غطيني وصوتي!

> يمكننا أن نعطي عدن الكثير، لكننا نكتفي بالكلام الفارغ والمليان، ندعي وصلا بعدن لكن حبنا لها يأتي دائما مصلوبا تحت ذريعة العين بصيرة واليد قصيرة.

* عدن فوق مستوى الأحزاب السياسية المتناحرة التي تخنقها بقدرة "غادر" بحثا عن مكاسب ذاتية، وعدن فوق كل الصراعات الممسرحة، وفوق كل شعارات التجويع الممنهج، وفوق كل مشاريع "دلع كرشك"، وفوق مستوى استنساخ تجربة تدوير نفايات من اغتالوا مدنيتها ذات يوم، وفوق مستوى كل حكومة مارقة تسعى للتدمير بحجة التغيير.

* عدن تستقبل حكومة المناصفة بوجوه تعتليها غبرة وترهقها قترة، فالتجارب السابقة كانت مريرة لها مذاق الموت، فميدانها ينضح بلاعبين من خارج الحدود، يضغطون على أنفاسها، ويقطعون عنها الماء والهواء والكهرباء والطعام، فهل تنتصر حكومة ولدت من رحم أزمة مفتعلة أن تضع عدن أولوية قصوى فوق مستوى النفس التي لا تقنع والبطن التي لا تشبع؟

* مشكلة السياسيين مع عدن أنهم يحبونها على طريقة الدب الذي قتل صاحبه من العشق، ومشكلتنا نحن الغلابى مع عدن أننا نعشقها بالأماني، ننتظر أن تلد لنا بين الحين والآخر معجزة، ولا تتحول تلك الأمنيات إلى فعل أو عمل، مع أننا نردد دائما أن الدنيا تؤخذ غلابا.

* عدن غنية فوق ما تتصورون، غنية بمكانتها كرائدة في جميع المجالات، غنية ببساطة أهلها وناسها ومقيميمها الذين يعيشون على الستر، غنية ببحرها الذي سحر عيون العرب والعجم، غنية بأسواقها وبكل ما تنتجه أرضها الطيبة، غنية بالأيادي الماهرة والعيون الساهرة والأصوات الفنية البارعة، غنية بحنانها و جنانها وقناعة سكانها كمدينة سلام تجمع ولا تفرق.

* عدن منكوبة سياسيا منذ زمن بعيد، لم نستفد من غناها وصيتها كلؤلؤة لبحار العالم، انتظرنا من عدن الخوارق ونحن نبصق التمبل على خدها ونشاهد مسلسل السطو على أراضيها من قراصنة النهار ولصوص نص الليل، بسلبيتنا وسكوتنا عبثنا بها وبجمالها ونحن نغرق شوارعها بالنفايات والقمامات والبالوعات. تركناها للعشوائية والمظاهر السلبية تنهش في لحمها و ترابها كل ثانية، وجلسنا نتفرج واضعين أيدينا على خدودنا.

* كلنا نحلم بعدن جميلة، نغضب لها، نزعل عليها، نسخط من واقعها، لكن هل فكر أحدنا أن يحول غضبه و سخطه وزعله من شكوى إلى فعل و عمل؟
* ينقص عدن في هذا الزمن الذي هان فيه كل شيء العمل والمبادرات الذاتية، فمن ينتظر من حكومة تحلتها العقارب والثعابين عملا خارقا الأفضل له أن ينام على مقولة "سعد زغلول" : غطيني يا صفية وصوتي.

* عدن يا حضرات بيت للملهوف و دار آمن للخائف والمجزوع، وطن للإنسان الهلوع، لا موطئ قدم في أرضها للإنسان الذي يطغى، هي كما عهدها أسلافنا مائدة رحمن منزلة من السماء تغني وتسمن جوع.
* عدن عانت الكثير وتحملت الكثير من ظلم ذوي القربى، وهي اليوم بحاجة إلى مصالحة شاملة لأجلها ولأجل شعبها الجنوبي المترب. دعوا عدن أيها السادة السياسيون فوق كل خلافاتكم وتناقضاتكم ورؤاكم الضيقة ومعارككم الاقتصادية ومصالحكم الرمادية، دعوها وطنا لنا جميعا أمس واليوم وغدا!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى