المتمدنون في عصرنا الراهن

> حسين فروي

> ليس بين اليمني وبين أن يأخذ من إخوانه اليمنيين لقب الشاب العصري أو الإنسان الراقي، إلا أن يصقل جبهته ويفتح فمه للابتسام المتصنع، ويقوس يده للسلام المصطنع، ويكثر من المدنية عن ذكر المدنية الغربية وشؤونها، ثم يزعم أنه أرقى الناس أدباً وأحسنهم أخلاقاً وأرقهم نظراً في إدراك سقطات الناس وعثراتهم وتحليل طبائعهم وغرائزهم، ثم لا يحول تمدينه هذا بينه وبين أن يكون فاسقاً ينتهك الحرمات، أو مدمناً يترامى على أعتاب الحانات، أو أحمق لا يصفح عن ذنوب ولا يفض عن هفوة، وسفيهاً يشتم حتى مرؤوسيه وأخوه ووالده وأستاذه، أو وقح الوجه لا يستحي لمكرمة ولا يستعدي لمروة، وشحيحاً لا يشرك صاحبه في مطعم ولا في مشرب ولا يفتح بابه لضيف زائر أو طارق جائر، زاعماً أن التمدن شيء وذاك شيء آخر. إن كان حقاً ما يقولون بأن التمدن يصقل الطباع الخشنة، وينير النفوس المظلمة، ويهذب الأخلاق الجافية، فكثير ممن ندعوهم متمدينين متوحشون، وكثير من نسميهم همجيين مهذبون. لو كان لي أن أكتب لمحو الفساد في هذا المجتمع الإنساني والقضاء على شروره وآثامه لما حركت يداً ولا جردت قلماً؛ لأني أعلم أن طلب المحال عثرة من عثرات النفوس وصلة من ضلالات العقول.

لكني في الأخير أطلب مطلباً واحداً هو أن يهذبوا قليلاً من هذه المصطلحات التي أنسوا فيها، والعناوين التي جمدوا عليها، فلا يسمون المنافق تقياً ولا المتوحش هادئاً، حتى لا ينزع محسن عن إحسانه، ولا يستمر مسيء في إساءته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى