديثه لـ«الأيام»: "الجهات المعنية في المحافظة تبرر مشاكل الكهرباء والخدمات بانهيار منظومة الكهرباء وأزمة المشتقات النفطية، أو تعطل المولدات وغيرها، وهناك الكثير من الوعود بإنشاء محطة الكهرباء؛ لكنها لا تتجاوز التصريحات والوعود الجوفاء، ومع دخول فصل الصيف وشهر رمضان المبارك تزداد المعاناة مع انقطاع التيار الكهربائي في المحافظة بشكل كبير".

كهرباء أبين
كهرباء أبين

وقال: "الجهات الحكومية تخلت عن دورها في صيانة المرافق الخدمية الباقية في المديريات التي تضررت من الحروب التي مرت بها المحافظة، وفشلت في مواجهة تكدس القمامة في الشوارع والأحياء".

وتابع المواطن سعيد في سرد معاناة أبناء أبين في حديثه: "النظافة تقتصر على أماكن معينة في شوارع، مدينة جعار ومدينة زنجبار التي يحيط بهما حزام من القمامة يهدد المدينة بكارثة، فيما السلطات المحلية، غائبة عن دورها لتخليص المحافظة من خطر انتشار القمامة؛ كون هناك الكثير من الأوبئة التي تنتشر في المحافظة ويتخوف المواطنون من وباء كورونا الذي انتشر في المحافظات المجاورة".


ولفت إلى أن "هناك تدهوراً في شبكات الصرف الصحي في بعض أحياء المحافظة"، منتقداً عدم صيانتها، مع استمرار طفح المجاري في الشوارع، ودعا الجهات المسؤولة إلى تأهيل شبكات الصرف الصحي، والإسراع في تحديد مجمع لمياه الصرف الصحي خارج المدينة.

قطاع صحي منهار
وأضاف: "القطاع الطبي في المحافظة يُعد الأسوأ في تقديم الخدمات الطبية والمنشآت الطبية في المحافظة التي تعاني من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، والتجهيزات الطبية، وذلك مع تخوف المواطنين من احتمال وصول وباء كورونا إلى المحافظة بعد ما انتشر في المحافظات المجاورة".


وحذّر المواطن سعيد من غياب الكوادر الطبية ونقصها في المرافق الصحية لتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، وقال: "هناك نقص بالأطباء الاختصاصيين، ويجب على السلطة المحلية بالمحافظة العمل على توفير المستلزمات الطبية اللازمة للمستشفيات، وتقديم رعاية طبية لائقة".


انهيار البنية التحتية
وأكد المواطن عبدالله المعلم في حديثه: "لا يخفى على أحد ما مرت به محافظة أبين، وما تمر به من حروب انعكست ويلاتها على هذه المحافظة متسببة بتدهور الخدمات الأساسية وانهيار بنيتها التحتية".

وأضاف المعلم: "تنفست المحافظة الصعداء قبيل وأثناء بطولة خليجي 20 من خلال توفير بعض الخدمات، وإعادة تشغيل البنية التحتية، حتى انهارت كل هذه الخدمات بعد انتهاء البطولة؛ حيث تعرضت المحافظة للنهب بشكل ممنهج من خلال سرقة المولدات الكهربائية التي كانت في الملعب وتعطيل بعض الخدمات وانعدام الأمن، ولم يقف هذا السيناريو من النهب حتى أتت جماعة أنصار الشريعة، ومن بعدها جماعة الحوثي لتقضي على ما تبقى من المحافظة من مبانٍ وأدارات ومكاتب؛ حيث شرعنت للجيش قصف المدن وتدمير المباني والأدارات الخدمية ما أدى إلى انهيار البنية التحتية". مؤكداً أنه "حتى منازل المواطنين لم تسلم من هذا القصف الجائر، ومن حينها تفاقم تدهور الخدمات، ما عكس ذلك سلباً على كاهل المواطن الذي وقف عاجزاً أمام كل هذه الكوارث التى لحقت بالمحافظة، وما أن تنتهي أزمة حتى تأتي أخرى، وزاد الطين بلة، من خلال انعدام الكهرباء والمياه وارتفاع الأسعار في المواد الغذائية وغيرها، وكل هذا أنهك المواطن؛ حيث ترك وحيداً يواجه كل هذه الأزمات بمفرده وغاب دور السلطات المحلية والجهات ذات الشأن من القيام بواجبها تجاه هذه المحافظة التي عانت ولا زالت ويلات هذه الحرب، واكتفت بالحلول الترقيعية لبعض الخدمات التي تنهار بين الحين والآخر".

وتسائل قائلا: "متى يعود لهذه المحافظة رونقها وتنهض من جديد على قدميها؟!". متوجهاً برسالة إلى محافظ المحافظة عبر "الأيام" بالقول: "ومن هنا أوجه رسالتي إلى رأس الهرم المحافظ أبوبكر حسين، وإلى كل من يندرج ضمن هذا الهرم، على أن يوحدوا الصف، وأن يفقوا معاً، ويتركوا ما بينهم من نعرات وخلافات، وأن ينهضوا بهذه المحافظة من خلال توفير الخدمات الأساسية والبنى التحتية وخفض أسعار المواد الغذائية وغيرها، فاليوم فوق التراب وغدا تحته".

"النفقات التشغيلية لا تكاد تغطي شيئا"
وأوضح م. سالم عكف، مدير عام مديرية زنجبار، في حديثه لـ«الأيام» قائلا: "لا يخفى عن القاصي والداني ما لحق بمحافظة أبين ومديرية زنجبار من أحداث ومآسي القاعدة وتبعها أحداث الحوثي، إن أحداث 2011م دمرت في زنجبار الإنسان والحيوان والنبات والبنية التحتية كلها، وتم نهب كل المعدات والآليات ولا زالت آثار الحروب إلى اليوم، فبعد عام 2011م ضاعت الدولة، وتشتت، ولم تقوم لها قائمة منذ ذاك العام".

وأضاف: "في عودة أبين وأهلها قُدّم الشيء البسيط؛ لكن الهدم طال الإنسان، وتم جرحه وإهانته وتدمير الذات أو الروح، لم يستمر البناء والإعادة؛ لأن الدولة سقطت، ولم يبقَ إلا شبه دولة متمسك بها الإنسان لتسيير الشيء الممكن فقط، منذ العام 2011م والبلاد في تدهور مستمر، والدولة فاقدة للاستقرار والأمن والأمان".


وقال: "كي نعود للبناء فلابد من استقرار، وطالما الوطن والبلاد ضائعة فلا يوجد أمل غير أن نسدّد ونقارب بالممكن والموجود، فلا يمكن إعادة الإعمار أو التدخل في مثل مشاريع مياه الكهرباء، الصرف صحي، إلا بوجود ميزانية قوية وخطة استثمارية مدعومة من الدولة في إطار الموازنة العامة التي هي منذ عام 2006م، الميزانية فيها بند الرواتب فقط، وتم تقليص النفقات التشغيلية إلى 25 %، ولا تكاد تغطي شيئاً، والصرف على مثل هذه الأعمال يتم من الباب الرابع المدعوم من الميزانية المركزية والإيرادات المشتركة والمحلية التي لا تغطي شيئاً، صار الدعم المركزي يكاد يغطي الرواتب للقطاع المدني، ولذا أغفلت المشاريع التنموية الكبيرة، وتحولت إلى مسألة ترقيع من قِبل المنظمات العاملة التي هي في الأساس سكرتاريات تابعة لبعض المنظمات الكبرى في الأمم المتحدة وبعض الوزارات، أو منظمات هي في الحقيقة شركات مقاولات أو شركات سمسرة تنفذ ما تيسر، ولابد من وضع المكسب الخاص للمنظمة".

وتابع حديثه متسائلاً: "كيف وماذا ستقدم السلطة المحلية في ظل ضعف الإيرادات المحلية والتي تقدم طلبات المشاريع المراد تنفيذها وتفتقر إلى الدراسات، وهي الأهم؟ ومع هذا تظل السلطة المحلية تبحث عن المسوق والمنفذ للمشاريعها من الصناديق والمشاريع والمنظمات التي عندها القدرة لتسويق ومتابعة التنفيذ".

واختتم قوله: "النهوض بالمحافظة والمديريات بحاجة إلى مشروع نهضة تبدأ بالإنسان، وتنتهي بالحجر والشجر، وأي تنمية أساسها الإنسان الذي صار بعد 2011م مصدر إعاقة لكل المشاريع التي تنفذ".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى