مظاهرات شعبية غاضبة بإسرائيل تطالب برحيل نتنياهو

> حفريات «الأيام» إسماعيل حسن

> عمّت الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية الغاضبة كافة الأحياء والمدن داخل إسرائيل، والتي تطالب برحيل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، واستقالته من منصب رئاسة الحكومة، وذلك بسبب غياب انسجام الائتلاف الحكومي، وتورطه بقضايا فساد بعد الكشف مؤخراً عن معطيات جديدة في قضية الغواصات، إلى جانب تقصير حكومته وسياساتها الفاشلة في أزمة كورونا، والتي انعكست آثارها سلباً على حياة الإسرائيليين، وأحدثت دماراً، خاصة على الصعيد الاقتصادي الذي بات منهاراً.

 هذه الاحتجاجات جاءت في وقت يحتاج فيه بنيامين نتنياهو إلى التفاف شعبي ودعم جماهيري، عشية بدء محاكمته في ثلاث قضايا فساد خطيرة؛ حيث وجد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه أمام عاصفة من الاحتجاجات، وإغلاق الشوارع، وحرق الإطارات، واتّهامه بالفشل في معالجة أهم القضايا التي يعاني منها الإسرائيليون.

ومنذ نحو شهرين، ما يزال الإسرائيليون يتظاهرون أسبوعياً، وفي بعض الأحيان أكثر من مرة في الأسبوع الواحد، للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وفي استطلاع للرأي أجرته القناة العبرية العاشرة، في 28 تموز (يوليو) الماضي، أظهرت نتائجه أنّ ما نسبتهم 75% من الإسرائيليين، غير راضين عن أداء حكومة نتنياهو خلال أزمة كورونا، وما تبعها من أزمات متراكمة، طالت شريحة واسعة من الإسرائيليين.

وأفادت قناة "كان" العبرية؛ بأنّ أكثر من 250 تقاطعاً في جميع أنحاء البلاد، ما تزال تشهد احتجاجات تدعو لرحيل نتنياهو، فيما أوضحت القناة أنّ عدداً من المدن الرئيسة، من بينها تل أبيب والقدس وقيسارية، تشهد تجمعات لعشرات الآلاف من المتظاهرين.

مظاهرات شعبية غاضبة بإسرائيل تطالب برحيل نتنياهو
مظاهرات شعبية غاضبة بإسرائيل تطالب برحيل نتنياهو

 وبحسب القناة؛ فقد سجلت تل أبيب أكبر تجمّع للمتظاهرين؛ حيث تخطى عدد المتظاهرين الخمسة آلاف، فيما تشارك في المظاهرات المتواصلة قطاعات مختلفة في إسرائيل، يتقدمها ما يعرَف بحراك الرايات السوداء، الذي يعتبر أنّ نتنياهو لم يعد يصلح للبقاء في سدّة الحكم، ويتّهمه بتسخير كلّ الإمكانيات لخدمة مصالحه الخاصة، في محاولة للهروب من المحاكمة بتهم الفساد، وفي محاولة منه لاحتواء الوضع، لجأ نتنياهو إلى جهازَي الشاباك والموساد، ومنح مهمات لهما لمساندة الحكومة في مواجهة فيروس كورونا؛ حيث كشف نتنياهو، في مؤتمر صحفي، عقده في مقرّ الحزب الأسبوع الماضي، أنّه أصدر تعليمات لجهاز الشاباك للمشاركة في تطبيق الإجراءات الوقائية من الفيروس، من خلال استخدام تطبيقات ووسائل تكنولوجية، تضمن تعقب المصابين بالفيروس، وإبقاءهم في الحجر الصحي، لمنع نقل الفيروس وزيادة انتشاره، ومنح الموساد أيضاً مهمة مماثلة من خلال التقنيات السيبرانية، وعلى الرغم من فشل الموساد في الحصول على أجهزة تنفّس صالحة للاستعمال، في الموجة الأولى لفيروس كورونا، عاد نتنياهو ودعا قادة الجهاز إلى العمل من أجل الحصول على أجهزة تنفّس ومعدات طبية حيوية لمكافحة الفيروس.

وتحوّلت، مؤخراً، المظاهرات السلمية إلى احتجاجات غاضبة، رافقها تكسير للمرافق العامة وإحراق إطارات، وذلك بعد إقدام الشرطة الإسرائيلية على الاعتداء على المتظاهرين السلميين برشّ المياه والضرب، واختراق أفراد مجهولين للمظاهرات، وضربهم ورشّ رذاذ الفلفل الحار عليهم، محدثاً ذلك إصابات في صفوفهم.

 وفي إطار ذلك؛ حمّل زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، نتنياهو مسؤولية الدماء التي سالت من المتظاهرين، محذراً إياه من أيّة محاولة يقدم فيها على حرق إسرائيل وإشعال حرب أهلية من أجل إيجاد مخرج من الانسداد السياسي الذي يعانيه.

وتتواصل عملية التراشق وتبادل التهم بين الليكود برئاسة نتنياهو، و"أزرق أبيض" برئاسة بني غانتس، حول قضايا داخلية كثيرة، الأمر الذي يدفع، بحسب مراقبين، إلى توجه الدولة نحو جولة رابعة من الانتخابات.

 ومن القضايا المختلف عليها؛ المصادقة على ميزانية الحكومة، فالليكود يريدها لعام واحد وأزرق أبيض يريدها لعامين، وقد تم الاتفاق على تحديد نهاية آب (أغسطس) الحالي، ليكون موعداً أخيراً للاتفاق على موضوع الموازنة العامة، وإلا سيتم تفكيك الحكومة، لكنّ مراقبين آخرين يرون أنّ لا مصلحة للطرفين بتفكيك الحكومة في الوقت الحالي، بسبب تدني شعبيتهما، ولأنّ نتنياهو عالق في مثلث برمودا، بين أزمة كورونا وأزمة اقتصادية حادة، ومشكلات أمنية على جبهتَي الشمال والجنوب.

في سياق ذلك؛ يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي؛ أنّ نتنياهو، رغم حجم المظاهرات الغاضبة المطالبة برحيله، إلا أنّه يقاتل من أجل بقائه السياسي، فما عادت شؤون وقضايا الدولة تعنيه؛ حيث بات همّه الوحيد مسار محاكمته، والحفاظ على كرسيه، والصراع على البقاء الشخصي في المشهد السياسي، لتجنّب وضعه في السجن، خاصة بعد فضيحة قضية الغواصات التي تورّط بها مؤخراً.

 ويقول مجلي، في حديثه لـ "حفريات": نتنياهو يحاول شقّ كافة الطرق من أجل الخروج من مأزقه الغارق فيه، مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات، وانضمام المزيد من الإسرائيليين إليها؛ حيث يناور بسيناريو انتخابات رابعة، بحثاً عن طوق نجاة، يخدمه في عدم تحديد موعد قريب لاستجوابه في ملفات الفساد المتورط بها؛ إذ يريد استباق المحكمة وخلق حالة إرباك في المشهد السياسي، والرهان على انتخابات رابعة لتعزيز إمكانية تشكيل حكومة ضيقة من اليمين المتطرف، تمكّنه من تشريع قانون يمنع محاكمة رئيس وزراء أثناء ولايته.

ويوضح مجلي؛ أنّ نتنياهو يبذل قصارى جهده من خلال سعيه إلى استبدال القانون الإسرائيلي الحالي بالقانون الفرنسي، وهو القانون الذي يمنح الحصانة لرئيس الحكومة، بعدم محاكمته أو التعرض له قانونياً، طالما هو في سدّة الحكم، لكن ثمّة صعوبات تواجه تحركات نتنياهو لاعتماد هذا القانون، خاصة مع بدء مرحلة تقديم الإثباتات والأدلة، وتحديد مطلع كانون الثاني (يناير) المقبل موعداً للبدء في محاكمته.

ويشير إلى أنّ أعضاء حزب الليكود ممتعضون بشكل كبير من الخطوة السلبية والخاطئة التي أقدم عليها رئيس الحزب، بنيامين نتنياهو، عندما تنازل عن حقيبة القضاء لصالح أزرق أبيض، أثناء الاتفاق على تشكيل الائتلاف الحكومي، بينما لا يستبعد مجلي أن يصادق نتنياهو قريباً على ميزانية الحكومة السنوية، لتفادي الخلافات العالقة داخل الائتلاف الحكومي.

ويسود الاعتقاد الحالى في إسرائيل، بأنه لن يكون هناك مخرج أمام نتنياهو سوى الانتخابات قريباً، فهو ينتظر محاكمته في كانون الثاني (يناير) المقبل، وسيطلب منه حضور 3 جالسات أسبوعياً، وتقدّر المصادر السياسية أنّ قلقه كبير في هذا الوقت؛ لأنّ المستشار القضائي للحكومة يعمل بالفعل لتهيئة الظروف التي تجعل من الصعب على نتنياهو العمل على إحداث أيّ إرباك في الدولة، ومن ثم لن يكون هناك خيار سوى إرساله للسجن.

وشنّ نتنياهو هجوماً لاذعاً على رئيس القائمة العربية، أيمن عودة، على خلفية مشاركته في المظاهرات، واتّهمه، في منشور على فيسبوك، بالوقوف وراء المظاهرات التي تشهدها إسرائيل، قائلاً: "هذا أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة الداعم للإرهابيين قد شارك في مؤتمر لحركة حماس الشهر الماضي، وهو الآن يشارك في مظاهرات اليسار في القدس وتل أبيب، ويحرّض على الحكومة".

 وردّ عودة على هجوم نتنياهو قائلاً: "بعمل سياسي منهجي نفرض أنفسنا جزءاً شرعياً من العمل السياسي"، مضيفاً: "هذه المظاهرات تزعج نتنياهو كثيراً، وعلينا تعميقها حتى تصل إلى مئات الآلاف، وحتى المليون متظاهر، ضدّ نتنياهو وسياسته الاقتصادية، وبدلاً من انتظار النتيجة علينا أن نفرض خطابنا ومميزاتنا، لا سيما أنّ الجماهير العربية هي التي تعاني أكثر من غيرها من الوضع الاقتصادي المتدهور".

وفي إطار ذلك؛ أكّد عضو الكنيست عن القائمة العربية، جابر عساقلة، أنّ العرب في إسرائيل يواجهون شتى أنواع التمييز العنصري من قبل نتنياهو وحكومته، سواء على الصعيد الاقتصادي، أو السياسي، اقتصادياً؛ العرب هم أكثر الفئات المتضررة من إفرازات أزمة كورونا السلبية، فالفقر ومعدلات البطالة في صفوف العرب صعدت بشكل لافت، أما سياسياً؛ فالعرب يرون في نتنياهو عدوّاً لهم، وليس خصماً سياسياً، والجمهور العربي، كجزء من الصراع القائم، يصرّ على إسقاط نتنياهو، وأعضاء الكنيست جميعهم يواصلون مشاركتهم في المظاهرات الغاضبة رغم التهديدات المتواصلة من قبل نتنياهو والتحريض على قتلهم.

وأشار عساقلة، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ نتنياهو شخصية سياسية أنانية تعيش على الرشوة، ووزراء في اليمين المتطرف اتبعوا سياسته في جلب المال بطرق غير شرعية، وبعضهم، بحسب عساقلة، أنشأوا جمعيات لجلب الدعم الخارجي لتحقيق مصالح شخصية، فنتياهو أوصل إسرائيل إلى مستنقع الفقر، ولا يضحي بأيّ ثمن كان من أجل مستقبل إسرائيل.  

وفي ظلّ تصاعد حدّة المظاهرات، وتراجع استطلاعات الرأي داخل الليكود حول إمكانية نجاح نتنياهو في أي انتخابات مستقبلية، توقّع عساقلة إقدام نتنياهو على توزيع أموال للإسرائيليين قبيل الأعياد اليهودية المقبلة، هدفها رشوة الجمهور الإسرائيلي وإرضاؤه وإقناعه بأنّه إلى جانب الشعب، رغم ما أفرزته كورونا من آثار اقتصادية سلبية، وذلك لإيجاد مخرج سياسي له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى