كم نيرون لدينا هنا؟

> مات نيرون، ولم تمت روما التي أشعل النار فيها، وصعد على تلة عالية يتلذذ بمنظر ألسنة اللهب.
حالة نيرون تلك التي لبسها لم تخلده إلا في الدرك الأسفل من سجل التاريخ، فكان سوءة ذلك الزمان السيئة التي ذهبت مع دورة الزمان، وعاشت روما من جديد، ولبست حلة أزهى وأجمل من السابق.

نيرون ذهب إلى مزبلة التاريخ يجر خيباته وراءه وأمامه وعلى ظهره، وطوق عنقه طوق الخزي والعار.
مات نيرون، بينما روما عاشت حتى اللحظة كأجمل ما تكون المدن والبشر.

روما صمدت وقامت من تحت الأنقاض فتية رائعة الجمال.
اليوم كم نيرون لدينا في هذه المدينة والميناء والبحر والرملة؟

نيرون الظلام وكابوسه الموحش إلى متى يظل جاثماً على صدرك يا جوهرة المدن في سائر الجزيرة العربية.
ألم يكف نيرون الظلام ما تعانيه من حر ولهيب صيفك اللاهب؟

متى يعود النور وينتهي ذلك النيرون البغيض (خرجت، رجعت، قرح الفيوز، راح المفتاح، كمل الديزل.. إلخ).
لك الله أيتها المدينة ولساكنيك الذين تحملوا فوق طاقة البشر.

لشعبك الرحمة واللطف من عند الله بوقت تخلى الشقيق فيه عنك في حين ظننتِ أنه المنقذ، فإذا الحكاية كالهارب من الرمضاء إلى النار.
نيرون الفقر حل وخيم على ساكنيك، وطال بهم العهد ينتظرون زوال وانتهاء السبع العجاف المهلكات.

لكن لا يزال يفاجئهم نيرون الغلاء وتدهور العملة المتعمد، وهروب من عليه الأمر إلى مظلة أعذار متاهة لا تنتهي.

نيرون الرواتب هو الآخر يعمل على الفتك بمئات الآلاف من الأسر، وهو كل أسبوعين يطالعنا بحدوث مكرره. (عملنا ليل نهار ونوشك أن ننتهي من اللمسات الأخيرة لصرف الرواتب، وكم عانينا في سبيل ذلك العمل الشاق، وقريباً سيتم الصرف). أحاديث ممجوجة، ولا يليق بمن كان بمرتبة الإنسان أن يحدث بذلك بعصر كل الأمور تتم فيه بضغطة مفتاح وبلحظات يتم الإنجاز.

إن الإنسان ليخجل أن يقول: إن وضع الإنسان الفلسطيني في الضفة والقطاع بفلسطين يعيش في ظروف أفضل وأجمل من تلك التي تعيشها مدينة عدن.
يؤسفنا قول ذلك، وأن إسرائيل أفضل في معاملتها، على عكس معاملة الشرعية والمملكة، وبكل أسف هذه هي الحقيقة ولا داعي للإنكار، فعدن مدينة منكوبة في كل شيء، ويا ليت نسمع قراراً يعلن للعالم أنها مدينة منكوبة، وتحاصرها نيرونات عديدة، وآخرها كورونا المستجد بطفرته الجديدة.

يا ليت نسمع هذا القرار بتنسيق مع بريطانيا لإصدار قرار يحمي سكان عدن من هذه الحروب المفتعلة من قبل الشرعية والمملكة، ويفوض السلطات فقط مع تعاون دولي بعيداً عن يد الشرعية والمملكة التي عن طريق تحكمها بموارد النفط والغاز خنقت عدن وسكانها، ومن تحت الحوثي يعيشون دون حصار حقيقي، حيث إن الحصار الحقيقي هو هنا في عدن.

يقيناً سينتهي نيرون الشرعية، وستنهض عدن بسواعد أهلها وسلطتها المحلية، وما قرارات المحافظ الأخيرة سوى أولى الخطوات ومن أهمها المجلس الاقتصادي، وفرع بنك مركزي تورد إليه موارد عدن بعيداً عن يد الشرعية وتصرفاتها الرعناء في الاستيلاء على موارد الجنوب وصرفها على طواقم الشرعية المهاجرة، وإرسال الكثير منه كمرتبات لمحافظات هي في ظل حكم الحوثي، بينما أبناء الجنوب محرومون من الرواتب ومن أكثر من تسعه أشهر.

نيرون سينتهي كما انتهى من سبقه، وعدن ستعيش كما عاشت روما، ولنا في الغد القريب أمل نتمنى أن يتحقق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى