مهنة "القبّار" تزدهر في تعز بسبب الجائحة

> تقرير/ هشام سرحان:

> ​زايدت وتيرة حفر القبور أخيراً في مدينة تعز، وسط اليمن، وشهدت انتعاشاً كبيراً وغير مسبوق جرّاء التزايد الكبير في أعداد الوفيات بأوساط المصابين بفيروس كورونا في موجة تفشيه الثانية، ما دفع حفّاري القبور إلى مواجهة الطلب المتزايد عليها وتغطية حاجة المواطنين الكبيرة لها، في المدينة التي تعاني من انهيار شبه تام للنظام الصحي وأزمات حادة في الأوكسجين ومستلزمات الوقاية ونقص في الكوادر الطبية، جرّاء الحرب والحصار المطبق عليها من قبل جماعة الحوثيين للعام السابع على التوالي.
وفاقم تفشي فيروس كورونا من عجز العمّال البسطاء عن الحفر بأدوات بدائية لهذا العدد الكبير من القبور، ودفعهم نحو الاستعانة بمعدات ثقيلة، وذلك لحفر قرابة 40 قبراً بشكل شبه يومي في مقبرة السعيد، إحدى أكبر المقابر، وسط مدينة تعز.

وازدهرت تجارة حفر القبور التي ارتفعت أسعارها أخيراً من 40 ألف ريال للقبر الواحد (50 دولاراً) إلى 80 ألف ريال (100 دولار)، وذلك بالتزامن مع تزايد أعداد الوفيات بالفيروس التاجي الذي سجّل خلال 27 مارس/ آذار، وحتى 23 إبريل/ نيسان من العام الجاري، 255 حالة وفاة، بينها 84 حالة خلال الثلث الأول من رمضان، وذلك بحسب إحصائية رسمية صدرت أخيراً عن مكتب الأوقاف والإرشاد، وحصل العربي الجديد على نسخة منها.

وأكّد مدير مكتب الصحة العامة والسكّان في محافظة تعز، راجح المليكي، لـ"العربي الجديد"  أنّ المكتب سجّل عشرات الوفيات، لكنها تقريبية، في ظلّ تحفّظ المواطنين على الكثير من الإصابات والوفيات في المنازل وعدم إبلاغ السلطات الصحية بها، حتى تتّخذ التدابير الاحترازية وتتتبّع المخالطين، ما يهدّد بكارثة وبائية حذّر منها المليكي. ولفت إلى أنّ وزارة الصحة أعلنت أخيراً تعز مدينة موبوءة ومنكوبة.  

وتتزاحم الجنازات يومياً في المقابر، الأمر الذي يفاقم من مستوى الرعب والقلق في أوساط السكان الذين صاروا لا يتحدثون إلا عن الموت، في المجالس والشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي. وأكّد شباب وناشطون لـ"العربي الجديد" أنّ الموت يحصد يومياً أرواح الكثيرين من المواطنين، وذلك على مستوى الأحياء والأسرة الواحدة، حيث توفي أخيراً التربوي، علي الحميري، ثم لحقه بعيد ذلك بأيام نجله محمد، وذلك إثر إصابتهما بكورونا.

ويقول معاذ الشرعبي، وهو أحد عمّال حفر القبور لـ"العربي الجديد": "هناك تزايد كبير في أعداد القبور التي نحفرها يومياً، وذلك بالتزامن مع زيادة أعداد الوفيات بالفيروس منذ مطلع مارس/ آذار الماضي".
ويضيف: "منذ أكثر من شهر ونصف، لم نعد نحفر بالأيدي، لعدم قدرتنا على توفير العدد المناسب من القبور، خصوصاً في مقبرة السعيد التي ندفن فيها يومياً قرابة 12 شخصاً، لذلك استعنّا بحفّار لحفر 40 قبراً بشكل شبه يومي".

وتجري عملية الحفر في تعز، ثالث أكبر مدينة يمنية، والأولى سكانياً، ومن حيث عدد الوفيات، إمّا برعاية بعض فاعلي الخير، أو بجهود شخصية يقودها العمّال البسطاء الذين لا يتلقون أي دعم من السلطة المحلية ومكتب الأوقاف في المحافظة التي تعاني منذ أسابيع أزمة قبور، جرّاء ازدياد عدد الوفيات بكوفيد 19، ما ضاعف نسبة الإقبال عليها، وفاقم من أسعارها بشكل يفوق قدرة المواطنين على الاحتمال، ويفاقم من عجزهم عن شرائها، في ظلّ تردي أوضاعهم المادية والمعيشية.

ويشير الشاب حسام الشراعي إلى هذا الأمر، وهو أحد المقيمين بجوار مقبرة السعيد، ويضيف: "مع هشاشة النظام الصحي، يحصد كورونا يومياً الكثير من الأرواح، سواء في المنازل أو المرافق الصحية، ما زاد الطلب على القبور وأعجز عمّال الحفر عن مواجهة حالة الموت الجماعي  في المدينة".
ويستهجن البعض الموقف الرسمي المتخاذل، ويناشدون الحكومة الشرعية والسلطات المحلية التحرّك لتدارك الموقف وإنقاذ الناس من الموت وإخراجهم من الواقع المأساوي، وإلزامهم بالحجر الصحي إلى جانب دعم قطاع الصحة ومعالجة اختلالاته كافة، وتوفير قبور مجانية للمواطنين، ومراعاة أوضاعهم المأساوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى