ضحايا الألغام.. موت على قيد الحياة

> «الأيام» "منصتي 30":

> أصابت 2321 مدنيًا في مدينة واحدة
"ما حسيت بشي إلا ورجلي جنبي"، هكذا بدأت عفاف من أهل قرية الشقب، بريف محافظة تعز الجنوبي، حديثها عن معاناتها كواحدة من ضحايا الحرب الدائرة في المدينة منذ خمسة أعوام.
منذُ يونيو من العام 2017م وعفاف تعيش بقدم واحدة بعد أن سُرِقت منها قدمها اليسرى، وشوهت يدها ووجهها، بانفجار أحد الألغام الأرضية من مخلفات الحرب التي شهدتها قرية الشقب، والتي تنتشر في الطرقات ومزارع المواطنين هناك.

تواصل عفاف سرد قصتها كواحدة من عشرات النساء اللواتي تعرضن للمخاطر: "بينما كانت دليلة بنت عمي تجلب المياه انفجر اللغم، جريت أنقذها لم أشعر إلا والدم من حولي ورجلي مرمية بجانبي، كنتُ أصيح ودليلة بجانبي تبكي، سحبنا أنفسنا على الأرض لأن المنطقة كلها ملغمة، فيها شبكة ألغام، تجمع علينا أهل القرية بس ما قدروا يسحبونا أو يحملونا من المنطقة اللي أصبنا فيها، ما أحد يقدر يفرق بين المكان الملغم والمكان السليم، وبعدين وصلنا لمكان أمان بعد ما طلعت روحي".

وتعد محافظة تعز، من أكثر المدن اليمنية ازدحاماً بالسكان، وأكثرها تضرراً من الحرب المشتعلة بين القوات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، وجماعة أنصار الله، وقرية الشقب جنوب تعز، أكثر قرى المحافظة معاناة من مآسي الحرب، إذ امتلأت بحقول من الألغام بشكل مخيف، ويتعرض أبناؤها خاصة الأطفال والنساء للقنص المباشر بشكل يومي، فالانتهاكات بحق النساء متواصلة. يهدد القنص والألغام حياتهن، ويمنعهن من ممارسة نشاطهن اليومي.

تتابع عفاف حكايتها: "المعاناة كانت لا توصف، أن أفقد شيء من جسمي وأزحف عشان أنقذ نفسي وما تبقى من جسمي… كانت الأرض اللي أصابتني هي نفسها التي زحفتُ عليها وأنقذتني، وبعدين ما لقينا مكان بالقرية يسعفونا. القرية ولا فيها شيء لا مستشفيات، ولا صحيين، لا يوجد غير وحدة صحية معدمة من كل شيء. صيدلية ما فيها شيء. ومختبر خالي من أي محاليل وأجهزة…".

موت على قيد الحياة
تبعد قرية الشقب التي تعاني من افتقارها للخدمة الصحية مسافة طويلة عن مدينة تعز، يزيد من طول الطريق وعورتها من أعلى قمة جبل صبر حتى المدينة، إلى درجة أن المريض قد يخسر حياته قبل أن يصل إحدى مستشفيات المدينة.

تقول عفاف: "وبعد ساعة دبروا لنا سيارة، وأسعفونا للمدينة بتعز. الطريق كانت وعرة وخطيرة جدا ومكشوفة لجماعة أنصار الله. وفوق هذا كله الطريق أخذ مننا ثلاث ساعات عشان نصل المستشفى. موت على قيد الحياة. وصلت للمستشفى وأنا مش مستوعبة حاجة. ورجعت أتذكر وكأني مريت بحلم.. لما شفت رجلي انصدمت. احترقت، واحترقت كل أحلامي".

معاناة
كثير من نساء "الشقب" فقدن حياتهن أو أجزاء من أجسادهن وتعرضن لمختلف أنواع الإصابات والجروح، بعضهن أضحين يعانين من إعاقات دائمة، جراء الحرب ومخلفاتها. يزيد من معاناتهن تلك غياب البرامج والمناهج المختصة في علاج مثل تلك الحالات، فلا توجد خدمة الاستشفاء لهن في حالات الطوارئ، والتكفل بعمليات بتر الأعضاء والاهتمام بهن بعد خضوعهن للعملية الجراحية.

وأصبحت الألغام المزروعة تشكل هاجساً مرعباً لدى نساء الشقب؛ لكثرة الأرواح التي فتكت بها تلك الألغام، كان آخرها مقتل أسرة مكونة من زوج وزوجة خلال الشهر الماضي، جراء انفجار لغم زرع في وقت سابق حسب مصادر من أهل القرية.
وتستخدم الألغام كسلاح مزدوج خلال الحروب فتكون وسيلة دفاعية في المعارك وأداة انتقام تستخدمها الجماعات العسكرية التي تنسحب من مواقع انتشارها عبر تلغيم الطرقات والشوارع قبل الانسحاب.

وفي بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، 8 مارس الماضي، للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، قالت فيه إن اللجنة حققت في وقائع انفجار الألغام، وإنها تسببت بمقتل 40 امرأة، وإصابة 69 أخريات بإصابات خطرة، سببت لمعظمهن إعاقات دائمة وتشوهات مختلفة، منهن "35" ضحية في تعز.

من جهة، أخرى ذكر المرصد اليمني للألغام أنه "منذ العام 2015 وحتى مطلع شهر مارس الماضي للعام 2021 تسببت الألغام بمقتل وإصابة 3263 مدنيا".
وأضاف أن "عدد القتلى المدنيين الذين تم توثيقهم هو 942 قتيلاً، 223 من الأطفال و217 من النساء و502 من الرجال".
كما تم توثيق إصابة 2321 شخصا بسبب الألغام في تعز، هم 406 من الأطفال و365 من النساء و1550 من الرجال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى