ضريبة الخُمس تشكل أساسًا تشريعيًا لإعادة الاستعباد الاجتماعي

> «الأيام» غرفة الأخبار

> قال مركز صنعاء للدراسات في ورقة بحثية حديثة نشرت بتاريخ 8 من الشهر الجاري إن ضريبة الخُمس تشكل أساسًا تشريعيًا لإعادة الاستعباد الاجتماعي، والانقسامات الطبقية، والتمييز العنصري بشكل رسمي.

وأشار المركز إلى أن ذلك يجري من خلال تفضيل فئة الهاشميين والحوثيين على غيرهم من باقي السكان اليمنيين.

وأوضح المركز أن هذه الضريبة تسهم في إنشاء اقتصاد سياسي طائفي يهدف إلى زيادة التفاوت في الثروة، ويزيد من انقسام المجتمع الممزق أصلًا.

ودعا المركز إلى ممارسة الضغط على الحوثيين لإنهاء ضريبة الخُمس سيئة الصيت، وتفكيك الهياكل والأنظمة والسياسات الموازية لهياكل الدولة، التي درجت عليها المليشيا منذ بسط سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014م.

وفي يونيو 2020، أصدر ما يعرف بـ "المجلس السياسي الأعلى" التابع للجماعة، القرار رقم 24 - الذي لم يُنشر نصّه رسميًا للعامة، ولكن أجزاء منه سُربت عبر الإنترنت - ووصفته سلطات الحوثيين بأنه نسخة محدّثة من قانون الزكاة لعام 1999، لكنه في الواقع يتضمن تعديلات جوهرية وإطار قانوني غير مسبوق لتحصيل الزكاة. ويختلف القرار – حسب المركز - عن قانون الزكاة لعام 1999 الذي لا يتضمن تفاصيل دقيقة عن معظم جوانب التفسير والتنفيذ، إذ يتضمن جزءًا واسعًا عن الخُمس، ويفرض ضريبة بنسبة % 20 على العديد من الأنشطة الاقتصادية من بينها قطاعات المعادن، والنفط، والغاز، والمياه، والصيد البحري.

وأضاف أن الهيئة العامة للزكاة ستصدر قرارًا لاحقًا بتنظيم عملية تقرير وتحصيل واحتساب الخُمس، الذي وُزع على ستة أسهم (مستفيدين)، مع تحديد الهاشميين كمستفيدين أساسيين.

السهم الأول هو لله، ويقصد بذلك أن يُنفق في "المصلحة العامة" للمسلمين، أي المستشفيات، والمدارس، وطباعة الكتب الدينية، والمناهج الدراسية، ودعم الجيش. الثاني "للنبي محمد" ويذهب إلى ولي الأمر، أي الحاكم، وهو في هذه الحالة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، المخوّل بالتصرف بالأموال كما يشاء. ويعطي القرار الأولوية للهاشميين في الفئات الأربع المتبقية وهي: ذوي القربى، ويتامى المسلمين، ومساكين المسلمين، وابن السبيل (أي المسافر الذي تقطّعت به السبل وليس معه ما يكفيه).

أثار القرار موجة انتقادات واسعة، ووصف عدد من النواب الموجودين خارج صنعاء والمتحالفين مع الحكومة اليمنية -في بيان- هذه الخطوة بالعنصرية، مضيفين أنها خرق فاضح للمواثيق الدولية.

كما قالت هيئة علماء اليمن -في بيان- إن القرار باطل شرعًا وقانونًا، وأضافت بأنه مخالف لنصوص الدستور الذي يكرس المساواة بين جميع اليمنيين، وذريعة لنهب 20 % من أموال الشعب اليمني.

كما أشار مركز صنعاء للدراسات إلى أن أحاديثه مع ومصادر وأشخاص في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون منذ صدور القرار أكدت رفض شبه شامل لهذه الخطوة، لكنهم لم يعربوا عن رفضهم له علنًا؛ خشية العواقب.

نسخ فرض سلطات الحوثيين للخُمس في اليمن النظام المعمول به في إيران من بعض النواحي. ففي الماضي، كان الخُمس مصدر دخل أساسي لرجال الدين الإيرانيين، ومع ظهور مرجع التقليد (أي عالم إسلامي يرشد العلماء الشيعة ويقودهم) في القرن التاسع عشر، تركزت إيرادات الخُمس في أيدي هذه السلطة. أما في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 فقد تغيّر مفهوم مرجع التقليد مع تغيّر شكل الدولة، حيث أُعطي الولي الفقيه المسؤولية المطلقة عن الشؤون الدينية والسياسية، وبالتالي تحول الخُمس في إيران إلى مورد يتركز في يد المرشد الأعلى، ومن خلاله، في يد الدولة.

وذكر المركز في فقرة بعنوان الاستغلال الاقتصادي الطائفي ومؤسسات الحكم الموازية أن الاقتصاد السياسي للطائفية بدأ في الظهور تدريجيًا في اليمن لتثبيت الهاشميين كفاعلين مهيمنين في البلد منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء. فبعض اليمنيين من الهاشميين الزيديين في محافظة صعدة، كانوا يعدون أنفسهم غرباء في ظل الحكم الجمهوري.

ويساعد هذا في تفسير سبب دعم العديد من الهاشميين للحوثيين، كونهم يرون في إعادة تشكيل الحوثيين للنظام القديم والرغبة في العودة إلى العديد من المفاهيم الأيديولوجية للإمامة، تطور إيجابي.

شكّل إنشاء اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين والإعلان الدستوري الذي تلى ذلك في فبراير/شباط 2015، المرحلة الأولى من إجراءات الحوثيين التكتيكية للاستيلاء على الدولة وإعادة تشكيلها ونزع الطابع المؤسسي عنها.

ومن بعدها، جاء تشكيل "اللجان الشعبية" وشبكة المشرفين الحوثيين ليخلق نظامًا موازيًا لمؤسسات الدولة الرسمية. ورغم استمرار الجهات الرسمية في تمثيل الدولة، كانت عملية صنع القرار -في الواقع- بيد المشرفين والموالين للحوثيين، أي خارج إطار نظام الدولة. وبما أن هذه المؤسسات الموازية تعمل خارج النظام القانوني الرسمي، أمسى التسلسل الهرمي للدولة عديم الفائدة وغير فعّال.

ساعد تحالف صالح والحوثيين على تسهيل جهود الأخيرين الرامية إلى اختراق الموارد التجارية والاقتصادية لحزب المؤتمر ودمجها تحت سيطرتهم في نهاية المطاف، وتعاونت شخصيات حوثية بارزة مع نخب من دائرة صالح لإدارة واردات الوقود إلى شمال اليمن عبر ميناء الحديدة، وبعد مقتل الرئيس السابق في ديسمبر 2017، دُمجت 14 شركة مستوردة للوقود لا تخضع لسيطرة الحوثيين إليهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى