مواطن ستيني ينتظر أهل الخير لانتشاله من واقعه المرير

> تقرير/ وئام نجيب

>
تعد أزقة مدينة عدن وحواريها شاهدًا حيا على قلة الحيلة والبؤس الذي يجتاح ساكنيها، والذي يعتمد الغالبية منهم على دخل بمثابة فتات شهري أو يومي (إن وجد)، وقد يباتون وبطونهم وبطون أطفالهم خاوية، في ظل دولة حرمت أبناءها الخدمات الأساسية وسلبت منهم الماء والهواء، دون الاكتراث لآلامهم ومعاناتهم التي لا تنتهي.

وقد وصل الحال بالناس للحد الذي يتمنى فيه المرء الموت، ليقينه بأنه لن يرحمه سوى الخالق عز وجل، بعد أن باتت الحياة بالنسبة لهم رحلة شاقة يتكبد ثمنها البسطاء باحثين عن طوق نجاة ينتشلهم من الوضع المأساوي الذي يمرون به.
مواطنون مطحونون دفعوا ثمن المماحكات السياسية وتم اتخاذهم كورقة ضغط في بلد يعاني الأمرين، فيما بدت ملامح الناس في عدن اليوم تختزل الواقع المزري الذي تشهده المدينة بعدما طغت فيها المصالح الخاصة على العامة، وانعدمت فيها الإنسانية والضمير.

في الجانب الآخر نجد أن من يعمل الخير يسخر الله له من يرد له عمله، فالحاج عادل الحكمي (ستيني العمر) عمل في وقت سابق على تسخير مياه شرب سبيل في الحي الذي يقطن فيه لوجه الله من خلال وضعه عددا من خزانات المياه وتعبئتها بالمياه على نفقته الخاصة عبر ما كان يقدمه له أهل الخير، لكي يستفيد منه أبناء الحي في منطقة الدكة مديرية المعلا بعدن.

وكما هو متعارف فإن دوام الحال من المحال إذ تدهورت ظروفه المعيشية وكذا الصحية التي وقفت عائقا بينه وبين عمله الخيري، وأصبح اليوم يكابد آلامه بصمت، فحادثة سقوطه من علو مرتفع منذ نحو أربعة أعوام كان لها عواقب وخيمة.

الحاج عادل الحكمي
الحاج عادل الحكمي
يقول الحاج الحكمي: "نجوت من تلك الحادثة بأعجوبة، فعند إسعافي تساءل الطبيب عندما رأى حالتي كيف لي مقاومة كل ذلك؟! لسوء حالتي وفظاعة المنظر آنذاك، وأحمد الله الذي سخر لي فاعلي الخير الذين تكفلوا بمصاريف علاجي في تلك الفترة، ولكن الحادثة سببت لي مضاعفات، حالياً أشكو ظروفا صحية صعبة وأعاني كسرا في الحوض وشرخا في الجمجمة، ما أدى إلى إصابتي بازدواجية في الرؤية وانعدام حاسة الشم ونزول سوائل من الجمجمة".

ويتابع: لم أتمكن من توفير التكاليف الباهظة وحالتي بحاجة للسفر إلى الخارج، وأنا أقف مكتوف الأيدي بينما يلازمني الألم، فليس لدي مصدر دخل، أنا أعيش بمعية شقيقتي المريضة (خمسينية العمر) وهي الأخرى تعاني ظروفا صعبة من جراء مشاكل نفسية أُصيبت فيها عندما توفي والدي ووالدتي كما أنها تعاني انزلاقا في العمود الفقري وتورم في الركبتين".

وأوضح الحاج الحكيمي أنه يقتات وأخته على ما يقدمه لهم الجيران وعندما ينساهم جيرانهم يبيتون بلا طعام يتجرعون الصبر.
وأضاف الحاج "نقطن بشقة في الدور الثالث بعمارة باعبيد ويعود بناؤها إلى ما قبل 57 عاما، وهي متهالكة من جراء المعارك التي شهدتها المدينة في العام 2015، وقد تساقطت أجزاء من البلكونة الخاصة بي لعدة مرات، كان آخرها قبل ثلاثة أيام ولكن ستر الله ولم يكن أحد موجودا في الطريق آنذاك، ولا يزال الجزء الآخر منه معلقا وآيلا للسقوط في أية لحظة على رؤوس المارة، يتكرر سقوط الحجارة بشكل أكبر في موسم الرياح والأمطار".

وبنبرة تملؤها الحسرة قال: "أعجز عن إجراء الحلول البسيطة ما دفعني لوضع حل مؤقت وغير آمن بواسطة تغليف الحجارة التي تساقطت من البلكونة بكيس بلاستيكي بلون بارز ووضعها في الشارع أسفل العمارة كعلامة وحماية لحياة المارة من الناس والسيارات وتنبيههم من خطورة المرور أو الوقوف بهذا المكان".

شقة الحاج الحكمي والبلكونة على وشك السقوط
شقة الحاج الحكمي والبلكونة على وشك السقوط

وبعد الصمت لبرهة قال: "حال بلادنا يلخص المقولة الشائعة (يا فصيح لمن تصيح) فلا توجد دولة نناشدها ونستغيث بها فقد سبق وأن ذهبت إلى مكتب الإنشاءات في مديرية خورمكسر وأطلعتهم على خطورة وقوع أجزاء من بلكونات العمارة ولكن دون جدوى، وعلى الرغم من تهالك العمارة بشكل كبير ولكنني أطالب فقط بإجراء إصلاح البلكونات كحل إسعافي، لما في ذلك من خطورة على حياة المارة وخصوصاً أطفال الحي، منذ ثلاثة أعوام أفادني المسؤولون في مكتب الإنشاءات بأن العمل جارٍ على إعادة إعمار المنازل السكنية المتضررة من حرب 2015م في مديرية التواهي، لكن لا تزال حتى اللحظة مساكنها مدمرة".

الحاج الحكيمي عمل أستاذا في مركز التدريب المهني لمدة ثلاثة أعوام وكان من أوائل المؤسسين للمركز مع حيدرة العطاس، إلا أنه تم إيقافه عن العمل وإيقاف راتبه، حسب قوله، لذا فهو يطالب باسترجاع راتبه المتوقف منذ أعوام طوال، مناشدا أصحاب الأيادي البيضاء التدخل لإصلاح البلكونات المتضررة والتكفل بعلاجه وشقيقته.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى