تفاهات !

> هناك فارق كبير بين الهجوم والنقد، فارق يمكن تلخيصه في حاسة من يسير بأصابع يديه على سلك رفيع وصولا إلى منطقة وسط بين التهويل والتهوين.

* الحديث عن الهجوم أو التهجم مسألة عبثية لا طائل منها، لأنها تكرس أفكارا مغلوطة بمنتهى الشخصنة.

* مشكلة الإعلام السياسي بالذات مع قضايا وطنه، أنه دائما مسير و مجبر لا مخير، لا يملك القدرة على التوجيه أو تسمية الأمور بمسمياتها، لذا تتوارى وجهات النظر النقدية القائمة على تغليب المصلحة العليا أمام الاستماتة في الدفاع عن أحزاب أو حكومة أو كيانات مهما كان موقع خطئها الإعرابي من سبق الإصرار والترصد.

* لم يعد الإعلام السياسي يوجع وزيرا أو مسؤولا أو مديرا. للإعلام السياسي فرسانه الذين يرهنون ضمائرهم في رؤية حزبية، و يتحولون إلى أبواق دعاية تهلل لحزب، الخسارة عنده بطعم الموز وقراراته دائما برقوق و لوز.

* الإعلام السياسي تابع لا يضع علاقته بالأحزاب موضع الند للند، لهذا يتعامل فرسانه مع قضايا الوطن و مشكلاته على أنها تفاهات ومن صناعة معارضة لا ترى إلا النصف الفارغ من كوب الإنجازات.

* من أهم مبادئ علم الاجتماع، أن المصائب الكبرى في أي مجتمع بدايتها تفاهات صغرى، ولعل هذا المبدأ ساهم في تكدس و تجمع التفاهات إلى أن أصبحت مصيبة كبرى، تقف الحكومة اليوم أمامها عاجزة بلا حول ولا قوة.

* خذوا مثلا: تركت الدولة في وقت من الأوقات أفرادا قبليين يبنون بعض العشش في عدن، على أساس أن هذه العشش شيء بسيط يمكن قلعه ببلدوزر عندما تظهر الدولة العين الحمراء للباسطين العشوائيين، لكن الواقع كان كارثيا بحق.

* لقد أصبحت تلك العشوائيات التافهة مصيبة عظمى لا حل لها بعد أن توغلت في هوية المجتمع، فأصبح أمر إزالتها ببلدوزر مخاطرة شعبية قد تتسبب في انتفاضة لا يحمد عقباها.

* لاحظوا أن الدولة نفسها تعاملت مع بناء بعض المصانع الصغيرة في أبين على أنها حاجة تافهة، لكن هذه الحالة التافهة التهمت مساحة زراعية شاسعة، كما تسببت في تلوث بيئي خطير جعل المحاصيل الزراعية كعصف مأكول، أين الإعلام السياسي الجاد من التصدي لمثل هذه التفاهات التي باتت جزءا من هوية مجتمع أقرب إلى نظام الغاب؟

* اللهم ألهمنا الصبر على تحمل تبعات التفاهات الدراكولية، وألهم قيادات هذا الوطن التعيس عقولا تستشعر خطر الذين علموا "الرباح" أكل التفاح!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى