* ثوار "نفسي.. نفسي"!

> عندما يغرق المفهوم الثوري في انتهازية "نفسي... نفسي"، فإن الثورة تتحول من فداء وتضحية إلى صراع مرير على السلطة والثروة وإقصاء الآخر، حيث لا مكان تحت الشمس للكفاءة والخبرة والشهادة العملية وحسن السيرة والسلوك.

* أنظر بعمق مواطن طالما خدعته الأوهام البراقة والشعارات الحراقة إلى الأحزاب وكيانات البلد السياسية، فأقتنع أكثر بأن النخب السياسية من هواة و محترفين و"محيرفين" عبيد حاجاتهم.

* أتأمل في أخبار وشخصيات هذا الزمهرير المتجمد في مشاعره، والملتهب في أحداثه السياسية، فيراودني يقين أن الكرسي والمصلحة الخاصة وحوالات التمويل الخارجي هي غاية كل سياسي "زناط" امتطى صهوة قضايانا فنال مبتغاه.

* وليت الأمر يقف عند إطعام هذا الشعب الصابر الأوهام والشعارات الثورية البراقة، لكن منسوب هذا التكاذب السياسي يشفر المشاعر، ويستدعي القفز على الأسوار والنفخ في مخلفات المجامر.

* في هذا البلد المتشظي ثلاث سلطات تحكم: سلطة المناطقية وسلطة الحزبية السياسية وسلطة المحسوبية، ويا بخت من له ظهر يستند عليه في السلطات الثلاث، أما الحديث عن الوطنية والكفاءة والخبرة في موسم التكاذب، فهو حديث يذكرك بأسطورة النعامة التي لا هي طير مع أن لها جناحين، ولا جمل مع أن لها شكل الجمل.

* الجنوب اكتوى كثيرا من نار المناطقية والمحسوبية وفساد إقصاء الآخر، وكان عندي إيمان بأن النخب السياسية الجنوبية ستستوعب خطورة تسييس الوظيفة وتفخيخها بالذوات المنتفخة، لكن يبدو أن تلك النخب لا تقرأ ولا تسمع ولا ترى ولا تتعلم من التجارب.

* لا زالت الوظيفة العامة والمناصب المرموقة، في زمن الاستقطابات السياسية سيئة السمعة، حكرا على أحزاب مصابة بعمى الفساد والمناطقية، فهذه القوى، بالإضافة إلى بعض القوى الثورية الجنوبية، تختزل قضية الوطن في كرسي، وترى الوظيفة أضيق من أن يحتلها رجل نزيه أو كادر خبير في مجاله.

* أتمنى على النخب الجنوبية التي تدعي أنها حامية لحقوق الشعب أن تخرج من جلباب المحسوبية والمناطقية، وتنظر إلى النصف الملآن من كوب القهوة، ما لم، فإن ديكور الادعاء المصلوب على حائط المبكى سيحيل القضية إلى مزاد علني مفتوح أمام الهبر والهبر المضاد.

* يمكن للنخب الجنوبية المتحالفة مع الحكومة الجديدة، و حتى الخارجة من مكسبها، أن تتحرر من تداعيات هذه الدوامة وتكبح جماح النفس اللوامة، بوضع ثوابت لشغل الوظيفة وفقا لمعايير واضحة تضع الفواصل بين رجل خبير يخدم الملايين، وآخر جاهل (متحزب) لا يساوي ملاليم.

* إذا كانت النخب الجنوبية يهمها الدفاع عن معايير الكفاءة وقواعد النزاهة بشفافية ومصداقية، يجب أن تتصدى لمشروع حكومي بتشكيل هيئة عليا لمكافحة المحسوبيات، ومجلس أعلى لمحاربة المناطقية وإقصاء الآخر، و كفانا عبثا بمشاعر العباد سكان هذه البلاد!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى