المرحلة الانتقالية الجنوبية لن تكون نزهة

> المرحلة الانتقالية، من الحكم الاستبدادي إلى الحرية والديمقراطية، تتميز بدرجة عالية من الصعوبات وبمواقفَ وأحداثِ مفاجئة ومخاطرَ سياسيةٍ واقتصادية واجتماعية لا مفر منها، ولكن يظل أساس نجاح المرحلة الانتقالية هو وحدة المجتمع الداخلية الوطنية التي تعتبر شرطا مسبقا لأي تحولات داخلية ناجحة.

بعد الوحدة اليمنية، لم يكن في نية عفاش ونخبته السياسية اجتياز المرحلة الانتقالية للوحدة اليمنية في جسد واحد، من أجل بناء نظام سياسي قوي موحد، خاصة وأن الأجواء الجنوبية بكل أشكالها الشعبية والسياسية كانت هائمة في حب الوحدة اليمنية إلى درجة السذاجة السياسية والشعبية، وبدلا من ذلك قام عفاش بإضفاء الطابع الشخصي على سلطة الوحدة، وبالحفاظ على ملامح دولته السابقة المرتبطة برجال الدين والقبائل في الشمال وعلاقات الراعي- العميل. هذا الشكل من الحكم أدى إلى إفراغ دولة الوحدة من رمزيتها الوطنية وإفقار غالبية سكان البلاد وبروز طبقة صغيرة فاسدة غنية قائمة على العلاقة القبلية والعائلية والمحسوبية فيما بينها تتبعها مراكز قوى بشكل مستقل وتوازي سلطة الدولة ومحميه من طبقة مثقفة من المرتزقة وجيش من الجهلة.

إن البلاد على مفترق طرق، ستنتهي الحرب في الجنوب والشمال طال الزمن أم قصر وستزول الجمهورية اليمنية شئنا أم أبينا، فهذا قدر الدول الاتحادية الفاشلة والتاريخ مليء بالأمثلة، وكل طرف سيتجه إلى بناء دولته.

ما يهمنا هو أن المرحلة الانتقالية يجب أن تكون على قاعدة الاستفادة من أخطاء الماضي، فعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، أصبحت الحرب جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس في الجنوب، والآن الناس تعترف صراحة بأن كل ما يحلمون به هو العيش بسلام وعدم مشاهدة الأسلحة.

طريق الجنوب في المرحلة الانتقالية لن يكون مفروشا بالورد، ومن المهم اليوم دراسة العوامل التي تساهم في تحييد أي أزمات اجتماعية أو سياسية قادمة وتحديد كيف سيكون شكل الاتفاق الداخلي حول القضايا الأساسية للنظام و للبنية الاجتماعية، العملية الدستورية ، والخصخصة، وتوازن مصالح المركز والأقاليم، نظرا لتنوع تفاصيل العوامل السياسية المحلية.

وجدت الدولة الروسية نفسها على أنقاض الاتحاد السوفيتي وخلال الفترة الانتقالية العصيبة لحكم يلتسين كان هناك الكثير من الفساد والبسط والنهب في الخصخصة وظهرت إلى السطح السياسي شخصيات لم تكن معروفة، أصبحت في فترة قصيرة من جماعة المليارديرات مثل جوسينسكي وخادروفسكي وبيريزوفسكي، كان هؤلاء يظنون أنفسهم فوق القانون والدولة في فترة المرحلة الانتقالية الروسية، لكن مع وصول بوتين إلى السلطة تم محاكمة الأول والثاني وحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة في قضايا فساد وتشكيلات مسلحة إجرامية، بينما مات بيريزوفيسكي من الاكتئاب في فلته الفخمة بوسط لندن وهو يتمنى رؤية موسكو، والسعيد من اتعظ بغيره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى