صحتك في خطر!

> بنظرة بانورامية لحياتنا، سنكتشف أننا نعيش في متاهة من الغش "المسرطن"، غش في المواد الغذائية، غش في الخضروات والفواكه، غش في الأسماك وفي اللحوم، غش في الاختبارات، غش في ميزان الأخلاق، إلى آخر قائمة حياتنا المغشوشة بفعل فاعل.

* و كنت أظن - و بعض الظن ليس إثما - أن "كربنة" الفواكه التي أصبحت بلا طعم ولا رائحة، و"بودرة" القات والخضروات آخر درجات الغش في وطن اللادولة، لكنني تأكدت أن الغش ينخر عظامنا و ينهش لحمنا ويسرق صحتنا بالتقسيط المريح.

* وأصل الحكاية أن الصيدليات - في الجنوب - تبيع لنا أدوية مستوردة بلا ضوابط، أدوية خطيرة مغشوشة ومزورة، وهو ما يعني بالتبعية أن الدواء الذي نشتريه من الصيدليات المناوبة مصدر للداء، وهو بالفعل أكثر خطورة من لحوم أو أسماك مسمومة أو فواكه و خضروات "مكربنة".

* مواطن غلبان التقيته، فبادرني قائلا: يا ابني الدواء الذي أشتريه لم يعد ذا فاعلية كما كان قبل ست سنوات، هل المشكلة في مناعتي أم في الدواء نفسه؟

* قفزت قضية الغش الدوائي إلى رأسي بنفس سرعة سقوط التفاحة على رأس نيوتن، ففي ظل غياب نظام الأمن الدوائي وغض النظر عن فحص كل ما هو مهرب ومستورد، يتم إغراق الصيدليات بأدوية تبدو شكلا مطابقة للأدوية غير المغشوشة، لكنها في الباطن أدوية خالية في الغالب من المواد الفعالة، أو أنها تحتوي على كميات بسيطة من تلك المواد، وهنا ينقلب المنتج المستورد المغشوش من علاج إلى سم يتجرعه المواطن، ربما دون علم الصيدلاني نفسه، بحكم أن مهنة (الصيدلة) هذه الأيام على قفا من يشيل، ومن ضاقت به سبل العيش يفتح له صيدلية والأرزاق بيد الوهاب.

* أتفق معكم أن قضية الغش في الأدوية المهربة قضية شائكة ومعقدة، تقودها "مافيا" دولية تبحث عن التربح في البلدان المضطربة سياسيا، حيث الرقابة غائبة والإجراءات القانونية نائمة، لكن هذا لا يعني أن تتفرج وزارة الصحة على مسلسل الغش الدوائي بكل هذه اللامبالاة، إلا إذا كان هدف تجارها "خصخصة" الشعب لدواعي تتجاوز تحديد النسل.

* ومن مظاهر الغش الدوائي تغليف العبوات أو الأشرطة المنتهية الصلاحية بأغلفة أو عبوات جديدة بتاريخ قديم، وما يجعل هذه الأدوية السامة والمغشوشة تغرق الصيدليات غياب الإدارة المركزية عن القضية برمتها، في حين يقتصر دور وزارة الصحة على التحذير "بكلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد".

* وطالما والغش يحاصرنا من الجهاز الهضمي إلى الجهاز الإخراجي، فهذا يعني أن وسيلة الانتحار بأنشوطة أو حبل وسيلة تقليدية ليس فيها تشويق وإثارة هتشكوكية، ففي الصيدليات وسيلة رومانسية أكثر فاعلية تقودك إلى "سكة اللي يروح ما يرجعش"!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى