يبلغ عدد سكان اليمن لأخر إحصائية للأمم المتحدة، ما يقارب الـ(30) مليون يمني، وهو بلد كثير الصراعات، خصوصًا مع (بزوغ) فجر الثورتين في الشمال والجنوب، وتحريرهما من الإمامة الملكية في الشمال، والاستعمارية في الجنوب، وتولى كل من الشمال والجنوب قيادات، انتهجت كل منها خطًا بعيًدا عن الأخر، في أوج هذا الخلاص، وبدأت فيما بعد أنماط العسكريين الدوليين تظهر على سطح القسمين الشمالي والجنوبي، وعلى الرغم من محاولات تلك القيادات من ملئ الفراغ، الذي تركته الإمامة في الشمال، والاستعمار في الجنوب، من قبلهما بأدوات وأفكار ونزعات، إلا أن بروز ونشوء عدد من المشكلات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية أدت بها إلى نزاع مستدام على طول، وامتداد الشمال والجنوب، خسر فيها اليمن مقدرات تنموية، وبشرية، لعدم وجود البديل المتوافق عليه، والذي يعزز من استدامة الأمن، والاستقرار؛ بل ويؤمن مسار العمل السياسي، والتنظيم داخل الجبهة السياسية، وهو ما آلت إليه في كل مرحلة من مراحله، إلى مزيد من التدهور، والخذلان لهذا الشعب.

وفي اعتقادي الجازم أن هناك عدم تجاوب، ولا يوجد استجابة لدى تلك القيادات، وأحزابها حتى تتعاطى مع نفسها أولًا، ولا مع المستقلين، ولا تريد تغيير خطوط إنتاجها لترفده بدماء جديدة إلا بعد فوات الأوان.
والطامة الكبرى، وهو سعي النخبة منها، والحاكمة، والتي في الظل، إلى تنفيذ أجندات سياسية، بمظاهر ومكونات سياسية، تعمل على دعمها، لا من أجل التنمية أو تحقيقها؛ بل لتشتيت الجهود، كلما برز نور من بين الظلام، أو حل من وسط الركام؛ لأن الرافعة في الأصل معطلة، أو معطوبة بفعل فاعل.

أيضًا فمن خلال هذا الإنتاج الذي لا يكون فيه عنصر الحسم متوافرًا، وبالتالي يحدث أن هذا النتاج نفسه يكون في مرحلة، وجهد خضوع مستمر للمصالح الآنية والذاتية، لمجموع القوى المتنفذة، والمتمكنة من سيطرتها على جميع النفقات، والموارد والنفوذ، فماذا نتوقع بالنتيجة من قيام مكونات أخرى شبيهة، أو مستنسخة لما تنتجه مستشفيات الإخصاب من أجنة.

إهدار الوقت، والمال، والمقدرات المملوكة للشعب، وأجيال عديدة منه، هو سبب هذا الخراب، وتلك الدوامة التي عليها أن تتوقف، وتبتعد عن المشهد برمته، وتكتفي من الإحلال للعناصر نفسها، وأدواتها، أو أن تكون الساحة للشباب، ليتعاطى مع المتغيرات، دون وجل أو خوف، وتمكينه من القيادة في مجملها، وأن يكون في المستقبل نائبة للرئيس، وأقولها بحق أن تلك القيادات ألحقت العار باليمن أرضًا وشعبًا، لا نُؤمِّن فيهم، وآن الأوان لمصالحهم وأهوائهم بالتوقف عن الدوران.