​أولويات الحكومة العاجلة

> عصام عبدالله المريسي

>
ضمن بنود الشق السياسي من اتفاقية الرياض تشكيل حكومة مناصفة، يجب أن تتسم بالائتلاف والتمازج واقتراب الرؤى والتقاء الأهداف التي من أسمى غاياتها الخروج بالبلاد من مأزق التشرذم والتمزق، ووقف نزيف الصراعات الداخلية التي أدت إلى تأخير الحسم العسكري في الحرب التي أغرقت البلاد في دوامة التبعية للغير، حتى صارت البلاد مطية لكل من لديه رغبات في استنزاف خيرات البلاد والنيل من استقرارها الأمني والاجتماعي.

وصول الأطراف المتنازعة إلى ما يشبه الحل رسم خطوطا عريضة أمام المواطن، كي يتأمل المرحلة القادمة التي يطمح في تحقيقها، وهي مرحلة البناء، لا مجرد محاصصة حزبية وقبلية ومناطقية لاقتسام السلطة. وتبقى الدائرة مغلقة على السياسة بين الشد والجذب وتحقيق المغانم الشخصية بعيدا عن تحقيق طموحات المواطنين، الذين أصابهم القنوط من تحسن الأوضاع في ظل استمرار إعادة تلميع صور وشخصيات متهالكة في نظر الشارع، وأعني الشارع الجنوبي، لأن الحكومة، وإن شملت شخصيات شمالية ليس لديها أي ثقل سياسي، في ظل استمرار خضوع مناطق الشمال لسيطرة الحوثي، وعدم حسم الحرب التي باتت حلقة مفرغة غير واضحة الهوية والمعالم.

مع كل ما يتحفظ به على تشكيلة الحكومة المجرب معظم شخوصها في حكومات سابقة، أثبت الواقع فشلها وضيق رؤاها ومحدودية أهدافها واعتمادها على حصول المغانم وترك الأوساط الشعبية تعيش المغارم دون مد يد العون من خلال الواقع الذي لمس في مراحل ماضية.
حالة الاستغراب والدهشة تعم الشارع على الإصرار على دفع شخصيات قد نبذها الشارع وأحس بعد فاعليتها، لماذا كل ذلك التكرار الممقوت لمثل تلك الشخصيات الفاقدة لشعبيتها الجماهيرية، بل أصبحت مذمومة اجتماعيا ومعرض لسخرية وازدراء المواطن.

نأمل من الحكومة المفترضة والمختارة سلفا بنظام الكونترول أن تعرض برامج إسعافية تحاول من خلالها مص غضب الشارع الجنوبي على ما عاناه، لأن شمال البلد يعيش تحت مظلة الحوثيين الذي أكسبهم السكوت الدولي وعدم التعرض لهم وتصنيفهم كجماعات متمردة إرهابية صفة الشرعية المبطنة غير المعلنة.
فماذا ينبغي على الحكومة التي ستدير شؤون المحافظات الجنوبية فعليا؟ من الأولويات التي يجب أن تكون قبل كل شيء هي توحيد الكلمة، ورص صف الحكومة والتنزه عن المصالح، والبعد عن المحاصصة، والتمازج الحقيقي بين المكونات، ثم العودة الأكيدة لممارسة المهام على الواقع، لا أن تكون مجرد حكومة افتراضية تكتفي بزيارات تفقدية موسمية، فكيف للمواطن أن يستشعر الاستقرار والسيادة وحكومته لا تستشعر الأمن ولا تعيش حالة الاستقرار، ثم عليها، فورا، بحث حلول استقرار العملة وتفعيل دور البنك المركزي، ومحاربة كل مظاهر التلاعب بالعملة، وقبل كل ذلك تحقيق الأمن الذي لن يكون إلا بتوحيد القوات العسكرية والأمنية وخضوعها لقيادة واحدة.

وعلى قوى التحالف رفع يدها وإطلاق العنان للحكومة لممارسة مهامها بعيدا عن الوصاية والتبعية، كل ذلك إذا كانت هناك الرغبة الحقيقية في الاستقرار والخروج من فوهة الفراغ السياسي والصراعات الحزبية التي خلفها التفكك بعد الحرب، وإحالة الأمور إلى الفرق المتنازعة، ثم النظر في الحالة المعيشية المتدهورة للمواطن، وصرف المرتبات المتخلفة لقوات الأمن وقطاعات الخدمة المدنية، وهيكلة الأجور ومقتضيات الحال، ومعالجة مشاكل التوظيف، وحلحلة قضايا الخدمات من خلال تسويات تكون في استطاعة المواطن كقضايا الكهرباء والمياه، وكل ذلك لا يكون بمجرد الوعود، ولكن من خلال برامج وخطط قصيرة وطويلة المدى يحس المواطن بصدق التنفيذ لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى