الرأسمالية المتوحشة!

> حيدر العطاس فقط يمكنه أن يأخذ كلامي على محمل الجد، فالشرعية التي نستظل تحت ظلالها، وربما (ضلالها) تدير (المحرر) بعقلية التجار، لا بعقلية الشراكة الوطنية.

* أصبحت الحكومة الجديدة في حيرة من أمرها، و كأنها مثل (خراش) الذي تكاثرت عليه الضباع فلم يدر ماذا يصيد؟

* يريدون رئيس الحكومة والسادة الوزراء في حكومة (المناصفة) مجرد شقاة أو عمال بالأجر عند من يدير الشركة من خلف الستار.

* بالطبع هناك فارق ضخم بين إدارة شركة خاصة، وإدارة دولة بكل مؤسساتها الحكومية والأهلية.

* تبدو الشرعية للوهلة الأولى مختطفة من مافيا و تجار الرأسمالية المتوحشة التي تقوم على مبدأ خصخصة القرار السياسي، بحيث يبدو الجنوب المحرر (شركة) خاصة تنسجم مع القرارات الصادرة من مطابخ التوحش اللاإنساني.

* لاحظوا معي أن توحش الشركة المسيطرة على مفاصل الشرعية تضخ مؤيديها إلى ملاعب الوزارات، فيكون ولاء الوزير و المدير و الوكيل والوكيل المساعد والبواب لمن يدير الشركة ويتحكم في إيراداتها.

* لست هنا ضد الرأسمالية المتوحشة أو الرأسمالية المعتدلة، ولو كان القرار قراري لاخترت رأسمالية بالمهلبية، لكن هذه الحرب التي قلبت النظام العائلي أنتجت نظاما إقصائيا جديدا يغيب عنه شيء اسمه العدالة الاجتماعية.

* تصوروا معي بالمقاس الذي يعجبكم أن ما تبقى للجنوب المحرر من اقتصاد يستحوذ عليه مجلس شؤون القبائل التابع لمطابخ الشركات، ولا عجب عندما يتحكم تاجر بعينه في المناقصات، ولا عتب عندما تجد آخر يسيطر على ميناء الحاويات، ويتحكم في أسعار النفط والديزل والسلع الغذائية، والحجة في ذلك (غامقة)، لأن الحكومة السابقة أغرقت العملة في بحر التعويم الرأسمالي المتوحش.

* تدهورت الحياة المعيشية للمواطن في ظل سياسة (الشركات) الاحتكارية، و نامت التنمية في حضن جشع التجار، وأصبح التعليم بمخرجاته بلا هدف ولا عائد. ماتت القيم وشاعت فوضى الأسعار و تقلبات العملة التي تسير من سيء إلى أسوأ.

* الذين يديرون المناطق الغنية بالنفط بنظام الشركة الخاصة (تفرعنوا) على الموطن، في ظل غياب الرقيب الحكومي الجاد وانعدام الرؤية الوطنية، فهم في زمن الحبل على الغارب ينتجون لنا رأسمالية (دراكولية) تدر أرباحا فلكية عجز (أوناسيس) عن تحقيقها.

* أعود للباشمهندس حيدر العطاس الذي يفهمها وهي طائرة، وأقول له إنه سياسي بارع يعلم أن تزاوج المال والسلطة والنفوذ وتحالف بعض التجار مع رجال البيروقراطية الحاكمة، أنتج لنا شركة متوحشة تسيطر على كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، فأين هذا الوطن الذي تدعي الشرعية أنه هدفها؟

* لن أخوض في صراع الأجنحة بين الشرعية والانتقالي؛ لأن لكل طرف هدف مضاد للآخر، لكنني أرى أن المرحلة الانتقالية الصعبة التي تخنقنا بها (شركات التوحش) بحاجة إلى رأسمالية حنونة تتفاعل مع مشاكل المواطن، و تسعى إلى خلق وعي اجتماعي جديد بدلا عن تجار يشترون الحناجر والألسنة والذمم في المسيرات الكيدية برخص التراب.

* عزيزي العطاس قل للرئيس: إن التنمية الحقيقية تبدأ من تحرير الاقتصاد من الشركات الاحتكارية، و تفكيك أوصال مافيا تجار (الجيوب)، فهل يمتلك (الرئيس) رؤية وطنية لإخراج الجنوب المحرر من جشع جيوب الرأسمالية المتوحشة؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى