وا محفوظاه!

> مالحة هي الكلمات في فمي، و مريرة هي مفردات الرثاء في حلقي، العبارات صارت أكثر شيخوخة من أبجديات اللغة الهرمة، لا أصدق أن الموت خطف العزيز (محفوظ محمد محفوظ) غيلة، دون وداع ودون إنذار مسبق.
* ليس مهما يا (محفوظ) منصبك الرفيع في بلاد خلقت فقط لتنعي أمثالك، فمنصبك في قلوبنا جميعا كان أكبر من رتبة نائب مدير، و كان أكبر من كل النياشين التي تزدان بها بدلتك.

* أبكيك أخي (محفوظ) بحرقة قلب مثقوب من الألم، وأرثيك هنا بكل جوارح التراجيديا الحزينة. لم تعد العصافير تغرد في حقل قلبي، لم تعد أحلام السنونو تهتم بالربيع، فقد كان فراقك صدمة هزت كيان عدن حبيبة قلبك الساكنة في قصر أعمالك التي ثقلت موازينها.

* مجلسك في (الأيام) يئن و يتأوه ويتوجع، هنا كانت بشاشتك وعفتك وطهارتك ولسانك الذلول، هنا الأماكن تنعاك وتبكيك قهرا و كمدا، هنا يكبر حزني حتى أصبح أشجارا، هنا قلوب من كانوا يستأنسون بعذب كلامك تجلطت فيها الدماء، هنا الدمع الهتون يسكب على مجلسك حتى بلغ سيله زبى العويل الذي لا تنقطع أصداؤه، هنا ديوانك يتداعى ويتصدع ويهتز لرحيلك الموجع ووداعك المفجع.

* رحل (محفوظ) غدرا في رابعة النهار، استشهد في حادث غادر وهو يدافع عن عدن حتى آخر قطرة دم، كتب ملحمة الوداع وهو يسطر في مطار عيوننا تاريخا حافلا بالتضحيات، غادر (محفوظ) وهو يدافع عن كرامة عدن، وعن أحلام أهلها، وعن حياة شعب مغلوب على أمره، غادر وتلك الابتسامة تهزأ من أعداء عدن وطيور الظلام، نال المرجفون أعداء الحياة من جسد (محفوظ)، لكن (محفوظ) انتصر في معركته الأخيرة، فقد رحل وعدن محفوظة في قلبه وفي وجدانه وتحت مسامات جسده الطاهر، آخى ترابها وقد رواه من دمه النازف شرابا لسلمها وأمنها وسلامتها. هنا ستنبت شجرة الحرية من دماء (محفوظ)، و سينجلي ليل "أبرهة" و سيزول كابوس "إرياط" وستبقى شجرة "محفوظ" أصلها ثابت وصامد على تراب الحق، وفرعها في السماء يعانق التضحية والفداء.

* لك يا من كان لك من اسمك نصيب، سنسأل عنك موج البحر وفيروز الشطآن، سنراك في ظل غيمة مشبعة بالغيث، سيحكي لنا المد والجزر والريح والنوء القوي في موته وفي بعثه عن (محفوظ) عدن الذي صان الأمانة وغادر بقلب متبول ومهموم بعدن.
* يا عدن نستودعك محفوظ أمانة، ضمي رفات ابنك البار، لفيه بزندك، فقد نقش حبه لعدن على جبالها وصخورها ورملها، وفي كل قلب عدني صار تذكارا لصبح جديد يتنفس من مسامات (محفوظ) ورفاقه الأبطال الذين قهروا الظلام وليل الخفافيش.

* هكذا كنت يا (محفوظ) تحلم بقبر يأوي رفاتك، و ببيت صغير يستوعب مكارم أخلاقك، ها قد التحفت الضباب، وعدن تأويك أمانة في ثراها، سحب البحر الزرقاء تداعبك، و نسيمها العليل يغطي ليلك العاري.
* سيحكي عنك التاريخ يا (محفوظ)، سيدون تضحيتك وسيكتب سيرتك بدمع محبيك ولوعة خلانك وهيام أصدقاء ينتظرون بدرك في الليلة الظلماء، ستسمو فوق جراحنا وستعلو فوق أوجاعنا، وستبقى أفقا لا يسد، ووحيا يسبح في ملكوت الله فوق أبراج الغمام. لك الرحمة، ولنا الصبر والسلوان، و إنا لله و إنا إليه راجعون!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى