ركام منازل يحاكي مآسي ومصير مجهول لأسر في مديرية خورمكسر بعدن

> تقرير/ وئام نجيب

> خلفت حرب الحوثعفاشي على مدينة عدن كمية مهولة من الدمار الذي طالت المباني السكنية شُرد على إثرها العديد من الأسر، ووجدوا أنفسهم أمام المصير المجهول، فمنهم من اضطر إلى اتخاذ ركام منزله مأوى له، والبعض الآخر أُجبر على مغادرة المدينة والانتقال إلى ذويه في المناطق الأخرى، وهناك من أصابه الجنون جراء ما وصل إليه حاله حينما وجد الشوارع والطرق هي المأوى الوحيد أمامه.
«الأيام» زارت حي السلام في مديرية خورمكسر، والتقت بعدد من المواطنين المتضررين، وخرجت بالحصيلة التالية.
ذكريات وحنين
حال الحاج عبدالله أحمد (ثمانيني العمر) لم يكن أفضل من غيره ممن واجهوا المصير المجهول في مدينة عدن. ذكريات امتزجت بالدموع والحنين للماضي، إذ سرد لـ«الأيام» معاناته في ذاك اليوم المشؤوم ولم تسعفني ذاكرتي لمعرفته، فقد قال: "قصفت قذائف أنصار الحوثعفاشي عدة منازل، وكانت من ضمنها عمارتنا الخشبية الكائنة في حي السلام بمديرية خورمكسر، والتي كان يطلق عليه قديماً وحدة حسين عبد النبي، وجراء ذلك تشرد عدد من الساكنين وأُرغموا على مواجهة المجهول بعد ذلك، وقبيل قصف عمارتنا التي تحمل رقم 656 المكونة من ثلاثة أدوار نسكنها نحن وجيراننا نزحنا أنا وأسرتي إلى مديرية القلوعة عندما اشتدت المعارك في منطقتنا آنذاك وخرجنا بالملابس التي علينا، ولم نأخذ أي شيء معنا، وأثناء نزوحنا علمنا أنه جرى قصف واحترقت العمارة، ولم يمنعنا ذلك من العودة إليها بعد تحرير عدن، فأتينا لها وكنا على أمل بأن يكون قد بقي أي شيء من محتوياتها، ولكن عندما أتينا تفاجئنا باحتراق العمارة بشكل كامل بما فيها من معدات وأثاث، ولم تتبقَّ منها حتى ملعقة، فانهارت أحلامنا وذكرياتنا، وضاقت بنا الأحوال ووجدت نفسي في العراء أنا وزوجتي، مما دفعني للسكن بمعية ولدي في منزله، وتابعنا في الإنشاءات لإعادة إعمار منزلي لكن دون جدوى، وذهبت أتابع فتعبت وانتابني اليأس".


وأضاف: "خدمت في السلك العسكري 30 عاماً وراتبي التقاعدي لا يتجاوز 25 ألف ريال لا يكفي قيمة للعلاج لأنني أعاني من الضغط ومشاكل في المعدة، ونرغب أن نستأجر منزلاً خاصاً بنا نسكنه، لكن كيف والراتب ضعيف وغير منتظم. نعيش في عذاب وليس هناك أي جهة تلتفت لنا، وبالنسبة للأسر الساكنة معنا في العمارة لم نعرف مصيرها، فوقعنا ضحية صراع على المناصب وبقي المواطن مغلوباً على أمره. نحن بحاجة ماسة إلى الحكومة لتنظر إلينا وتسعى لانتشالنا من الأزمات المتتالية التي تعصف بنا، وقد سمعنا بأنه تم تخصيص مبالغ لإعادة الإعمار، لكنها ذهبت لغير مواقعها ناهيك عن حرماننا من المساعدات المقدمة من المنظمات. المسؤولون يمرون بمواكبهم من هنا ويشاهدون الدمار والأضرار التي أُحلت بمنازلنا، ولم يعطوا الأمر أهمية كأن الموضوع لا يعنيهم".


تقاعس
استوقفنا أحداً من الأسر المنكوبة في المنطقة ذاتها، وقال: "قبل عامين أتى محافظ عدن السابق أحمد سالمين، ومعين عبد الملك حينما كان يشغل منصب وزير الأشغال العامة والطرق للمنطقة لتفقد شبكة المجاري التابعة لوزارة المالية كونها تطفح بشكل مستمر، وسألهم أحد المنكوبين هنا: هل بتصلحوا لنا؟، فرد عليه سالمين أخرج من هذا الموضوع (محد يسهن من الظبية لبن)".


وأضاف: "تابعنا في الإنشاءات عدة مرات، ولم يشفقوا علينا بقنينة ماء، وقد أُصيب أحد أبناء المنطقة من المنكوبين بالجنون بعد احتراق العمارة الخشبية، فنقل أسرته إلى الريف وبقي يطوف حول العمارة المنهارة، والتي لم يتم رفع مخلفات دمارها بعد، وأصبح يمشي بالشوارع ويحدث نفسه لما وصل به الحال متخذاً من الطرقات مأوىً له، ويأكل مما يقدمه له أهالي الحي".

حلول ترقيعية
على بعد مسافة ليست ببعيدة عن المنطقة التي تضررت في الحرب عمارة خشبية أخرى رقم 662 تتكون من ستة منازل لقت منازلها ضرراً كبيراً لا سيما الأسقف والأرضية، وحاولنا بشق الأنفس والاتجاه إلى الدين من الناس لإجراء حلول ترقيعية، ومع ذلك فإن العمارة مهددة بانهيار سقفها فوق رؤوس ساكنيها، ناهيك عن  أسلاك الكهرباء متدلية في العمارة لم يتم إصلاحها حتى الآن، وذلك مهدد لحياة أطفالنا خاصة مع هطول الأمطار علماً بأن هناك أكثر من جهة نزلت إلينا وصورت وحصرت الأضرار، لكن دون جدوى، وقد كان التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قد وعد بإعادة الإعمار في عدن، وما تم هو جزء بسيط لا يكاد يُذكر من إعمار المنازل في مديرية التواهي وانتهى الإعمار، وكان لا بد لها من إرسال لجان تابعة لحصر الأضرار والقيام بهذه المهمة. نطالب بإصلاح ما دمرته الحرب، ونحمل المسؤولية فيما آل إليه الوضع كلاً من  دول التحالف العربي والشرعية والانتقالي، وإذا لم تستطع تلك الجهات تقديم الخدمات بمقدمتها الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للمواطن فعليها الرحيل وتسليم إدارة البلد للأجانب".


ومن داخل منزلها المتهالك بشكل كلي تقول الحاجّة قمر محمد: "اضطررت أنا وزوجي إلى ترك منزلي بعد أن تدمر كلياً بسبب الحرب، وحالياً نسكن في منزل عائلة زوجي، ولا مصدر دخل لدينا سوى معاش زوجي الضئيل، ونتمنى أن يتم إعادة ترميم المنزل ونعود إليه فلا شيء كمنزل الشخص".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى