بلا ملامح

> معاذ مدهش الشرعبي

> يحدثنا دكتور علم النفس أن "التفاصيل الصغيرة مهمة ولا بد للإنسان أن يهتم بها أينما كان سواءً بالعمل، العلاقات، الدراسة" يشرع الطلاب بتقديم أسئلتهم باحثين عن أدق التفاصيل بخصوص ما قال، يؤكد لهم أن مداخلاتهم هي بحد ذاتها عبارة عن اهتمامهم بالتفاصيل وهذا ما يقصده، ثم بدأ يفتش عن تفاصيل تخص الطلاب.

لم تمر بي أبداً أي تفاصيل قد تهمك لأتذكرها عزيزي الدكتور، ولا أعطي الأشياء حقها من التفاصيل ولو الشيء القليل! ليس من الآن فحسب، بل منذ أن ذهبت أول مرة لشراء الخمارات لراعيات الجبل، كنت أجد صعوبة بالغة في تمييز الألوان، لم أرَ دم الغزال مسبقاً لآتي بلون مثله، ولم أمسك السماء يوماً لأقارنها باللون.

أرى تفاصيل أيامنا معلقة عند بائع الصحف كل صباح يا دكتور، تفاصيل الموت لا غير، تفاصيل الانفجار الذي سمعنا دويه في المساء، وتفاصيل الأب الذي قتل أبناءه بسبب الفقر، وعن الأطفال النازحين القابعين في الجولات، وتفاصيل كثيرة تحمل طابع الجوع والموت.

أهذا يعنيك عزيزي الدكتور؟ عملت في خياطة العباءات قبل سماعي محاضرتك بثلاثة أعوام، لكني كنت كسولاً بخصوص التفاصيل، تلك التفاصيل المتعلقة بالشغل الذي تتحدث عنها، فكنت أتناسى زرّاً هنا، وفِصّاً هناك، ومرات كثيرة أترك ربطة الصدر التي من دونها تعتبر العباية جسد بلا روح بالنسبة للفتاة، كانت التفاصيل تخلق جواً عكراً أمامي، ولهذا أنا أمامك كائن بدون ملامح أو تفاصيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى