قمر عدن

> معاذ مدهش الشرعبي

> في هذه الساعات البطيئة الخاوية من كل شيء عدا الأجواء الحارة يصبح الشارع صديقك، شوارع عدن الهادئة ليلا وخاصة ذلك الهدوء الذي يبرزه الوجه المناقض للنهار حين يغرق في صخب عال؛ أشياء كثيرة تتغير في مساء عدن، الضجيج يتحول إلى عزف كلاسيكي، زوامير السيارات تصبح مُحَبّبة عكس أدائها في النهار. وأجمل شيء أنك لا تجد ازدحام الباصات عند الفرزة كما في النهار حيث يمكنك مشاهدة الشوارع منتظمة عكس إيقاع النهار.

هناك بجانب جولة القاهرة تجد أُناس عاطلون أو بالأصح تائهون مثلي تماما، أحدهم يمسك قصاصة جريدة ممزقة كثياب ذاك الرجل النائم على الرصيف، وآخر يبحث عن موجة إخبارية تُبث من الراديو المربوط في عنقه. عندما ترى بداية شارع "الشيخ عثمان" يستيقظ فيك الجانب المنسي من الحياة، تنبعث روائح البخور العدني لتملئ المكان؛ هنا ترعرع الروائي "حبيب السروري" كان للبيئة أثر في كتاباته.

الزقاق الأول مكتظ بالعابرين، باعة الملابس يبتسمون في وجهك ويمقت بعضهم بعضا، أزواج مستقبليون يتجولون، إضاءات خافتة تتلصص من نوافذ البيوت. في منتصف الشارع تخف حركة المتجولين، صوت ينادي "باغة طري كمل جازع" هنا سوق السمك رائحة المكان أكدت لي ذلك، مشيت بسرعة سمك القد لأخلص من الرائحة.
قبل منتهى الشارع يتجسد جامع النور إذ يبدو للناظر أن هذا المسجد شهد تاريخا مفعما بالحياة. خطوات قليلة يتاح لك بعدها النظر لتلك الشجرة المضاءة مع سماع صوت أغنية من الزمن الجميل هنا مقهاية الشجرة أُناس بسطاء مثقفون يتحدثون بعقلانية البعض يلعب الشطرنج ومنهم من يقرأ وآخر منسجم مع صوت "فائزة أحمد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى