اتفاق تبادل الأسرى.. هل يؤسس لإنهاء حرب دامت 6 أعوام؟

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> منذ خمس سنوات ونصف عقب بداية الحرب في اليمن حتى اليوم لا تظهر نهاية للكارثة في الأفق، والتي تسببت بأكبر مجاعة على الصعيد العالمي، وانتشار الأمراض في واحدة من أفقر بلدان العالم.
ويعتبر اليمن حالياً مقسماً إلى ثلاثة أقسام، فحكومة الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي، التي تحظى بالشرعية الدولية والمدعومة من السعودية، تسيطر على واحد منها، ويسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق الشمال، ومن ضمنها العاصمة صنعاء، فيما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على أغلب مدن الجنوب، ومن ضمنها العاصمة عدن.

ومنذ اندلاع الحرب في مارس 2015، انفتحت نوافذ عدّة لإنهاء الحرب سياسياً، وأجريت عدة مشاورات يمنية – يمنية، مع دخول السعودية في مشاورات سرية مع الحوثيين، لكنها لم تفضِ حتى الآن إلى اتفاق ينهي سنوات من الدمار والاقتتال باليمن.
ومع تزايد التصعيد في مناطق شمال اليمن من قبل الحوثيين ومحاولتهم التقدم باتجاه مأرب، وسط صمت أممي، بدأت تحركات على الصعيد السياسي، متمثلاً بمفاوضات بين المليشيا والحكومة في جانب تبادل الأسرى والمعتقلين، ما يطرح تساؤلات عما إذا كان نجاح هذه المفاوضات قد يشكل أرضية للاتفاق على وقف الحرب في البلاد.

اتفاق في سويسرا
أواخر سبتمبر 2020، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيثس، اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين على تبادل 1081 أسيراً، في ختام المشاورات بين الجانبين بمدينة جنيف السويسرية.
وحث جريفيثس الطرفين على المضي قدماً بشكل فوري في تنفيذ الاتفاق، والبناء عليه لإطلاق سراح مزيد من المعتقلين لدى الطرفين، مشيراً إلى أن الحكومة والحوثيين اتفقا على عقد اجتماع جديد بخصوص تبادل الأسرى، دون ذكر زمن محدد لانعقاده.

وهذا الاتفاق منبثق عن اتفاق سابق بين الحكومة والحوثيين إثر مشاورات بستوكهولم، في 13 ديسمبر 2018، والذي نص حينها على حل الوضع في محافظة الحديدة (غرب)، إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين، الذين يزيد عددهم على 15 ألفاً.
وتعثر تطبيق اتفاق ستوكهولم للسلام بين الجانبين، وسط تبادل للاتهامات بالمسؤولية عن عرقلته، خصوصاً في ملف الأسرى والمعتقلين الذي يشدد الطرفان على ضرورة حله؛ لكونه ملفاً إنسانياً.

مراوغات الحوثيين
ويطرح الكثير آمالاً في أن يسهم اتفاق سويسرا في تشكيل أرضية تنطلق منها مفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن، غير أن الكاتب والصحفي اليمني شاكر أحمد خالد يرى أن اليمنيين "خبروا خلال سنوات الحرب الستة، وحتى المجتمع الإقليمي والدولي مراوغة مليشيا الحوثي المتكررة في معظم الملفات الخاصة بالسلام في اليمن".
ويؤكد أن ملف الأسرى والمحتجزين يعتبر "على رأس قائمة مراوغة الحوثيين خلال الفترات الماضية"، مشيراً إلى ضرورة الإشارة إلى أن الاتفاق "لا يزال مجرد حبر على ورق، والأهم هو التنفيذ، ومن ثم سيكون هناك طريق سالك لمماطلة الحوثيين واشتراطاتهم التي لا تنتهي".

ووصف شاكر في تصريح نشره موقع "الخليج أونلاين" هذا الاتفاق بـ "الصفقة"، قائلاً: "إنه لمصلحتهم؛ لكون العدد الأكبر هو من مقاتليهم، ولأن أسراهم هم مجموعة من القتلة والمحاربين، بينما أسرى الحكومة الشرعية هم مختطفون ومغيبون في سجون المليشيا منذ سيطرتها الغادرة على المناطق اليمنية".

وأضاف: "سيظل الحوثي يناور ويراوغ بهذه الورقة الإنسانية كعادته، هي ورقة جزئية في عملية السلام الحقيقي في اليمن وطي ملف الحرب نهائياً"، مشيراً إلى أن ما جرى "مجرد خطوة صغيرة في طريق إنهاء الحرب"، لكنه في المقابل يرى أن الحوثيين يسعون إلى توظيف كل معاناة اليمنيين "لتعزيز قوتهم وسيطرتهم على الأرض، ومن ضمن ذلك ناقلة صافر في البحر الأحمر".

فشل أممي
في حال بدأ تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين باليمن، فإن هذا سيكون أول اختراق فعلي في اتفاق ستوكهولم وللمبعوث الأممي مارتن جريفيثس، منذ قدومه كوسيط سلام قبل أكثر من عامين خلفاً للمبعوث الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ومنذ تعيينه في 18 فبراير 2018، فشل المبعوث الأممي في تحقيق اختراق بالأزمة اليمنية، خصوصاً بعد اتفاق ستوكهولم، رغم جولاته المكوكية الأكبر لدى أطراف النزاع، لكن التقدم المحرز في ملف الأسرى والمحتجزين والمخفيين قسرياً قد يساهم في إنعاش فرص السلام المتعثر باليمن، ويقود لخطوات بناء ثقة أوسع.

وفي حال لم يتعرض اتفاق تبادل الأسرى لأي عراقيل خلال الأيام القادمة من قبل أي طرف، فسيكون أول تقدم جوهري للأمم المتحدة في اتفاق ستوكهولم الذي تم توقيعه منذ نحو عامين، ولم ينفذ أي من بنوده حتى الآن.
وقد تقود عملية تبادل ناجحة للأسرى والمحتجزين، إلى تحقيق تفاهمات جديدة فيما يخص باقي الملفات الإنسانية والاقتصادية بين الحكومة الشرعية والحوثيين.

اتفاق جنيف وإيقاف الحرب
من جانبه يستبعد الصحفي والمحلل السياسي وديع عطا، حدوث انفراجة في الأزمة اليمنية حتى لو نجح اتفاق الأسرى والمعتقلين، قائلاً إن هذه الخطوة "جاءت بالأساس بعد جولات فاشلة في هذا الملف".
ويقول في حال تم تنفيذ الاتفاق، فهو في الأساس "محاولة من جريفيثس لإحراز أي تقدم يمكن أن يتفاخر به، في ظل الفشل السياسي الذريع في مختلف الملفات والتي أبرزها ملف الحديدة".

وعن ربط ملف المعتقلين والأسرى ونجاحه ليكون مقدمة لمشاورات لإنهاء الحرب، يقول عطا: "من تتبع بسيط لتاريخ الأحداث منذ الانقلاب في سبتمبر 2014، سنجد أن الآلاف اختطفوا من منازلهم قبل الحرب أصلاً، لذلك ما يجري حالياً من تفاهمات في ملف الأسرى خطوة يمكن تحقيقها ميدانياً دون الحاجة لاستعراضات جريفيثس الذي يريد أن يبدو بطل المشهد".

ويعتقد، في سياق حديثه، أن هذه الجولة من المفاوضات "تمت لتحرير الأسرى السعوديين والسودانيين بدرجة أولى"، مضيفاً: "وإلا لو كان للشرعية فعلاً قرار لكان الصحفيون والقيادات السياسية الأربعة (قحطان ورجـب وناصر والصبيحي) أولوية الإطلاق وفقاً لتفاهمات سابقة".

فيما يتفق شاكر أيضاً مع ما طرحه عطا من أنه "من البوادر غير الطيبة والمؤسفة في هذا الملف أيضاً بقاء الصحفيين، وهم الصوت المدني ورسل السلام الحقيقي، في غياهب السجون والتعذيب"، إضافة إلى أنه يرى أيضاً "أن المبعوث الأممي مارتن جريفيثس يهدف إلى توظيف مثل هذه الخطوات والإجراءات المتأخرة جداً في متطلبات السلام الحقيقي المبني على المرجعيات الثلاث إلى دعاية لجهوده ومهمته الأممية في اليمن".

خلافات سياسية وانقلابيون
منذ بدء الحرب في اليمن، تتمسك السعودية التي تقود التحالف العربي بضمانات دولية وإقليمية لأمن حدودها الجنوبية مع اليمن ومنع جماعة الحوثي من إطلاق الصواريخ الباليستية على المدن والمنشآت السعودية.
أما الحكومة اليمنية فهي أيضاً تتمسك بدعم سياسي من دول التحالف بأن يكون قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 إطاراً أساسياً لأية مفاوضات سلام مع جماعة الحوثي التي ترفض هذا القرار الداعي إلى نزع أسلحتها والانسحاب من الأراضي التي استولوا عليها بعد سبتمبر 2014.
في مقابل ذلك، تتمسك جماعة الحوثي بعدم نزع أسلحتهم من جانب واحد وضمانات بالتزام دولي وإقليمي بحقوقهم السياسية في أية حكومة تتشكل في مرحلة ما بعد إحلال السلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى