القساوسة يقودون صحوة دينية في بلدة عراقية تستقبل البابا

> قراقوش (العراق) «الأيام» شارلوت برونو:

> عندما تقدم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق عام 2014 سقط ابن مازن شميس ذو الأعوام التسعة قتيلا بقذيفة مورتر. واضطرت الأسرة لدفنه بسرعة قبل أن تفر من المنطقة في الليلة نفسها مع آلاف من أسر مسيحية أخرى.
وبعد خمس سنوات، عاد المزارع مازن (47 عاما) إلى بلدة قراقوش ضمن موجة من العائدين بدعم من القيادات الكنسية لتدب الحياة من جديد في شوارعها الخالية ويعاد بناء البيوت التي هجرها أصحابها بعد أن أصبحت أطلالا على أيدي المسلحين المتطرفين وبفعل الاشتباكات التي أدت إلى إخراجهم منها.

قال مازن وهو يقف في حديقته التي بدأت أشجار صغيرة تنمو فيها "هذه أرضنا. لا يمكن ببساطةأن نتخلى عنها ونهجرها".
وقد عاد حوالي نصف سكان الجيب المسيحي في قراقوش منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 في بارقة أمل نادرة للطائفة التي روعها انزلاق العراق إلى العنف الطائفي بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

وبعد أن كان عدد السكان المسيحيين في العراق 1.5 مليون نسمة قبل حوالي 20 عاما انخفض العدد إلى 300 ألف نسمة الآن ويريد كثيرون منهم الرحيل لأنهم لا يرون أي آفاق لهم في العراق حيث تمثل فصائل شيعية وخلايا نائمة من المتطرفين تهديدا لهم.
وسيزور البابا فرنسيس يوم الأحد المقبل كنيسة الطاهرة الكبرى في المدينة، وهي أكبر كنائس العراق، في إطار جولة تستمر أربعة أيام تهدف لرفع الروح المعنوية وتسليط الضوء على الصعوبات التي تواجهها بعض الطوائف المسيحية.

وتمثل رحلة البابا مصدر اعتزاز كبير لرجال الدين من الطائفة الكاثوليكية الذين قادوا أعمال إعادة البناء وساعدوا الأسر على العودة للبلدة القريبة من الموصل التي كانت العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الأب عمار ياكو القس الكاثوليكي السرياني الذي يشرف على تجديد كنيسة الطاهرة الكبرى في قراقوش منذ 2019 "نحاول أن نبذل أقصى ما في استطاعتنا ... لكن الرب هو من يقرر ما سيحدث لنا".

* إعادة بناء وإحياء
كان رجال الدين بين أوائل من عادوا إلى البلدة وهي المركز الرئيسي في قضاء الحمدانية بعد تحريرها من الدولة الإسلامية.
دخل الأب عمار البلدة مع قوات الأمن عقب استرداد السيطرة عليها وصدمه هول ما شاهده من دمار.

قال "احترق أكثر من 2000 بيت". وتعرضت بيوت أخرى للدمار في الغارات الجوية على المتشددين. ولم يكن بالبلدة مياه أو كهرباء.
كان المتطرفون قد انتهكوا حرمة كنيسة الطاهرة الكبرى كما تعرضت للدمار في حريق. غير أن الأب عمار يشعر بالامتنان لأن بنيانها لا يزال قائما. وقال "بدأت أفكر أننا ربما نتمكن من إعادة بنائها".

ووضعت قيادات كنسية محلية من طوائف مختلفة خطة لتشجيع الأسر على العودة إلى البلدة التي يعيش فيها 50 ألف شخص وجمعت أموالا معظمها من منظمات مسيحية أجنبية غير حكومية.
وقال يوحنا بطرس موشى رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك "قررنا أن نبدأ بإعادة بناء البيوت حتى يتمكن الناس من العودة"، مضيفا أن الكنائس تأتي في مرحلة لاحقة. وتم تكليف الأب جورج جاهولا بهذه المهمة.

وبفريق قوامه 20 فردا تقريبا، بدأ الأب جورج يرسم خريطة للمدينة ويقدر الأضرار ويخصص الأموال لدعم الأسر التي بدأت تعود على استحياء. وتم ترميم أكثر من نصف البيوت التي لحقت بها أضرار.
غير أن أموال إعادة البناء نضبت مما حال بين الأب جورج وبين استكمال المهمة. ولا يزال حوالي 2000 بيت في المدينة خالية وتعارض القيادات المسيحية فكرة السماح لعراقيين من مناطق أخرى بالانتقال إليها.

قال الأب جورج في تفسير ذلك وهو يدقق في خريطة توضح الجيب المسيحي في قراقوش وحوله أراض لطوائف دينية أخرى يشعر السكان المحليون أنها قد تهدد هوية البلدة "إذا خسرنا أرضنا سنخسر هويتنا".
ويأمل الأب عمار أن يتمكن المصلون قريبا من أداء الصلوات بانتظام في كنيسة الطاهرة الكبرى وهي مبنى من الحجارة الرمادية والصفراء له سطح أحمر يميزه عن بقية المنازل المحيطة به.
وفي الآونة الأخيرة، عمل متطوعون على تنظيف المبنى وتزيينه قبل زيارة البابا. وترك المتطوعون آثار الحريق داخل المبنى دون أن يمسوها لتظل تذكارا على هشاشة وضع الطائفة المسيحية في العراق.

رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى