سكتة أمنية!

> في أمان الله، أجلس في مكاني منتظرًا نداء الغداء، فإذا بنداء الجوال يسبقه مشيرًا لوصول رسالة عبر أحد التطبيقات، وقد كانت فيديو لشخص يبدو في منتصف العقد الثالث من العمر يمشي في أحد الشوارع التي قيل إنها في مديرية البريقة - دونما تأكيد - يسقط مغشيًا عليه دون سابق إنذار وسط ذعر المارة ودهشتهم وهم يرون الشاب يفترش الأرض في ثواٍن معدودة دون حراك، في حين كان يسير بصورة طبيعية جدًا قبلها دون أن يبدو عليه وعلى مشيته أي عارض أو بوادر مشكلة صحية.

تذكرت، وأنا أتابع الفيديو الذي التقطته إحدى كاميرات المراقبة الخاصة بأحد المحال التجارية، ما فعله اللواء شلال علي شائع الذي كان فطنًا كفاية ليعرف مدى أهمية وجود كاميرات المراقبة بشوارع المدينة التي كانت تعيش ظروفًا أمنية في غاية السوء في أثناء توليه إدارة أمن العاصمة، واتخذ على الفور قرارًا يلزم أصحاب المحال التجارية تركيب كاميرات مراقبة داخل وخارج محلاتهم لغرض فرض الرقابة الأمنية الذاتية، ولمساعدة الجهات المعنية بحل القضايا الأمنية المختلفة، وقد كان ذلك بالفعل، وساهمت هذه الحملة وقتذاك في التخفيف من حوادث السرقة ومستوى الجرائم الأخرى إجمالًا.

حادثة الشاب الذي قيل أن أسمه "أحمد قليقل" - دون أن يكون بإمكاني التأكد أو التأكيد على صحة الاسم - أشعرتني بالحزن الشديد على وضع هذه المدينة التي لا يأخذ صدى الحدث فيها حقه إلا بعد فوات الأوان بالذات، حينما تعلم أن الشاب كان ضحية من ضحايا "الرصاص الراجع" الذي أصبح إحدى أدوات ومسببات موت الفجأة، حاله حال السكتة القلبية والسكتة الدماغية، وباقي السكتات التي تصنف الموت الذي لا يعترف بالتصنيفات، لكننا نصنفه رغم ذلك لنخفف من وطأة صدمة فراق الأحبة الذين قد نفقدهم أيضًا بسكتة (أمنية) ونحن نرى كمية الاستهتار بحياة الناس من الناس أنفسهم -مع الأسف الشديد- لمجرد احتفال بزواج أو ختان أو حتى هدف!

تسعى السلطات الأمنية بأقصى ما يمكنها فعله، وليس كل ما يمكنها القيام به، لفرض قيود وموانع صارمة لمواجهة مظاهر التسلح وما يرافقها من عمليات (تشليح) للأنفس البريئة دون طائل، ومرد ذلك إلى أن السلطات الأمنية التي تتراكم أمامها الملفات، وجميعها ملفات في غاية الأهمية لحياة المواطن، لم تعد تقوى على مواجهة كمية (الجهل) الذي يقتل المواطن أيضًا، حاله حال انعدام الخدمات الحيوية الأخرى، لكنها تبدو مجبرة على الظهور بعد كل عملية مؤسفة من هذا النوع للتذكير بأهمية عدم استخدام السلاح للأغراض الاحتفالية خشية وقوع حوادث محزنة محذرة من أنها ستتعامل مع هذا الفعل برد فعل صارم، لتختفي بعدها من جديد منتظرة حوادث مؤسفة أخرى تكرر فيها ما قالته بالحرف الواحد!

إن الجهات الأمنية التي نراها في كل شارع وقبل وبعد كل مطب من مطبات بلد المليون مطب ليست للحروب فقط، لذا يجب أن نرى أفعالها المجتمعية التي تثبت أنها هنا لمصلحة المواطن وحياته وأمنه وسلامته، ولكم في ما صنعه اللواء شلال في أثناء توليه مسؤولية أمن العاصمة عبرة حينما أمر بإدخال صاحب المناسبة التي أطلق فيها الرصاص السجن قاطعًا الطريق على كل المبررات التي تمنع محاسبة المسؤول عن مثل هذا الفعل، وقد كنت شاهدًا وقتذاك على عدة حوادث من هذا النوع، تمت مجابهتها دون أدنى اكتراث لاسم أو صفة أو وساطات من أي نوع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى