"قهل".. التعليم إلى ثاني ابتدائي والماء على ظهر الحمير

> تقرير/هشام عطيري :

> عندما تحاول الوصول إلى قرية قهل، التي لم تسمع عنها كثيرًا، المهملة في الشمال الغربي من مديرية تبن بمحافظة لحج، ما عليك سوى أخذ دراجة نارية من سوق العند باتجاه القرية مع دفع 1000 ريال قيمة المشوار ذهابًا، وإذا أردت أن تعود ما عليك سوى دفع نفس المبلغ لسائق الدراجة، وذلك لأنك لن تجد هناك وسيلة تقلك إلى المدينة مرة أخرى.

الأهالي هناك يعمل معظمهم في الزراعة ورعي وتربية الأغنام والمواشي التي يستخدمونها لتنقلاتهم، فحركة السيارات في قهل تكاد تكون منعدمة على الرغم من قربها من الطريق العام الرابط بين مناطق الصبيحة وتبن عبر مثلث العند، لكن مشروع هذا الطريق الذي كان قائمًا في عهد علي عبدالله صالح ولم يكتب له الاكتمال لأسباب ربما سياسية.

ويسكن قرية قهل، آخر قرى تبن أكثر من 150 أسرة، تعاني جميعها من الجهل والفقر، إذ أن القرية تفتقر للخدمات الأساسية من مياه وصحة وتعليم.
موقع بئر القرية
موقع بئر القرية

أطفال قهل يتلقون التعليم إلى الصف الثاني من المرحلة الابتدائية في رحلة تعليمية قصيرة بترتها المبان غير الصالحة للاستخدام كمؤسسات تعليمية.
مشروع بئر القرية
مشروع بئر القرية

67 طالبًا وطالبة يذهبون كل صباح إلى مبنى مهجور ليتلقوا دروسهم هناك، وما أن يتخرجوا من الصف الثاني حتى يعودوا إلى رعي الأغنام وجلب المياه من البئر، فالمبنى المهجور يحتوي على غرفتين فقط تم تقسيمها لاستيعاب طلاب الصف الأول والثاني بينما على طلاب الصف الثالث وما تلاه التوجه إلى مدرسة دار السلام الواقعة في منطقة العند.
مبنى مهجور تحول إلى فصل دراسي
مبنى مهجور تحول إلى فصل دراسي

وتلجأ أغلب الأسر إن لم تكن جميعها إلى الدفع بأبنائهم إلى سوق العمل لمساعدتهم في تحمل أعباء الحياة لا سيما وأن رحلة الذهاب إلى دار السلام تتطلب جهد جسدي من الطالب أو ماليا من الأسرة وهو ما ليس مقدورًا عليه في الوقت الراهن في ظل سوء الأحوال التي تعيشها قهل المحرومة من مقومات الحياة.

ولعل حرمان المنطقة من المياه واضطرار الأهالي لجلب الماء من بئر بعيد أحد الأسباب وراء ترك الأطفال الدراسة مبكرًا، حيث تعتمد عليهم أسرهم في توفير احتياج المنزل من الماء بشكل يومي بواسطة الحمير، وهي رحلة صباحية تتصادم مع رحلة الذهاب إلى المدرسة غير الممكنة من الأساس بالنسبة لحالة الفقر المسيطرة على قهل.

فحسب نجيب عبده، أحد سكان القرية، يصل سعر صهريج الماء إلى 10 ألاف ريال، وهو مبلغ كبير جدًا يصعب توفيره من رعي الأغنام.
محسن سعيد فضل معلم في مدرسة القرية، يقول إن مبنى المدرسة غير صالح ليكون فصل دراسي، وإن بعد المسافة إلى المدرسة الأخرى تدفع الطلبة إلى ترك التعليم والاتجاه إلى العمل لمساعدة أسرهم.

وأشار فضل إلى أن 67 طالبًا وطالبة سيحرمون من استكمال دراستهم العام القادم،"القرية تحتاج إلى بناء ثلاثة فصول دراسية على أقل تقدير لتستوعب أعداد الطلبة، المسافة إلى دار السلام أكثر من 4 كيلومتر وتكاليف المواصلات عبء على الأسر هنا".
فكر أهالي قهل في حل مشكلة التعليم إلى أن ذلك أكبر من استطاعتهم، لكنهم بدأوا بحل مشكلة الماء حيث أنهم حفروا بئرًا بالقرب من الوادي كجهد مجتمعي لإنهاء معاناة القرية.

وتواجه القرية مشكلة مد شبكة المياه لتغذية المنازل من البئر "تكاليف مد الشبكة باهضة، على السلطة المحلية والمنظمات وفاعلي الخير التدخل لاستكمال المشروع الذي سينهي معاناتنا وأطفالنا" قال أحد أهالي قهل.

ويؤكد شيخ قرية قهل عارف هامل الاحتياج لتدخل عاجل من قبل الجهات الحكومية لتحسين أوضاع القرية ومنح أبنائها حقوقهم المشروعة، مشيرًا إلى أن مدير عام المديرية كان قد نفذ زيارة إلى قهل اطلع خلالها على أوضاع المواطنين السيئة ووعد بتدخل السلطة المحلية لانتشالهم مما هم عليه وتوجيه المنظمات العاملة في تبن لمتابعة أوضاع القرية.

وقال هامل أن أكثر من 90 قرية تتبع تبن ممتدة على طول الدلتا، تعاني العديد منها من انعدام الخدمات، لكن قهل هي الأشد احتياجًا حسب قوله ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لمدها بالخدمات الأساسية.

لم يطالب أهالي القرية بمطالب تعجيزية، فلديهم مطلبين أساسيين يلحون على تنفيذهما، هما إنجاز مشروع مياه القرية بمد شبكة المياه، وبناء مدرسة يأمن معها حق الأطفال في التعليم الأساسي كأقل تقدير. ودعنا القرية على أمل أن نلحظ استجابة ممن لهم دور في تخفيف معاناة الأهالي هناك، وتحقيق حلمهم بتوفير الماء والتعليم الذين هما في الأصل حقَّين لا جدال في مشروعيتهما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى