ليّ الذراع بين البرلمان والحكومة يثير مخاوف الكويتيين

> الأيام" متابعات

> ا يبدو أن حالة الانقسام التي تعيشها الكويت منذ سنوات بين البرلمان (مجلس الأمة) والحكومة ستتوقف في ظلّ استمرار البرلمان في خيار الدفاع عن استمرار نمط الرفاهية، ورغبة الحكومة في إجراء إصلاحات عاجلة هدفها الرئيسي تقليص الإنفاق ولو قاد الأمر إلى تقشّف قاس من أجل السيطرة على الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط ومخلفات جائحة كورونا.

ويحاول البرلمان الكويتي الجديد دفع الحكومة للتركيز على جهود مكافحة الفساد بدلاً من المضي قدما في الإصلاحات المالية، ما يوحي بأن العلاقة بين البرلمان والحكومة الجديدة، التي أعيد تكليف الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح برئاستها، ستكون امتدادا للتجاذبات الماضية.
ورغم التجديد الذي طال البرلمان بنسبة تفوق الستين في المئة، فإن لا شيء يوحي بوجود تهدئة بين الطرفين خاصة مع نجاح المعارضة في زيادة ممثليها قياسا بالبرلمان السابق، وصعود عدد هام من ذوي المواقف المعارضة من إسلاميين وغيرهم إلى قبّة البرلمان.

ويقول متابعون للشأن الكويتي إن التجاذبات السابقة بين البرلمان والحكومة كانت في وضع مختلف كليا، ووجد لها الكويتيون مبررا، وبعضهم رأى فيها دليلا على رسوخ تجربة الكويت في الديمقراطية. لكن الأمر مختلف الآن، فالصراع بين الطرفين يأتي في وضع اقتصادي ومالي صعب، ويحتاج إلى توافق بين البرلمان والحكومة للخروج بقرارات تساعد على مواجهة الأزمة.

ويراهن الكويتيون على نجاح أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والبرلمان، ومنع تكرار سيناريوهات السنوات الماضية.
ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط. ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما والذي رفضه البرلمان السابق.

وتعتبر الكويت من بين أغنى دول العالم بالنسبة إلى دخل الفرد الواحد، بالمقارنة مع دول أخرى غنية بالنفط، فإنها عادة ما تنفق أكثر على الدعم والرواتب العامة والمزايا ذات الصلة.
وقد أدى انخفاض عائدات النفط إلى عدم قدرة الحكومة الكويتية على دفع الرواتب وغيرها من الالتزامات دون زيادة الإيرادات أو الاقتراض. وقد يستفيق الكويتيون في قادم الأشهر على حقيقة عجز الحكومة عن توفير الرواتب بشكل منتظم، وهو ما أشارت إليه وسائل إعلام محلية، محذرة من تراجع السيولة في ظل أزمة أسعار النفط.

وتعتزم الحكومة حلّ هذه المعضلة من خلال مشروع قانون من شأنه أن يسمح لها بالاقتراض. لكنّ التجاذب السياسي في البرلمان أعاق إقرار قانون الدين العام الذي طال انتظاره في الأشهر الأخيرة، وهو ما يرسل بإشارات سيئة إلى الجهات الدائنة بشأن قدرة الحكومة على التعهّد بالتزاماتها.
وقد شهدت الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية انخفاضًا بنسبة 55 بالمئة في الإيرادات الحكومية، ما أجبر الحكومة الكويتية على النظر في مقترح الاقتراض وتخفيض الإنفاق من أجل موازنة ميزانيتها المعتمدة على عائدات النفط.

وإذا استمر البرلمان في عرقلة قانون الدين العام فقد يكون هناك تأخير في دفع الرواتب والعلاوات، ممّا قد يؤجّج اضطرابات اجتماعية غير عادية في البلاد وبالتالي الضغط على البرلمان.
مع العلم أنه يتم تخصيص 70 في المئة من ميزانية الكويت للبدلات والإعانات والمزايا ورواتب القطاع العام، وهو ما يعني أن تعطيل مشروع قانون الاقتراض في البرلمان قد يعيق مساعي الحكومة للإنفاق على تلك الخدمات.

وكان وزير المالية براك الشيتان، خلال مداخلة له في جلسة لمجلس الأمّة السابق، (النواب) قال إنّ “الإيرادات النفطية في انخفاض شديد، وهناك زيادات في العجز جاءت بسبب زيادة المصروفات على الإيرادات”.

وعلى المدى الطويل ستعمل الحكومة الكويتية على المهمة الأكثر تعقيدًا والمتمثلة في تقليص النفقات وتنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية من أجل منع الأزمات المالية في المستقبل، ما يجعل الصدام مع البرلمان أمرا مستمرا، ما قد يؤدي إلى حل البرلمان مرة أخرى، وإجراء انتخابات جديدة، وهو ما قد يسهم في المزيد من تأخير الإصلاحات واستمرار الأزمتين السياسية والاقتصادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى