عبد الله حسن العالم اسم على مسمى

> عبد الله حسن العالم من قادة التمدن والتنوير منذ منتصف القرن الماضي. فهو في طليعة الطلاب الأول الذين التحقوا بالتعليم الحديث. في خمسينيات القرن الماضي أُوفِد ضمن كوكبة من أبناء قريته الوهط التابعة للحج إلى مصر للدراسة، وكان من قادة المؤتمر العام الأول للطلاب اليمنيين الذين دعوا إلى الحداثة والتنوير، وربطوا عميقاً بين سقوط الاستعمار البريطاني في الجنوب والنظام الكهنوتي في الشمال، وقدموا خطاباً سياسياً مغايراً ومختلفاً عن السائد في اليمن كلها.

عندما بدأ التفكير في التأسيس لحلقات الماركسيين المستقلين كان يجري التواصل مع الأستاذ عبد الله صالح عبده في عمران، ومع الأستاذ عبد الله باذيب في عدن بواسطة أحمد حميد مغلس، وكنا نتشاور مع بعض من الماركسيين القدامى منهم عبد الله حسن العالم وأبو بكر السقاف أثناء زياراته المتقطعة إلى صنعاء، وعلي الضبة، وأحمد الشجني وعلي بانافع، وكان الكثيرون منهم ينصح بالابتعاد عن القيادات التاريخية، وتأسيس تجربة لا تجتر الروح الأبوية، وكان المفكر العربي الكبير هو من أشار في رسالة إلى الأستاذ عبد الله الصيقل: اتركوا جماعة سيف حيدر، فربما تحققون ما عجزنا عن تحقيقه. ومع ذلك ظل التواصل مع الجميع لأخذ المشورة، وإطلاعهم على التصورات.

عرفت الأستاذ العالم بعد عودته من موسكو، وعمله في وزارة الاقتصاد، وكثيراً ما كنا نزور يوسف الشحاري أثناء اعتقاله في الداخلية. عمل لفترة قصيرة في الدائرة الاقتصادية في عدن بعد الاستقلال، وكان آخر عمل له في «الأوكوا»- المنظمة الاقتصادية في بيروت.

كان العالم عالماً؛ فهو الخبير الاقتصادي، والمثقف عميق التفكير. لا يحب الجدل، ولا يخوض في مناقشات المقايل إلا فيما ندر. على جانب من الخلق العظيم، والتواضع الجم. ابتعد عن الصراعات وحب الظهور، واهتم بالوفاء للصداقة، واحترام وحب الوطن وأهله. يتحدث عنه رفيقه الدكتور أحمد القصير: في كتابه «التحديث في اليمن والتداخل بين الدولة والقبيلة»، ص 80 : " تلى ذلك بعثة أخرى للاتحاد اليمني. ذهبت إلى القاهرة في أوائل 54، وقد رشح نادي الشباب اللحجي الرياضي هذه البعثة، وتشكلت من خمسة طلاب ينتمون إلى قرية واحدة في لحج هي قرية الوهط، وهم: أبوبكر السقاف، ومحمد جعفر زين السقاف، وعلي عيدروس السقاف، ومحمد عمر حسن اسكندر، وعمر الجاوي السقاف، وقد وصلوا إلى مصر عن طريق البحر، واستقر البعض منهم في الدقي بالقاهرة، كما قام البعض منهم بتأدية امتحان الشهادة الثانوية في حلوان، وقد انضم إليهم فيما بعد عبد الله حسن العالم".

ويشير الباحث الدكتور القصير في الكتاب المشار إليه، ص 82 : "يبرز بين الذين قاموا بجهود بارزة لنشر فكرة الرابطة وتأسيسها كل من أبو بكر السقاف، وأحمد الشجني، وخالد فضل منصور، وسعيد الشيباني، وسليمان حسن، وطاهر رجب، وعبده عثمان محمد، وعبد الغني علي، وعبد الله العالم، وعبد الله شهاب، وعبد الله صالح عبده، وعبد الله عبد الوهاب جباري، وعبد القوي العبسي، وعمر الجاوي، ومحمد أحمد عبد الولي، ومحمد عبدالله العصار، ومحمد عبد الله باسلامة وآخرون. وقد تبنت الرابطة مشاكل الطلاب والواصلين بدون منح؛ وهو ما أدى إلى اعتصام الطلاب بالسفارة في 7 أغسطس 56". ويشير القصير في «التحديث في اليمن»، ص94: إلى صلات بين عدد من الطلاب اليمنيين في القاهرة بتنظيم حدتو. ولم تقتصر عضوية بعض الطلاب اليمنيين بالتنظيمات اليسارية المصرية على فترة تواجد منظمة حدتو، بل امتدت صلتهم بعد ذلك بالمنظمات التي نشأت نتيجة وحدة حدتو مع بعض التنظيمات الأخرى، وهي الوحدة التي نتج عنها تأسيس الحزب الشيوعي المصري الموحد عام 1955، كما استمرت صلة أولئك الطلاب اليمنيين بالحزب الشيوعي المصري الذي تأسس عام 58 نتيجة وحدة الحزب مع تنظيمين آخرين، وقد عاصر بعض الطلاب تلك المراحل، ومن هؤلاء: خالد فضل منصور، فقد ارتبط بحدتو منذ الفترة السابقة على ثورة يوليو 52، وينبغي التنويه بأنه كانت هناك خلايا حزبية تتشكل من طلاب يمنيين، وعلى سبيل المثال كان بين الوحدات الحزبية التي تشكلت من طلاب يمنيين بالحزب الشيوعي المصري الموحد في عام 1956 وحدة ضمت أبو بكر السقاف، وخالد فضل منصور، وعمر الجاوي، وعبده عثمان محمد، وعبد الله العالم.

لم يشر القصير إلى اسم العالم ضمن المتضامنين مع الطلاب العائدين إلى اليمن مع زملائهم المطرودين: محمد جعفر زين، وعمر الجاوي، ومحمد عبد الله باسلامة، ولكن الأكيد أنه كان في طليعة المتضامنين، واستقر مع أبوبكر السقاف والجاوي وعملا كمترجمين مع الخبراء الروس.

يرقد الآن العالم الجليل، والمفكر الحداثي المنير والمستنير في القاهرة، وهو يعاني من متاعب صحية نتمنى له الشفاء والعافية والسلامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى