​يا صَديقي.. اليوم أبكيك!؟؟

> يا صديقي … يا ( العميد علي محمد السعدي) اليوم وصلني خبر وفاتك .. اتصل بي اخي عبدالكريم سالم السعدي ، فماتت الأجوبةُ الخَرساءُ في قلبي وما ماتَ السُّؤالْ كُنتُ أحتاجُ أن اواصل النضال معك.. كاد قلبي أن يخرج من بين تلك الضلوع، وانتفض الجسد وكأنها صفعة على وجهى، وكأنها أيضاً رسالة لكل رفاق السعدي.
 
وداعا اخي علي ..
فقد تركت أثر لم تمحيها مرارة النضال وبؤس الحياة، سجون وملاحقات ومحاكمات .. نضال طفنا فيه كل ربوع الجنوب من حوف إلى سيئون والمكلا وشبوة وسقطرى وأبين وعدن ولحج والضالع .. صورتك ملاءت كل هذه المساحة التي حبيتها وفضلت كل شيء من أجلها ... وكانت الصدمة وقتما وصلني خبر وفاتك صباح يوم عيد الفطر .. انها نفس صدمة خبر استشهاد احمد الادريسي واستشهاد اللواء عمر سعيد الصبيحي واللواء أحمد سيف والدكتور صالح يحي سعيد واللواء ابو محمد الحدي واللواء طماح واللواء الزنداني والعميد منير محمود ابو اليمامة والشهيد الشوربجي وأولاده الشهداء ورفيق دربي الفقيد امين صالح محمد وفواز باعوم وقائمة طويلة من الذين فجروا الحراك الجنوبي وقادوه بأخلاق وطنية رفيعة .. أنه نضال طويل يا رفيقي يا اعز الرفاق في قلبي ... نضال قاسي لن يتكرر وفاء وصدق من شارك فيه ... نضال مضى ، قضينا فيه سنوات وكان السعدي توأمي الذي لم تلده أمي، لم نكن نسأل من اين هو أو من اين انا!؟ هو من ابين وانا من يافع .. لم يجمع بيننا الحراك الجنوبي فقط ، بل جمعتنا ثقافة الحراك الوطنية الرفيعة والوفاء وقيم النضال ...

 اليوم زاد حزني وأصبحت لا أجد ما أقول ، لا أجد ما أكتب، هل أكتب عن سيرة حياة مناضل جسور لم يعرفه هذا الوقت كثيرا ، أم أكتب عن مرارة الواقع الذي نعيشه ، وفراق الاصدقاء ، أم أكتب عن بحور الدم التي أجراها الحوثي وعفاش من أوردة الشهداء الذين سقطوا في ساحات الشرف والبطولة في الجنوب.

قد لا أتمكن من حضور جنازة رفيقي السعدي ، ولكني موقناً، أن هذا المناضل الإنسان صاحب الابتسامة ستزفه الملائكة، وكأنه عريساً إلى جنة الخلد، وسيشعه الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وابناء الجنوب الذين ناضل معهم ومن اجلهم ، ورفاقه الذين امتلأت ثقافتهم بكلمات الوطنية والتعايش والتسامح التي نثرها على وجوه كل من عاش معه.

مر يوم العيد حزينا ، وأنا أتذكر اخي ورفيق دربي السعدي ، وأيقنت أن المناضلين الذين يفرشون الأرض سلاماً وتعايشا لايخلدون معنا ولكن تخلد ذكراهم، تخلد سيرتهم العطرة ومبادئهم في قلوب البشر. هكذا كان علي محمد السعدي ابو الشهيد جياب  بشهادة كل من ناضلوا معه ، بشهادة زملاءه الذين تواصلت معهم بعد وفاة اخي السعدي والتقينا ،  ورأيت كيف ارتسم على ملامحهم حزن يكفي لتهتك عضلات الوجه، وجدير بأن يحيا بسببة الإنسان سنوات مريرة، لا يستطيع نسيانه.

وداعا يا رفيق دربي .. وداعا اخي علي .. وداعا
لا نزكيه على الله ....  قال الله تعالى: "واصبر وما صبرك إلا بالله".

أغمضت عيناي وتذكرت رحلتنا الطويلة ... وتخلل مسامعي أصوات الهتافات في المسيرات والمظاهرات والاجتماعات أدركت بعد ذلك أنها اصوات رفاقك الذين استشهدوا أو توفاهم الله ، أو الذين يواصلون النضال كما علمتهم أخلاقه وقيمه ومبادئه ، ناحوا على فراقك اخي السعدي.

ونحن إذ نشاطر اولادك واسرتك هذا المصاب الجلل ونعبر عن بالغ الحزن وعظيم المؤاساة بحدوث هذه  الفاجعه المؤلمة نسأل المولى عزوجل أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا إنه ولي ذلك والقادر عليه ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم

انا لله وانا اليه راجعون

*علي هيثم الغريب ، وزير العدل الاسبق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى