هل ينجح جريفثس في اقتناص موافقة الحوثيين على خطته؟

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> على مدى أكثر من عامين منذ أن تولى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيثس مهمته، وهو يحاول أن ينجز شيئا يضيفه إلى سيرته الذاتية المثقلة بملفات النزاعات التي تصدى لها سابقاً. غير أنه حتى الآن لا يزال يراوح عند نقطة البداية في ظل إجماع اليمنيين على أن مساعيه لا تعدو عن كونها كمن يحاول أن «يحرث في البحر».

وخلال الأيام الماضية أنهى جريفيثس جولة جديدة في المنطقة شملت الرياض ومسقط لعرض مسودة خطته الأحدث التي يريد من خلالها انتزاع «إعلان مشترك» لوقف النار والموافقة على تدابير إنسانية واقتصادية واستئناف مسار مفاوضات الحل الشامل. لكن مراقبين كثيرين يرون أن مساعيه هذه لن تكون أحسن حالاً من سابقاتها في ظل تنصل الحوثيين ومراوغتهم وسعيهم إلى الرهان على التوسع العسكري وتثبيت أقدام الانقلاب.

ومرارا يتعرض جريفيثس للانتقاد من اليمنيين على كافة المستويات والشرائح الاجتماعية.
وأمس الثلاثاء انتقد الكاتب والباحث الأكاديمي اليمني د.فارس البيل أداء المبعوث الأممي ويتخوف من كون خطته الجديدة مشروعاً «لتأجيل الصراع»، بدلاً من معالجة القضايا الأساسية.

ويقول البيل لصحيفة «الشرق الأوسط» أمس إن "استمرار جريفيثس في المسار ذاته والانتهاج المبتسر الذي خطه منذ مجيئه، لا يقود إلى نجاح يمكن ترقبه". وأضاف أن "جريفيثس أراد تجزئة المشكلة اليمنية إلى ملفات صغيرة، لينجزها كصفقات، كما فعل حينما قوّض فكرة التفاوض السياسي العام الذي كان قد قطع مسافة، واختزل ذلك كله في ملف الحديدة، واختزل ملف الحديدة في مينائها، والميناء في إدارته وشرطته، وهكذا، لم ينجز من ذلك شيء، وقضى ما تبقى من وقته يعقد اجتماعات هامشية لا معنى لها، مع شخوص غير مؤثرة، لأجل أن يبرر راتبه ووقته كما يبدو».

وحول «الإعلان المشترك» الذي يسعى جريفيثس لإنجازه، يعتقد البيل أن "المبعوث يريد من هذه النقطة تحديداً أن يعود بمبادرة جديدة ككل مرة، تحمل المضامين ذاتها لكن بزخارف جديدة، كي يشعر المنظمة المبتعث منها أنه يعمل، بينما في الحقيقة هو لم يقف على الجرح مع أنه يدركه، ولم يسمّ العلاج مع أنه يحفظه".
وتابع البيل أن «التجزؤ الذي قام به جريفيثس يبدو أنه أدرك خطأه فيريد الآن أن يلملم الأجزاء ويلصقها جميعاً في مبادرة جديدة، لكنها كلها تفتقد إلى ما يريده عامة اليمنيين، بل بها ما يريده المتصارعون وحسب، وتفتقد إلى الضمانات الحقيقية والضاغطة لتفعيلها، كي تسمح بالفشل المتكرر والتهرب من الالتزام بها».

وفي ظل هذا الإحباط الذي يهيمن على الشارع اليمني من الدور الأممي، يجزم البيل أن «مشكلة اليمن ستبقى مستمرة حتى تدرك الأمم المتحدة ومبعوثوها التصور الحقيقي للكارثة، وأن حلها ليس بعقد اتفاق تقاسم السلطة، بل بمساعدة اليمنيين على التخلص من كل فرص الحرب وأدواته وأسبابه ومكوناته بالوسائل المتاحة. أما ما عدا ذلك فليس سوى اتفاقات لتأجيل الصراعات وفقط».

في سياق متصل لا يبدي الكاتب اليمني وضاح الجليل تفاؤلاً كبيراً بالخطة الجديدة للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس لافتاً إلى أن «خداع الحوثيين وتسويفهم سيفشل كالمعتاد أي مساعٍ أممية أو إقليمية للحل».

وتنقل «الشرق الأوسط» عن الجليل قوله إن «ما لم يحققه جريفيثس في عامين ونيف؛ حين كانت ميليشيا الحوثي في مرحلة ضعف شديدة لن يحققه الآن وهذه الميليشيا تعتقد أنها تعيش مرحلة توسع ونفوذ جديدة نتيجة تقدمها في بعض الجبهات، وقدرتها على تجنيد مقاتلين جدد بالأموال التي نهبتها من الضرائب نهاية العام الماضي وعائدات ميناء الحديدة، وأيضاً بالدعم اللوجيستي الإيراني، وبسبب انشغال المجتمع الدولي بملفات وقضايا أخرى في المنطقة والعالم، وما تسبب به وباء كورونا من إنهاك للاقتصاد العالمي».

ويرى أن «العصابة الحوثية تعتمد على تعاطي المجتمع الدولي غير الحازم معها في المماطلة والتسويف والخداع، وكسب الوقت واستغلال الفرص لتحقيق التوسع والنفوذ، والتهرب من الالتزامات وممارسة الانتهاكات».

وأوضح أن «الجماعة لديها استراتيجية بعيدة المدى في التعامل مع مختلف الملفات؛ إذ تراوغ وتخادع في المشاورات مع الوسطاء والمبعوثين الأمميين لتكسب الوقت وتستغل انتظار الأطراف الأخرى (السلطة الشرعية والتحالف العربي) لما سينتج من تلك المشاورات، وضغوط المجتمع الدولي عليهما لوقف العمليات العسكرية، فتباغت هذه الميليشيا الجميع بشن هجمات ميدانية في الجبهات المهمة لها، والمواقع الاستراتيجية، وفي كل مرة يظهر جريفيثس وكأنه يقوم بدور التغطية على الانتهاكات الحوثية وتوسعاتها».

ويعتقد أن الجماعة الحوثية «ستشن هجمات عسكرية كبيرة باتجاه مأرب» بالتزامن مع مساعي جريفيثس، «إذ إنها عملت ولا تزال تعمل على تجنيد آلاف المقاتلين من أبناء القبائل بمختلف وسائل الترهيب والترغيب للزج بهم في هذه المعركة، طمعاً في اقتحام محافظة ومدينة مأرب، أحد أهم معاقل الحكومة الشرعية».

وبعيداً عن تفاصيل «مسودة الإعلان المشترك» التي حملها جريفيثس أخيراً إلى قادة الشرعية والأحزاب المؤيدة لها في الرياض، وبغض النظر عما إذا كانت «فخاً أممياً» جديداً ينصب للشرعية على غرار «اتفاق ستوكهولم»، يرى أغلب السياسيين اليمنيين أن الجماعة الحوثية ستكون حجر العثرة الحقيقي أمام أي جهد يفضي إلى خفض التصعيد أو استئناف المشاورات أو حل قضايا الملفين الإنساني والاقتصادي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى