رجال في ذاكرة التاريخ.. 1- د. عبدالعزيز عبده الدالي 2- د. سالم أحمد الوالي

> نجيب يابلي

> الولادة والنشأة
ارتبطت أسرة الحاج محمد الدالي بعدن ورزق الحاج الدالي بكل أولاده فيها، ومنهم ولده عبده محمد الدالي وهو من مواليد مدينة المعلا 1910م، وكان الشقيق الأكبر بعده الدالي يعمل في صفوف الجيش الإيطالي في أفريقيا، وفي إحدى إجازاته أخذ معه شقيقه الأصغر عبده إلى أوغندا واستقر فيها، وأنجب هناك ولده عبدالعزيز الدالي في 3 مارس 1937م.

د. الدالي في ذاكرة البيض والشعبي
تلقى عبدالعزيز الدالي دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدرسة تابعة للجالية الحضرمية يدرس فيها أساتذة حضارم، وفي العام 1954م شد الرحال إلى القاهرة المعز لتلقي دراسته الثانوية، وتعرف هناك على علي سالم البيض وفيصل عبدالله الشعبي وآخرين، والتحق بتنظيم حركة القوميين العرب.
وفي العام 1966م تخرج عبدالعزيز الدالي من كلية الطب بجامعة الإسكندرية، وعاد إلى عدن واكتملت فرحته برؤية والده، وقد عاد ليمارس التجارة في عدن ففتح محلاً بجانب الحاج خليبان في سوق الطعام خلال الفترة 1963 - 1969م.

د. الدالي في ذاكرة إبراهيم لقمان
قدم د. عبدالعزيز الدالي أوراقه إلى الخالد الذكر أ. إبراهيم لقمان، وكان موظفاً قيادياً في "السكرتارية" (كانت مقراً لمجلس الوزراء)، وحصل على أمر تعيين في مستشفى الملكة إليزابيت الثانية (الجمهورية بعد الاستقلال)، وباشر الدالي عمله في المستشفى بـ (قسم الأسنان)، وكان د. المرزوقي رئيساً للقسم بمشاركة د. علوي الكاف وفيصل الكاف، وكان تخصص د. الدالي في جراحة الأسنان، وتدرب على كور الفكين (العلوي والسفلي).

د. الدالي في ذاكرة الرعيل اللامع
شهد مستشفى الملكة إليزابيت الثانية حركة استقالات الأطباء الأجانب، إلا أن كوكبة من الأطباء اللامعين غطوا وسدوا الثغرة، ومن تلك الكوكبة د. عبدالعزيز الدالي، ود. محمد علي البار، ود. سالم أحمد يافعي (الشقيق الأكبر للدكتور عبدالناصر الوالي)، وتعاقب بعدهم د. عبدالله صالح عفارة، ود. أمين ناشر، ود. عبدالله الوالي.

د. الدالي في ذاكرة الألمان
صدر قرار بتعيين د. أحمد سعيد صدقة كأول وزير للصحة، وعين د. عبدالعزيز الدالي وكيلاً للوزارة بعد أن كان مديراً لمستشفى الجمهورية، وكان يشغل في نفس الوقت رئيساً لجمعية الصداقة مع الشعوب.
بعد قيام حركة 22 يونيو 1969م التي أطاحت بالطيب الذكر قحطان محمد الشعبي كان د. عبدالعزيز الدالي وكيل وزارة الصحة في ألمانيا مع وفود جمعيات الصداقة مع الشعوب، وفوجئ الدالي بالأصدقاء الألمان يقدمون له باقة ورد قائلين له: مبروك لتعيينكم وزيراً للصحة في عدن.

المعهد الصحي وكلية الطب في ذاكرة التاريخ
تولى د. عبدالعزيز الدالي حقيبة الصحة خلال الفترة 1969 - 1977م على الرغم من حديثه للتفرغ لعيادته الخاصة في الميدان، ثم انتقل إلى الخساف ثم إلى شارع الشيخ عبدالله بكريتر، وكان ناجحاً في عمله لكن العمل الوطني والسياسي غلبا ورجحا كفة الصالح العام على الصالح الخاص.
أثمرت جهود د. الدالي الحثيثة لخدمة الإنسان في قطاع الصحة وهو ذات توجه النظام، وتم تطوير مدرسة التمريض التي افتتحت عام 1956م في المستشفى الأهلي بكريتر، ثم مدرسة التمريض عام 1958م في مستشفى الملكة إليزابيت الثانية بعد افتتاحه عام 1954م، وبمساعدة الصحة العالمية (WHO) تم تطوير المعهد الصحي في مبنى كبير (معروف حالياً بمعهد د. أمين ناشر طيب الله ثراه، وتم افتتاحه عام 1972م.
في العام 1975م تم افتتاح كلية الطب بخور مكسر قبالة مستشفى الجمهورية الذي أصبح تعليمياً عام 1977م، وهي إضافة نوعية إلى قطاع الصحة في عهد د. عبدالعزيز الدالي.

د. الدالي في ذاكرة سفارة بلاده ووزارة خارجية بلاده
قدم د. عبدالعزيز الدالي أوراق اعتماده سفيراً لبلاده جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لدى اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية (USSR) خلال الفترة 1977 - 1980م، وعاد إلى أرض الوطن ليشغل منصب وزير الصحة لمدة ستة أشهر ومنصب سكرتير العلاقات الخارجية في سكرتارية اللجنة المركزية للحزب للستة الأشهر الأخرى من عام 1981م، ثم تبوأ منصب وزير الخارجية للفترة 1982- 1990م.

د. الدالي في ذاكرة التعاسة
بعد قيام دولة الوحدة تولى د. الدالي منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، وكانت فترة مقرفة لأنه كان بلا صلاحيات فطلب من العطاس، إلا أنه اعتذر حتى قامت الحرب الظالمة على الجنوب عام 1994م.

د. الدالي في ذاكرة الشيخ زايد بن سلطان
حل د. عبدالعزيز الدالي ضيفاً مع آخرين من الجنوب في دولة الإمارات العربية المتحدة (UAE) وراعيها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ونعم بحق الضيافة خلال الفترة 1994 - 2005م، وبعد (11) عاماً عرض عليه مرة أخرى العودة إلى الوطن مع وعد عرقوبي بإعطائهم كامل حقوقهم، وكان منزل د. الدالي قد تم نهبه ومصادرته، وقطعت وعود وعهود بإعادة بيته ولبيت طلبات أخرى، فكان الدالي المستثنى بألا.

د. الدالي في ذاكرة التربوية فطوم علي أحمد
تولى د. عبدالعزيز الدالي مسؤولية القطاع النسائي في التنظيم السياسي (الجبهة القومية N.F.P.O) عام 1968م، وتعرف هناك على التربوية الفاضلة فطوم علي أحمد على قاعدة "الطيبون للطيبات"، واقترنت به وأثمرت الزيجة المباركات عن: 1- قبطان هاني خريج أكاديمية الإسكندرية 2 - أيمن، كادر مصرفي في بنك الإمارات 3 - داليا، خريجة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتعمل في منظمة دولية. 

د. الدالي في ذاكرة الانتقالي وذاكرة مشاورات عدن
ارتبط الرجل الكبير د. عبدالعزيز الدالي بقضايا الجنوب عقلاً ووجداناً والتزاماً ودفع جنوبية في كل المنعطفات، وشارك في كل الندوات والمؤتمرات من أجل الوصول إلى بر الأمان ولصالح الإنسان.
كان د. الدالي مشاركاً جاداً وصادقاً في المجلس الجنوبي الانتقالي منذ مايو 2017م، وحاز على ثقة الانتقالي وقائده اللواء عيدروس الزبيدي حفظه الله، الذي عينه مستشاراً له للشؤون الخارجية.
كما كان د. الدالي مشاركاً صادقاً وجاداً في مجموعة مشاورات عدن (AC Group)  التابع لمنتدى التنمية السياسية (PDF) المعني بعدن، وحاز على ثقة قيادة وقواعد المجموعة وشارك، بل واسترشدنا جميعاً بآرائه وخبرته ومعرفته في تناول كل القضايا الحيوية في كل الاجتماعات الدورية خلال عامي 2019 و 2020م.

د. الدالي في ذاكرة المشيعين والمحبين
عصر الجمعة المباركة 7 أغسطس 2020م فاضت روح د. عبدالعزيز الدالي الطاهرة، ووقع خبر الموت كالصاعقة على وجداننا، وشيع جثمانه الطاهر بعد الصلاة عليه في مسجد الرحمن بالمنصورة، ووري ثرى مقبرة المنصورة المجاورة لمسجد الرحمن ظهر السبت 8 أغسطس 2020م.
وفي قاعة قصر الفخامة قدم محبو د. الدالي تعازيهم ومواساتهم لنجلي الراحل الكبير: القبطان هاني والمصرفي أيمن.

2 - د. سالم أحمد يافعي
د. سالم في حديث عذب
سعدت كثيراً بأحاديث د. سالم أحمد علي يافعي (الوالي)، التي تنوعت بين السياسة وواقع الحال الثقافي والاجتماعي والسياسي، وكان رحمه الله محدثاً لبقاً بروح مرحة وساخرة، ومما حدثني عن سيرة والده الحاج أحمد علي يافعي (الوالي) أنه كان شخصية معتبرة (وكان كذلك لأنني أعرفه)، وكان نائب رئيس الاتحاد اليافعي، وكان رئيس الاتحاد الحاج أحمد محمد بن سبعة، وعمل والده الحاج أحمد علي يافعي (الوالي) في التجارة، والذي أنجب ستة أبناء هم:
1- د. سالم  2- عبدالله (مغترب في الإمارات منذ 40 عاماً) 3- محمد (سلمان) 4- علي (دكتور طب وعميد سابق بكلية الطب) 5- عبدالرحمن (دكتور هندسة وعميد فرع جامعة عدن في يافع) 6- عبدالناصر (دكتور طب).
كنت في وقت سابق على إعداد مادة "رجال في ذاكرة التاريخ" (1 سبتمبر 2019م) قد زرته في مستوصف السلام بالمنصورة، حيث كان مرقداً، وتحدث معي عن سيرته الذاتية وإخوته، وأفاد بأن د. عبدالرحمن يعتبر حكيم العائلة (وهو كذلك)، أما د. عبدالناصر في مركز الدفاع عن الأسرة، ويبدو أنه يسد أو يغطي حاجة أفراد الأسرة.

الميلاد والنشأة
د. سالم أحمد علي يافعي الوالي من مواليد قرية الهجر مكتب لبعوس بيافع يوم 17 أغسطس 1939م الموافق 23 جماد الثاني 1358هـ، وسمي سالم لأنه نجا من الموت، بل صادفت ولادته نشوب الحرب العالمية الثانية.
غادر سالم يافع عام 1947م، وكان في الثامنة من عمره، واستغرقت رحلته من يافع إلى عدن مدة أسبوعين.
نصح هيكن بوتم مدير عام أمانة ميناء عدن (Aden Port Trust) الحاج أحمد علي اليافعي الوالي أن يدخل ولده سالم مدرسة حكومية، ولا يدخله مدرسة المشايخ والسلاطين، واختصر سالم يافعي عاماً دراسياً، وأدخل إلى سنة ثانية في مدرسة الريزميت بكريتر، وكان مدير المدرسة الراحل الكبير إبراهيم لقمان، وكان من مدرسيه أحمد بن أحمد ثابت، وأفادني د. سالم بأن إبراهيم لقمان كان يحبه.

سالم اليافعي وفيصل الشعبي إلى قاهرة المعز
افادني د. سالم يافعي بأن عبدالله الحامد (أبو فيصل) سفره إلى القاهرة مع فيصل الشعبي للإشراف عليه، واستخدم أبو فيصل المفردة الإنجليزية (overseer)، وأدخلت في أحسن المدارس وكان مستواي متميزاً وخاصة في اللغة الإنجليزية، وهذا ما نقلناه معنا من عدن وانتقلنا إلى ثاني ثانوي، وجلسنا للامتحانات التوجيهية مع أحمد علي البار، وأحمد نجيب هاشم وكيل وزارة التربية المصرية، ووضعنا أمام خيارين: طب أو هندسة، وكان الخيار الطب.

د. سالم خريج القاهرة ولندن وآه يا وطن
د. سالم سافعي (الوالي) خريج متميز سواءً في جامعة القاهرة أو الدراسة العليا في بريطانيا، وكان متميزاً في تحصيله العلمي، وجمع بين تحصيل العلم ونسيج العلاقات، وذكر أسماء كثيرة، منها: أبوبكر عقبة، وكمال حيدر، وهشام باشراحيل، كما اقترب من حركة القوميين العرب، ومنهم: سلطان أحمد عمر، وسلطان القرشي، وعبدالحافظ قايد.
ربطت د. سالم الوالي بالعقل المدبر للجبهة القومية، وحركة القوميين العرب فيصل عبداللطيف الشعبي علاقة وطيدة، وعندما غادر د. سالم للتخصص في بريطانيا بأن فيصل عبداللطيف الشعبي تعرض لعدوان حقير في السجن واغتيل عام 1973م، فحرم د. سالم على نفسه زيارة الوطن ومضى وقته بين لندن والإمارات حتى عام 1990م عندما قامت دولة الوحدة أو بعد، وجاءه شقيقه سلمان واقنعه بالعودة.

ثلاثة ألبسوا د. سالم الكرفتة
د. سالم الوالي (اليافعي) واسع في علمه وتخصصه، وواسع في علاقاته وحبه للناس وصاحب قلب مفتوح، ومن ضمن ما أطربني في حديثه وهو يضحك قال لي: ثلاثة ألبسوني الكرفتة هم: محمد أحمد نعمان، وفيصل الشعبي، ومحمد صالح مطيع، والثلاثة مغدور بهم وتجللت كل ربطات العنق بالسواد إلى ما لا نهاية.

د. سالم وأسرة الجنتلمان
قال لي د. سالم أحمد علي يافعي الوالي: أنا أعتبر نفسي صاحب أسرة جنتلمان (Gentleman Family)، أي الأقوام. أسرته مكونة من شخصه وأم أولاده وولد واحد (فيصل) وبنت.

وداعاً حبيبنا سالم
الثلاثاء 28 يوليو 2020م نعى الناعي وفاة حبيبنا د. سالم أحمد علي يافعي الوالي عن 81 عاماً سطر فيها ملاحم كفاحية نسج خلالها علاقات حب بالناس، وحدد المواقف الجادة مع كل صديق، وتمزقت نياط قلبه لفراق حبيب أو ظلم لحق بعزيز على قلبه.
الأربعاء 29 يوليو 2020م استقبل الدكاترة علي وعبدالرحمن وعبدالناصر المعزين بوفاة الشقيق الأكبر د. سالم في قصر الفخامة.
رحم الله د. سالم الذي أحبني كثيراً.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى