رائحة الأم

> معاذ مدهش الشرعبي

> مع آخر قطعة ثياب غسلتها أمي بيدها تمر الأيام وأنا محتفظ بها خلافاً عن غيرها، أفتح الكيس وأشمها ثم أترك سبيلها. أنفضها في الهواء ولا شيء سوى الغبار "وذري المشاقر يسقط منها".

أغطي بها وجهي وقت الضيق وكأنها وثيقة ثمينة تركها نبي لأبناء ملته.

معاذ الشرعبي
معاذ الشرعبي
قد تكون الرائحة مزعجة للبعض، لكنها محببة بشكل كبير بالنسبة لي الآن.

رائحة "الغنم والهرد الأصفر".

ما منعني من لبسها: العلامة الواضحة المطبوعة عند الكتف "بقعة صفراء لأصابع يد" تأكدت أنها أصابع أمي لأني رأيتها قبل أن أسافر تضع الثياب بالكيس ووجها مخضب بالكركم الأصفر ولا امرأة سواها بالقرية ما تزال تضع الهرد في الوجه.

لو كنت بالقرية ورأيت تلك العلامة كنت سأرفع صوتي، وسأغضب ككل مرة.

والآن أهب الموقف غلاف اشتياق حزيناً فأبدو بصورة مثالية مغايرة لواقعها الأصلي.

كم نبدو أنقياء بحضرة الغياب. نتدثر بلباس الملائكة ونفر بالشيطان بعيداً.

رائحتك يا أماه بوصلة توجهني كما تشاء مثل ما تريدين أن أكون.

لكني عاق تجاهك وتجاه نفسي، سامحيني يا أماه أنا كاذب معكِ! أقول إني أصلي كل الفروض إلا أنني مهمل لبعضها، حتى أنتِ يا أمي لم أحادثك منذ أسبوع، منذ أخبرتني أن أبي يهذي كثيراً ولا ينام.

قلت لك ساعتها: لا تلقميه حبته المعتادة دعيه يتحدث مع الغيب، اتركيه يناجي زمانه لعله فقد شيء ما.

وانقطع الاتصال بيننا! قطعت الكلام وتركتك يا أماه غير آبه بك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى