صحابة رسول الله.. خبيب بن عدي

> هو خبيب بن عدي بن مالك بن عامر، أنصاري من قبيلة الأوس، التي كان يرأسها سعد بن معاذ رضي الله عنه، وقد عرف بالشجاعة والصبر عند لقاء العدو. وهو من أوائل الذين أسلموا وجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد شهد غزوة بدر، وقاتل فيها المشركين، وأبلى فيها بلاءً حسنا، فقتل الحارث بن عامر بن نفيل، وشهد غزوة أحد، وقاتل فيها قتال الأبطال، وكان من الذين استجابوا لله ولرسوله؛ فهرع إلى حمراء الأسد، على ما به من جراح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاء المشركين بقيادة أبي سفيان، وقد هموا بالعودة إلى المدينة بعد غزوة أحد لقتال المسلمين.

بعث النبي عليه الصلاة والسلام سرية عينا، فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة، علم بأمرهم حي من بني هذيل يقال لهم بنو لحيان، وقد كانوا مشركين وموالين لقريش، فتتبعوا آثارهم في مائة رجل رامٍ حتّى تمكنوا من إدراكهم، وبعد أن حاصروهم عرضوا عليهم العهد والأمان إذا نزلوا على أمرهم، فلم يوافق عاصم بن ثابت، وكان أميرهم أن ينزل على عهد الكفار، فقاتل حتّى قتل سبعة منهم، ونزل ثلاثة منهم على عهد الأمان، كان من بينهم خبيب بن عدي، وقد غدر القوم بخبيب وأصحابه حينما حلوا أوتار قسيهم وربطوهم، ثمّ أخذوهم إلى مكة، فباعوهم فيها، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر، وقد كان خبيب قد قتل أبوهم الحارث في بدر فاشتروه قصاصا لأبيهم، فكان في الأشهر الحرم وقد مكث أسيرا عندهم، وكان يرفض طعام قريش الذي يقدموه له، وكان الله يرزقه بطعام لا وجود له بمكة كلها. يروي أبو هريرة رضي الله عنه عن بنت من بنات الحارث بن عامر كانت تقول: ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب، وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله.

فلما أجمع بنو الحارث على قتله استعار خبيب "موسا" من بعض بنات الحارث ليستمد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي فدرج إليه (دخل عليه) حبا فيه، حتى أتاه الطفل فوضعه خبيب على فخده، فلما رأيته فزعت فزعة (خافت خوفا شديدا) على الطفل، عرف ذاك مني وفي يده الموس، فقال لها خبيب: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذاك إن شاء الله تعالى؛ فأصحاب محمد عليه الصلاة والسلام لا يفعلون هذا.

فحرص خبيب رضي الله تعالى عنه على نظافته حتى قبيل قتله.

بعدها عزم بنو الحارث على قتله، فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم فطلب منهم أن يصلي، فأجابه أبو سفيان إلى ذلك، فصلى ركعتين خفيفتين، ثمً بعد أن أنهاهما، قال لهم: والله لولا أن تظنون أني أخاف من الموت لأطلت في الصلاة. فرفعه المشركون على الخشبة ليقتلوه، وجعلوا يساومونه على إيمانه، فسالوه وقال له أبو سفيان: أتحب أن محمدا مكانك، وأنت سليم معافى في أهلك؟ فقال له خبيب: لا والله العظيم! ما أحب أن أكون في أهلي ورسول الله يشاك بشوكة في قدمه. قال أبو سفيان: ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد لمحمدا.

فكان خبيب أول من سن هاتين الركعتين قبل القتل للمسلمين.

ثمّ أنشد قائلا:

ولست أبالي حين أُقتل مسلما ### على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشـأ ### يبارك على أوصال شلوٍ ممزَّعِ

ثمّ دعا عليهم قائلا: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، وابتهل إلى ربه العظيم قائلا: «اللهم إنا قد بلّغنا رسالة رسولك فبلّغه الغداة ما يصنع بنا». واستجاب الله لدعائه، فبينما الرسول في المدينة، أوحى الله إلى رسوله ما حدث لخبيب. ثمّ توجه عقبة بن الحارث إلى خبيب فقتله.

فبعث النبي عليه الصلاة والسلام المقداد والزبير ليقوموا بإنزال خبيب عن الخشبة التي قتل عليها، فركبا فرسيهما، ومضيا يقطعان الأرض وثبا، وعندما وصلا إليه وجدا حوله أربعين رجلا نشاوى (سكارى) فتمكنا من إنزاله، ثمّ حمله الزبير على فرسه، وقد كان جسد غضا طريا، وعندما أحس المشركون بهما خرجوا في طلبهما، وعندما أدركوهما وقف الزبير وصاحبه ليواجه المشركين الذين لحقو بهم، فقذف الزبير جسد خبيب على الأرض فابتلعته، فسمي بعد ذلك ببليع الأرض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى