رحيل العظماء

> محمد عبدالله الموس

> مرت علينا خلال الأيام الماضية ذكرى رحيل هامتين جنوبيتين كانت لهما بصمات لا تنمحي من الذاكرة الجمعية الجنوبية مهما انقضت الأيام والسنون وسيظل تاريخهما محفورا في سجل الخالدين.

هشام محمد علي باشراحيل (صاحب الشخصية الكارزمية) التي لا تخشى في الحق لومة لائم، كان صاحب نظرة بعيدة بكل معنى الكلمة، أتذكر أنه قال ذات دردشة محدودة العدد بعض حضورها احياء، قل بالحرف (تنقطع يدي لو سمحت أن تنشر "الأيام" أي إساءة لأي مسؤول جنوبي في السلطة)، وكأني به يقول يكفي ما عانيناه من بعضنا كجنوبيين، وأتذكر أننا ذكرنا هذه المقولة للعم ناصر منصور هادي (فك الله أسره) عندما كنا في زيارة له، الأستاذ القدير نجيب يابلي وأنا.

عندما هاتفني الصديق العزيز أحمد عمر بن فريد يسألني هل لا زلت في صنعاء؟ ويبلغني بالاعتداء على منزل آل باشراحيل في صنعاء أثناء تواجد هشام فيه، كنا بصحبة الأخ أحمد الميسري، وعند وصولنا إلى المنزل كان محاطا بعدد كثيف من العسكر، وعندما سأل الأخ الميسري قائدهم عن سبب هذا التواجد قال (نحن هنا لحماية هشام يا فندم)، فقال له الميسري: نزل عساكرك من فوق سطح البيت، وإذا تعرض هشام لأي ضرر شوف با تقع (......).

عندما دخلنا إلى البيت كان يعج بالجنوبيين وعلى رأسهم عدد من أعضاء مجلس النواب، وحين سلمنا عليه همس لنا بقفشة من قفشاته المعهودة أضحكتنا كثيرا.
ولم تعد خافية على أحد واقعة تدبير عملية القتل التي دبرها زبانية (قرقوش صنعاء) للأخ أحمد العبادي المرقشي، أما هشام فقد عاد إلى عدن بصحبة عدد من أعضاء مجلس النواب، ومن يومها تأكد لنا أن قبر الوحدة قد تم حفره ولم يتبق إلا دفنها.

اللواء سالم علي قطن، قائد معركة السيوف الذهبية التي قادها ضد التنظيمات الإرهابية في الجنوب وعلى الأخص في محافظة أبين، صاحب المقولة الشهيرة (عادوا إلى معسكراتهم) عندما سأله الصحفي (أين ذهب أعضاء القاعدة الذين طردتموهم من أبين؟).
قائد استثنائي من رعيل القادة العظماء الذين يفخر بهم الجنوب، وبرغم علو قدره إلا أنه شديد التواضع، صحيح أن الأعمار بيد الله لكن تواضعه، عندما توقف بسيارته غير المصفحة ليرد على إشارة من يد عابر طريق يفجر نفسه فيه، ربما كان سببا في اغتياله.

قبيل استشهاده قابلته في عزاء المرحوم صالح القاضي سالم رحمهما الله، والقاضي قائد عسكري من رعيل الشهيد سالم قطن، وأذكر ممن حضروا العزاء الأخ د. الخضر لصور رئيس جامعة عدن الحالي، فسأل أحد الضباط الحضور عن عدم قيام الجيش بمناورات كما كان يحصل زمان، فقال الشهيد قطن إن هذه المناورات عادة تتم باستخدام الذخيرة التي على وشك نفاد صلاحيتها، فقال الضابط: والآن أيش المانع من استخدامها؟ فتدخلت وقلت: الآن يبيعوها قبل نفاد صلاحيتها، فقال لي العم سالم قطن ضاحكا (احسن لك يا ولدي) ثم قال (شوف رئيسكم عسكري وبايزعل) يقصد الحبيب عبدالرحمن الجفري.

رحم الله فقيد وشهيد الجنوب هشام محمد باشراحيل وسالم علي قطن وكل شهداء وفقداء الجنوب الذين سقطوا على درب الجنوب العربي الطويل الذي لم يشهد استقرارا منذ 1967م حتى اليوم، ويخوض شعب الجنوب نضالا مريرا منذ 1994م ونتمنى أن يكلل نضاله بالنصر وأن يصل بالجنوب العربي إلى بر الأمان الذي انتظرته الأجيال طويلا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى