سبعينية في مواجهة السرطان والفقر وإعالة 3 أسر

> :تقرير/ فردوس العلمي

> كثرٌ هم من تحملوا مسؤوليات أكبر من سنهم وقاسوا ظروفا سيئة منذ نعومة أظافرهم، فكرهوا الحياة في انتظار صافرة تعلن نهاية الرحلة المضنية ليستريحوا في الأخير.. استراحة محارب يلتقط أنفاسه قبل أن يغادر، فلا رغبة له حتى في خوض العراك مجددا ومواصلة السباق مع الحياة، لكن المحزن أنه لم يكن هناك مقعد مخصص لهم حين الاستراحة، فإلى جانب ما حملوه من هم أحنى قاماتهم وخط جراحه في ملامحهم، هم لا يزالون يحملونه لا خيار متاحا لهم غير مواصلة السير إلى ما شاء الله.

المسنة سلمى كليب تقاسي في حياتها مرارة الظروف، ورغم تقدمها في العمر تجوب الشوارع وهي في العقد السابع من العمر، ليقينها أن أحدا لن يمد لها رغيفا يابسا إن بقت في المنزل، فولد عمها الذي تعده ولدها، لفارق السن بينهما، قد أكل السرطان جسده إلا أنها تجتهد لتوفير الشيء اليسير لمساعدته، تحدثت معي بألم عن وضع ابن عمها وما يتكبده من ألم بسبب السرطان وقالت: "العين بصيرة واليد قصيرة، ابن اعمي يعاني مرض السرطان وكل جسمه غدد سرطانية، لم يعد العلاج يفي بالغرض، فرغم جرعات الكيماوي التي يأخذها انتشرت الغدد في كل جسمه".

وأوضحت أنه على ذلك الحال منذ ثلاث سنوات وكل يوم تزداد حالته سوءا أكثر من ذي قبل، "رحلاته الأسبوعية إلى مستشفى الصداقة باتت همّا يثقل الكاهل إلى جانب المرض والفقر".
وفاجأتني الخالة سلمى بقولها إن ابن عمها المريض متزوج ولديه ستة أبناء، "كان هو المعيل الوحيد لهم، أما اليوم فأبناؤه رغم صغر سنهم يعيلون والدهم ويعملون بالأجر اليومي ليحصلوا على قوت يومهم ويوفروا علاج والدهم".

وتابعت: "أرى ابن العم يزيد وجعه عندما يشاهد أبناءه يحملون عبئا ثقيلا وهم لا يزالون مقبلين على الحياة، انشغلوا عن أنفسهم ومستقبلهم بتوفير لقمة العيش وتكاليف العلاج".

عندما استمعت لها وهي تتحدث عن ابن عمها خُيّلَ لي أنها بلا أسرة وأن اهتمامها بابن عمها من باب رد الجميل أو كونها تشعر بأنها والدته أكثر من كونها ابنة عم، لكنها قاطعت شرودي بقولها "من يرى مصائب غيره تهون عليه مصيبته".. ولما رأت دهشتي قالت: "نعم يا ابنتي أنا وأسرتي أيضا لدينا هم". أنصت لها وتركتها تتحدث عن أسرتها وهمها الثقيل "لدي ولد شاب عمره 35 سنة كان في المصحة النفسية فهو يعاني من مرض نفسي منذ سنوات.. كان ابني يعمل في السلك العسكري والمرض الذي أصابه كان يجعله يتهجم على زملائه وعلينا في المنزل، لذا اضطررنا إلى إدخاله مستشفى الأمراض النفسية لتلقي العلاج".

وأكملت قصتها: "كان في المستشفى يأخذ العلاج مجانا وحين خرج من المستشفى لم نجد غير روشتة علاج وطلبوا مني أن اشتري له العلاج من خارج المستشفى، ما لا تعلمينه أنه هو الآخر متزوج ولديه ستة أولاد وبنت، وهو بلا راتب مثله مثل بقية العسكريين، ومنذ أن خرج من المستشفى أنا أشتري له العلاج كل عشرة أيام، يصل سعر النوع الواحد لخمسة أو ستة آلاف ريال، وهو يعيش حاليا على العلاج".

تساءلت في حيرة ووجع "لمن يجب أن أعطي اهتمامي ورعايتي، ولدي الذي هو الضنى والسند، أم أطفاله، أم ابن عمي المريض وأسرته، أم نفسي التي جعلها الله أمانة عندي؟!".
وتابعت: "أنا وكما ترين لا حيلة لي ولا قوة إلا بالله، والسند الذي كان من المفترض أن ألجأ إليه بعد الله، شاء هو أن أكون سندا له حتى بعد أن خارت قواي وتدهورت صحتي ولم تعد قدماي تحملانني، أفكر لو جلست لأرتاح من يعيل هؤلاء، لذا أحاول التكيف والعيش على قدر الحال".

تراها (بشيدرها) تجوب شوارع مدينة خورمكسر بحثا عن رزق لها وأسرتها وأسرة ابن عمها، تلك المرأة المسنة بحاجة حقا للفتة كريمة من ذوي الأيادي البيضاء لمساعدتها، وإن لم تقل ذلك، فهي تعيل ثلاث أسر، وتحتاج من يوفر لها معونة شهرية أو من يتكفل بالعلاج، أو توفير فرصة عمل لأحد أبناء العائلة حتى تلتقط أنفساها وتعيش ما تبقى من العمر في راحة بال وهدوء واطمئنان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى